المحامية آمنة ملا حسين… ناشطة في مجال حقوق الإنسان ومستشارة في التحكيم بمركز جنيف للتحكيم الدولي، همها نصرة المظلوم ومعاونته لاسترداد حقه المسلوب، لذا تترافع في مختلف أنواع القضايا إرضاء لضميرها واتباعا لاصول وأداب مهنة المحاماة.
وتؤكد حسين في حوار مع «الخليج» ضرورة التوسع في التحكيم لأنه يمتاز بسرعة الفصل في المنازعات، وعدم التقيد بنصوص القانون الإجرائي مع الضمانات الاساسية للتقاضي، فضلا عن المرونة والسرية والمحافظة على العلاقات الودية بين اطراف النزاع.
وتحذر من ظاهرة حيازة السلاح بكل أنواعه، حيث تمثل خطرا داهما على المجتمع، خاصة مع تنامي ظاهرة العنف، مما ساهم في ارتفاع معدل الجريمة في البلاد وإزهاق أرواح آمنة، مشيرة إلى ان الجرائم الالكترونية بدأت تغزو ساحات المحاكم في الآونة الأخيرة. وهنا تفاصيل الحوار:
< بداية نريد أن نتعرف على سيرتكم الذاتية؟
ـ آمنة احمد علي ملا حسين حاصلة على ليسانس الحقوق جامعة الكويت، وأمتهن مهنة المحاماة من خلال مكتبي ومقبولة أمام محكمة الاستئناف، عضوة سابقة في اللجنة الإعلامية بجمعية المحامين، وناشطة في مجال حقوق الإنسان، ومستشارة في التحكيم بمركز جنيف للتحكيم الدولي.
< لماذا اخترت مهنة المحاماة؟ كيف كان مشوارك معها؟
ـ لأنها مهنة إنسانية سامية فالمحامي يحاول استرداد حقوق المظلوم والدفاع عنه لإظهار حقه، فالمحاماة قضاء واقف ومهمته البحث عن الحقائق وإظهارها أمام القضاء الجالس، وقد عملت منذ قيدي لدى جمعية المحامين وتدربت مدة سنتين وفقا لقانون المحاماة، وشرعت في مشواري المهني المخطط له إلى ان وصلت لما عليه الآن، وأحمد المولى عز وجل عليه.
< ما ابرز هموم المهنة ومشكلاتها؟
ـ هناك بعض العقبات التي تظهر بكل مهنة، فالمحاماة مثل المهن الأخرى، منها على سبيل المثال عدم تعاون بعض الموظفين، وتنصل الموكل من سداد الأتعاب، وعدم تعاونه، وهذه الأمور واردة ويمكن السيطرة عليها.
< ما رأيك في التحكيم، وهل يمكن ان يكون يوما ما بديلا للمحاكم العادية؟
ـ التحكيم هو نوع من انواع الفصل في المنازعات بعيدا عن المحاكم بديلا عن القضاء، لكن ليس في كل المنازعات، وهو مسار خاص استثناء عن المسار العام لحل المنازعات «القضاء» إذ يتيح إمكان مباشرة الفصل في النزاعات بين الأفراد من قبل أفراد عاديين لا يعدون من الهيكل القضائي للدولة، فالتحكيم هو عرض خلاف معين بين الأطراف المتنازعين على هيئة تحكيمية تتكون من محكمين يتم تعيين أعضاء الهيئة التحكيم من قبل أطراف النزاع، وذلك وفق شروط يحددونها لتفصل تلك الهيئة في ذلك النزاع بقرار يفترض أن يكون بعيدا عن التحيز لأي من أطراف النزاع، ومن المعروف أن التحكيم يطلق عليه بعض الفقهاء القانونيين «القضاء الخاص»، وذلك لانه لا يدخل في تشكيله، أي في تشكيل محكمة التحكيم، سلطان الدولة ونفوذها برغم تطبيق قوانينها، فيرأس محكمة التحكيم محكمين وليسوا قضاة.
ويمتاز التحكيم بسرعة الفصل في المنازعات وعدم التقيد بنصوص القانون الاجرائي، قانون المرافعات المدنية والتجارية، والتقيد بمشارطة التحكيم اتفاق التحكيم، وما ورد بباب التحكيم في نصوص القانون والقواعد التي تتعلق بالضمانات الاساسية للتقاضي، فضلا عن المرونة والسرية والمحافظة على العلاقات الودية بين اطراف النزاع.
< ما الأسباب الحقيقية وراء تفشي ظاهرة العنف في المجتمع من وجهة نظرك؟
ـ يلزم ايضاح مفهوم العنف، وبعد ذلك نعدد أسبابه، فالعنف هو سلوك عمدي موجه نحو ماهية هدف، سواء كان لفظيا أو غير لفظي، ويتضمن مواجهة الهدف الآخرين ماديا ومعنويا مصحوبا بتعبيرات تهديدية وله أساس غريزي، وهناك تعريف آخر، ألا وهو أن العنف هو آفة اجتماعية سلبية تؤدي إلى نتائج سلبية بسلوك معنوي أو مادي يرافقه قوة وإلحاق أذى بالآخرين.
< وما الأسباب من وجهة نظر سيادتكم؟
ـ الأسباب مختلفة منها ما هو مرتبط بطبيعة المجتمع، ومنها ما تعد من الدوافع العامة، فهناك دوافع ذاتية وهي التي تنبع من ذات الإنسان ونفسه والتي تقوده نحو العنف الأسري، وأخرى اقتصادية وهي تفريغ شحنة الفقر التي تنعكس آثارها بعنف على رب الأسرة، لما يتحمله من أعباء الإنفاق على الأسرة وخلافه من الأعباء المالية الملقاة على كاهله والملزم بها، وأخرى اجتماعية من العادات والتقاليد التي اعتادها المجتمع، وهذه تتناسب طرديا مع الثقافة التي يحملها المجتمع، خصوصا الثقافة الأسرية، فكلما ازدادت ثقافة المجتمع ووعيه تضاءلت هذه الدوافع.
فالأسرة هي المؤسسة الاجتماعية التي ترمي إلى إنشاء اللبنة المساهمة في بناء المجتمع، وتتكون من الزوج والزوجة والأبناء فالعنف سلوك مكتسب يتعلمه الفرد خلال أطوار التنشئة الاجتماعية والأسرة عليها العاتق الأكبر في تزيين السلوك الحسن للأبناء وتقبيح السلوكيات الخاطئة وإرساء القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة والعفة وتهيئة الظروف المعيشية الملائمة لهم والتي تمكنهم من العيش بهناء.
وهذا العنف هو الأكثر فتكا بالمجتمعات من الحروب والأوبئة الصحية؛ لأنه يقضي على أساس المجتمع ولبنته ويؤدي بدوره إلى وهنه، ولعل من مسببات هذا العنف الضغط النفسي المتولد من طبيعة الحياة العصرية اليومية، وكذلك تدني وانهيار القيم والمكانة الاجتماعية، فضلا عن ذلك تعاطي الكحول والمخدرات ومن بعده الأمراض النفسية والاجتماعية لدى أحد الزوجين أو كلاهما، واضطراب العلاقة بينهما والتي بدورها تؤثر على الطفل، لبنة المجتمع وقوامه.
< وهل للعنف أشكال في رأيك؟
ـ نعم، فهناك العنف الجسدي، وهو استخدام القوة الجسدية بشكل متعمد اتجاه الطلاب في المدارس من أجل إيذائهم وإلحاق الضرر بهم كوسيلة عقاب غير شرعية، ما يؤدي إلى الآلام والأوجاع ومعاناة نفسية من جراء تلك الأضرار تولد في الكبر آثارا عنيفة وخيمة لا تحمد عقباها.
والعنف النفسي العاطفي ويكون من خلال عمل أو الامتناع عن القيام بعمل، وذلك وفق مقاييس اجتماعية، كالإهانات بالسب والشتم والتخويف والترهيب والوعيد والصراخ، ومعاملة الطالب مثل المتهم… ذلك كله يؤثر في نفسية الطالب، ما يولد لديه العنف من الصغر.
والعنف الأيديولوجي، وهو محاولة فرض الآراء على الآخرين بقوة، واعتبار آراء الآخرين ناقصة وغير مكتملة النضج، والعنف التواصلي ويكون من خلال التأثيرات السلبية التي يتعرض لها الطالب في أثناء التعليم حال تواصله داخل الفصل مع الطلاب أو مع غيرهم، وغياب الحوار بين العناصر المكونة للمنظومة التعليمية، فيصبح الحوار عنفا تواصليا بمعنى أن الطالب لا يستطيع التعبير عن أفكاره وتصوراته ما يجعل من الصعب عليه تقبل آراء أساتذته والإدارة والآراء المقابلة، وذلك يولد عنفا بداخله لعدم إفراغ ما به من شحنة وطاقة كامنة يلزم أن يخرجها الطفل حتى لا تتحول في مرحلة لاحقة إلى عنف.
< وهل هناك أسباب خارجية له من وجهة نظرك؟
ـ نعم، فهناك أسباب سياسية، مثل الأوضاع في البلدان العربية، بلاد ثورات الربيع العربي، وكذلك ما يحدث من ممارسات قمعية لأطفال فلسطين، اقتصادية مثل الظروف المسكن والمأكل، فذلك كله له أدوار في أسباب أو مسببات العنف.
< ظاهرة حيازة السلاح ما رأيك فيها؟ وكيف تقيمين حملة جمع السلاح؟
ـ ظاهرة حيازة السلاح بكل أنواعها انتشرت في الآونة الأخيرة؛ إذ إنها باتت تمثل خطرا داهما على المجتمع، خاصة مع تنامي ظاهرة العنف مما ساهم في ارتفاع معدل الجريمة في البلاد، بل إزهاق أرواح آمنة مطمئنة، خاصة من يستخدمونه في الأعراس والمناسبات، وكذلك استخدمه البعض في غير محله، ورغبة المشرع في مواجهة ظاهرة انتشار حيازة الأسلحة بغير ترخيص، فقد اعد قانون خاص بشأن تنظيم جمع السلاح للحفاظ على الطمأنينة داخل المجتمع، بما يؤثر على مصالح الكويت مع المجتمع الدولي، وإلى التوفيق بين ضمانات حماية الأفراد وحرمة المساكن واعتبارات المصلحة الوطنية العليا للبلاد.
< وكيف ترين الحملة؟
ـ حسنا فعل المشرع باقرار هذا القانون، كما ان وزارة الداخلية تقوم من خلال أجهزتها المختلفة بدورها في توجيه المواطنين والمقيمين إلى تسليم ما لديهم من أسلحة خلال المدة المحددة بالقانون، بل أنها من خلال الجهاز الإعلامي لها قامت بنشر الوعي التثقيفي بين المجتمع على ضرورة إنهاء هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع حماية لأمن واستقرار البلاد والعباد، بل وفرت خدمات استثنائية خلال فترة السماح هذه بانتقال أفرادها إلى الإفراد بناء على اتصالاتهم لرغبتهم في تسليم ما لديهم من أسلحة، وذلك مواصلة لمجهودات وزارة الداخلية في حفظ الأمن والأمان للمجتمع في ظل الأحداث الإقليمية الحاصلة في الدول المختلفة، ومن هنا يلزم الضرب بيد من حديد على أيدي المجرمين المخربين لأمن واستقرار هذا البلد الغالي.
< بحسب تقرير فاتف فإن الكويت خالية من غسل الأموال فكيف ترين هذا الأمر؟
ـ في غضون عام 2010 خضعت دولة الكويت للتقييم المتبادل لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والذي أسفر عن بعض أوجه قصور في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لديها، وعلى اثر ذلك قامت الحكومة الكويتية ببذل جهود مكثفة للارتقاء بالتشريعات والنظم القائمة لمعالجة هذا الأمر، وذلك من خلال إصدار حزمة من التشريعات القانونية والقرارات الوزارية والتعليمات من الجهات ذات العلاقة الرقابية، ما ساهم في تعزيز نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأصدرت مجموعة العمل المالي «فاتف» المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بيانا أكدت فيه تلبية الكويت للتعهدات التي سبق إبرامها في العام 2012 لتعزيز نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث غطى القانون رقم 106/2013 تلك المعايير بشكل كامل تنفيذا لما تعهدت به الكويت وللتوصيات الصادرة من الأمم المتحدة ويرجع ذلك إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها حكومة الكويت واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المؤسسة من قبل الحكومة خصيصا لهذا الغرض، وتفعيل القوانين والقرارات الوزارية والتعليمات ذات العلاقة بهذا الموضوع في ظلال القانون رقم 106 لسنة 2013 في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولائحته التنفيذية، وعلى اثر ذلك استبعدت الكويت من قبل مجموعة فاتف التابعة للأمم المتحدة من القائمة السوداء التي تضم الدول الداعمة للإرهاب وغسل الأموال، والتي تحتوي على دول عربية أخرى.
< وكيف ترين هذ الأمر؟
ـ انجاز ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك مدى نزاهة وبراءة العمل الخيري الكويتي والجمعيات القائمة بجمع وتوزيع التبرعات من أي تهم بتمويل ومساندة الإرهاب ويكذب ويدين كل محاولات الإساءة للكويت الحبيبة، ولأن الكويت كانت من أولى دول المنطقة في تطبيق المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ووجود تشريعات وقوانين جازمة، وهذا يعكس اطمئنان المجتمع الدولي إلى توافر بيئة تشريعية متكاملة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الكويت، ويعتبر استبعاد الكويت من هذه القائمة من وجهة نظرنا سبق غير عادي لتحسين علاقاتها مع دول الجوار بل وكل دول العالم لتستكمل ريادتها في العمل الخيري على المستوى العالمي، إذ تحظى الكويت بمكانة عالمية مرموقة في تبرعاتها الرسمية للمنظمات الدولية والحكومات، وقدم الأمين العام للأمم المتحدة شكرا خاصا لأمير البلاد أطال الله عمره بل وتوج أميرا للإنسانية نظرا لسخاء بلاده والتزامها بالقضايا الإنسانية والتعليمية والطبية لكل شعوب.
< ما أبرز القضايا الاجتماعية التي لفتت انتباهك في الآونة الأخيرة؟
ـ أبرز القضايا التي لفتت انتباهي هي قضايا العنف بين الآباء والابناء وحيازة الاسلحة واستخدامها في جرائم قتل بشعة تقشعر منها الأبدان.
< ما القضية التي تتمنين أن تترافعي عنها ولماذا؟
ـ بفضل من الله ترافعت في اغلب انواع القضايا وأميل دائما وأبدا إلى نصرة المظلوم ومعاونته لاسترداد حقه المسلوب، وذلك ارضاء لضميري واصول وأداب مهنة المحاماة، فضلا عن ارضاء المولى عز وجل قبل كل شيء.
< ما القضايا التي بدأت تغزو المحاكم وتعد جديدة من نوعها؟
ـ ظهرت في الآونة الأخيرة الجرائم الالكترونية وغيرها من الجرائم المترتبة من قبل مرتكبيها، وتداولت أمام ساحات المحاكم في الآونة الأخيرة قضايا الفساد المالي وقضايا العنف والقتل، فالدم أصبح مباحا لدى البعض، على الرغم من حرمته قانونا وشرعيا، وحيازة الأسلحة وغيرها من القضايا.
< ما رأيك في جمعية المحامين الكويتية وهل تقوم بالدور المناط بها؟
ـ دائما جمعية المحامين تسعى لتحقيق الأفضل والأنسب للسادة المحامين وفقهم المولى عز وجل في هذا الأمر وسدد دربهم لما فيه الخير وصالح السادة المحامين ورفعة شأنهم وشأن المهنة.
< لماذا لا تسعى جمعية المحامين إلى تحويلها إلى نقابة؟
ـ لقد حاولت جمعية المحامين إلى تحويلها إلى نقابة مهنية بدلا من جمعية، وبالفعل صدر قرار وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السابقة رقم 229/ 2012 بتحويلها، إلا انه صدر القرار الوزاري رقم 14/ 2014 من السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الحالية بإلغاء هذا القرار استنادا إلى أحكام قضائية صادرة في الطعن على القرار رقم 229/ 2012، ومن ثم فالأمر يتطلب نظرة من مجلس الأمة لسن مشروع بقانون لتحويل جمعية المحامين إلى نقابة للمحامين فضلا عن تعديل قانون المحاماة.
< ما المعوقات التي تواجه المحامي وتطالبون بايجاد حلول لها؟
تواجه المحامي الكثير من المعوقات منها على سبيل المثال لا الحصر، سوء معاملة الموظفين له في الكثير من الجهات التي يقوم بالتعامل معها إلا إذا كانت له معرفة مسبقة في هذه الجهة وخلافه من المعوقات التي تعرقل وجهة المحامي في سبيل أداء مهام مهنته لإظهار وجه الحقيقة التي يسعى الوصول إليها ومن هنا أناشد الكل بتسيير أمور السادة المحامين وصولا إلى تسيير الإجراءات ومساعدة للقضاء الواقف والجالس.