• نوفمبر 22, 2024 - 3:27 صباحًا

رواد ديوانية الأنصاري: المواطنة تنبع من داخل الأسرة

«كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» قاعدة نبوية ذكّر رواد ديوانية عبدالعزيز الأنصاري في منطقة الأندلس المجتمع الكويتي بالتمسك بها من أجل إصلاح أمراض المجتمع التي يعاني منها، مؤكدين أن المواطنة وغيرها من سلوكيات واخلاقيات تنبع في الاساس من تربية الاسرة لابنائها، وحرصهم على غرس المبادئ والقيم في نفوسهم منذ الصغر، مصداقا للقول الشهير «وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوّده ابوه».
بداية أرجع صاحب الديوانية عبدالعزيز الأنصاري الأسباب وراء عدم قيام الأسرة داخل المجتمع الكويتي بالدور المناط بها والخاص بتنمية روح المواطنة في أبنائها إلى التطور الذي يعيش فيه المجتمع الكويتي، مشيرا إلى أن الأسرة الكويتية في السابق، على الرغم من قلة الإمكانات التي كانت تعيش بها، كان دورها كبيرا وحيويا في بناء مجتمع قوي متماسك، بالإضافة إلى أن دور الأسرة لم يكن مقتصرا على ما يقوم به الأب والأم فقط بل كان للعم وللخال دور مهم في تنمية وبناء هذه الأسرة.
وأضاف: في السابق كان المجتمع الكويتي مجتمعا صغيرا مترابطا، إلا أنه اليوم أصبح أكثر تطورا وتعقيدا، وأكثر انتشارا، وأصبح شأن الأسرة مناطا بالوالدين فقط، فلا أحد يوجه ولا يتابع غيرهما، ولم يعد للعم أو الخال أو الشقيق الأكبر دور في إرشاد أو توجيه أفراد الأسرة مثلما كان يحدث في السابق.
ولفت إلى أن توسع المجتمع واختلاطه بالمجتمعات الأخرى، سواء العربية أو الأجنبية، وتطور المجتمع أحد الأسباب الرئيسية وراء الحالة الاجتماعية التي يعيشها المجتمع الكويتي الآن فيها من تفكك، وتلك ضريبة الرخاء والتوسع داخل المجتمع.
وأشار إلى أنه من الظلم أن نساوي بين دور المرأة في الأسرة قديما ودورها حديثا، فالمرأة الآن تبوأت الكثير من المراكز، وحصلت على أعلى الشهادات العلمية، وأصبحت صاحبة ثقافة عالية بخلاف المرأة قديما، ومن المفترض أن ينعكس ذلك إيجابيا على الأسرة إلا أن ما يحدث عكس ذلك.
وأضاف: في السابق درست المرأة في مدرسة الحياة، واكتسبت خبراتها من الحياة لذلك كانت المرأة تقوم بدور في تربية أطفال صالحين في المجتمع ينتمون إلى هذه الأرض، ولا يشغل عقولهم عندما أصبحوا رجالا إلا تطوير وتنمية المجتمع الذي يعيشون فيه على الرغم من قلة الامكانات التي كانوا يعيشون فيها.
وزاد: من المفترض أن المكانة العلمية والثقافية التي حصلت عليها المرأة أخيرا تنعكس بالإيجاب على المجتمع الذي نعيش فيه، إلا أن الواقع يقول غير ذلك، فلا يوجد لتلك الثقافة دور بارز داخل المجتمع، بل على العكس نجد الكثير من الحوادث والجرائم، والكثير من المظاهر الغريبة على المجتمع الكويتي، وهنا نتساءل أين الدور الذي كانت تقوم به الأم قديما داخل المجتمع؟
وأوضح أن الإسلام أكد أهمية الأم ومكانتها دخل الأسرة وداخل المجتمع، وأكد على ذلك الدور النبي صلى الله عليه وسلم فقال «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك»، الأمر الذي يشير إلى الدور الكبير الذي تقوم به المرأة، لافتا إلى أن دور الأم في الأسرة يعد دورا مفصليا، بل يعد حجر الزاوية التي ينطلق منه أفراد الأسرة إلى الأمام.
وأكد أن الأب له دور لا يقل أهمية عن دور الأم داخل الأسرة فهو ربان السفينة ومن المفترض عليه أن يوجهها في الاتجاه الصحيح ليصل بها إلى بر الأمان، مشيرا إلى أنه كما تغيرت الأسرة الآن تغير الشباب العربي أيضا فلم يعد ينطلق من منطلق العادات والتقاليد التي ربى عليها الإسلام قديما أبناءه.
ودعا إلى أهمية أن يتم توعية الأسر بدورها في تنشئة المجتمع ليعود المجتمع الكويتي كما كان عليه في السابق، فليس هناك مانع من أن يتمسك المجتمع بجذوره التي قام عليها وينطلق إلى المستقبل من خلال نظرة مختلفة أو نظرة حديثة، مؤكدا أن المجتمع كيان لبناته الأسرة فإذا كانت الأسرة متماسكة ستجد المجتمع كذلك متماسكا مترابطا، وستجد المواطن متمسكا بوطنيته وبالأساس الذي انطلق منه.
وكشف الأنصاري عن الأسباب الحقيقية وراء ارتقاء الكويت في الماضي حتى قيل عنها إنها درة الخليج فقال، كان هناك إخلاص لدى الناس في العمل وفي الانتماء وفي الحب، في حب هذه الأرض وحب من يعيش عليها، لذلك تجد من يعمل يجتهد في عمله بإخلاص ليس من أجله فقط إنما من أجل ارتقاء الكويت لذلك أطلق على الكويت في تلك الفترة درة الخليج.
وأضاف: «الأنا» كانت ملغاة، فالفرد كان دائما يفكر في الجماعة من أجل سمو ورقي هذا الوطن، واليوم على العكس تجد «الأنا» منتشرة بين الناس، وتجد البعض يبحث فقط عن نفسه وعن مصالحة الشخصية وأصبح شعار الكثير من الناس «أنا ومن بعدي الطوفان» لذلك تجد البلد قد تأخر كثيرا في العديد من النواحي، ولم تعد الكويت درة الخليج كما كانت في السابق.
ولفت إلى أن الإخلاص أصبح عملة نادرة في العصر الذي نعيش فيه، مؤكدا أن الإخلاص يربى من خلال الشرع والدين، فالإسلام دعا إلى تربية الأطفال على الإخلاص في كل شيء، إلا أننا نجد الأسرة اليوم منشغلة بالبحث عن المأكل والمشرب بعيدا عن التربية المعنوية التي ربي عليها المواطن الكويتي قديما.
وأكد أن أعظم استثمار هو في تربية الأبناء وتنشئتهم على حب هذا الوطن، لذلك تجد هناك دعوة في الدول الغربية بأن تعود المرأة إلى دورها الأساسي في تربية الأطفال في المنزل، لافتا إلى أن هذا الدور أهم بكثير من خروجها للبحث عن لقمة العيش.
وأشار إلى أن الدعوة لعودة المرأة للمنزل ليست دعوة إلى التخلف أو دعوة للرجعية كما يصورها البعض، بل تعد أعظم استثمار ولا تعود فقط على المجتمع الكويتي بل تعود أيضا على المجتمعات الأخرى لذلك نقول كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فلو أن كل إنسان طبق هذه القاعدة لاختفت الكثير من المشاكل المجتمعية التي نعاني منها جميعا.
بدوره قال إبراهيم الأنصاري: الأمراض التي تعاني منها المجتمعات العربية والتي نشاهدها ونتابعها بشكل متكرر ما هي إلا ثمرة لمخالفة شرع الله عز وجل، والإسلام جاء لحماية الفرد وحماية الأسرة وحماية المجتمع الذي نعيش فيه، ودعا لبناء مجتمع قوي يقوم على أسس سليمة وصحيحة، لذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحدث عن الأسرة قال كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأضاف، هذا الحديث الشريف فيه وعيد شديد لكل عبد لديه أسرة لذلك عندما نرى تلك المظاهر السلبية في المجتمع نستنتج أنها نتيجة لخروج الإنسان عن الحد الذي حدده الله عز وجل لعبادة، فقال تعالى «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيد الناس» صدق الله العظيم. والإصلاح ينبعث من عادات طيبة حميدة، ولقد جاء الإسلام ليتمم مكارم الأخلاق.
وزاد: عندما يتخلى الأب عن دوره في الأسرة سوف ينتقل الأمر إلى الجار، ثم الجار، ثم المدرسة، وستجد الضعف ينتشر في أرجاء المجتمع الذي نعيش فيه، لذلك نقول إن العلاج يأتي من استشعار كل فرد بمسؤوليته داخل الأسرة، فالأب مسؤول والأم مسؤولة والعم مسؤول والأخ الكبير مسؤول.
وأوضح أن الإسلام دعا إلى الاهتمام بالأسرة وبأفرادها فقال تعالى «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين أمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة» صدق الله العظيم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم من كانت الدنيا أكبر همه جعل الله فقره بين عينيه، وفي رواية أخرى فرق الله عليه شمله، لذلك نؤكد أن طغيان المادة وسعي الناس وراءها وترك الأسرة فساد عظيم.
وأضاف: الأمة الإسلامية في البداية ما قويت إلا لأن الأسرة كانت قوية مترابطة، لذلك نجد الإسلام حرم الغيبة والنميمة والطعن والاعتداء على الناس من أجل تقوية المجتمع، وحتى تبقى الأسرة مترابطة وقوية، وأمر بصلة الرحم واحترام الجار وإعطاء الجار حقه، ونصرة المظلوم وساوى بين الناس، وكل ذلك من أجل أن يبني مجتمعا قويا، وبالفعل بنى النبي صلى الله عليه وسلم مجتمعا عظيما.
وزاد: النبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر للمدينة قال للناس أيها الناس أفشوا السلام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام، فأرشدهم إلى تقوية المجتمع بإفشاء السلام قبل أن يأمرهم بالعبادة، وقال صلى الله عليه وسلم أفلا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم.
وأوضح أن بعد الناس عن تلك التعاليم الإسلامية أدى إلى ضعف بنية المجتمع مستدلا بقول الله تعالى «فمن اتبع هداي فلا يضل ولا ويشقى» صدق الله العظيم، فنحن أن أردنا أن نبني مجتمعا متماسكا قويا فعلينا أن نتبع الهدى الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونتبع ما جاء في كتاب الله من تعاليم، لافتا إلى أن تلك التعاليم لا تتعارض مع التطور العلمي والتكنولوجي الذي وصل اليه الإنسان، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن أن نتعامل مع ذلك التطور العلمي في ظل عاداتنا وتقاليدنا؟
ومن جانبه قال حماد الشمري: تعزيز روح المواطنة ينبع من خلال تربية الأطفال على طاعة ولاة الأمر وطاعة الوالدين والتقيد بالنظام وبالقوانين، وعلينا أن نحمد الله على نعمة الأمن والأمان التي نعيش فيها داخل الكويت مقارنة بالدول الأخرى.
وبدوره قال بندر العدواني: المواطنة مفهوم ينطلق من الأسرة، فكلما تمسكت الأسرة بالوطن ستجد أبناءها يخرجون متمسكين بهذا الوطن، وكلما ربى الآباء أطفالهم على الحب، حب الجار وحب المدرسة وحب العمل والإخلاص فيه ستجد الطفل ينشأ محبا لكل شيء داخل وطنه، فلا يقوم بمخالفة قانون انطلاقا من هذا الحب الذي ربي عليه منذ صغره، لذلك ننصح الآباء والأمهات بأن يزرعوا في نفوس أبنائهم حب وطنهم لأن ذلك الحب سوف ينعكس على كل شيء في حياتهم، وبالتالي ستجد المجتمع محبا متماسكا بوطنه وبلده وقيادته.

Read Previous

عسكر العنزي لـ الخليج: نعد بمزيد من الإنجازات التشريعية

Read Next

سياسيون لـ الخليج: بث الإشاعات يهدف إلى زعزعة أمن المجتمع

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x