لا يملك الإنسان إلا التعاطف مع أهل الضحايا الحجاج الذين قضوا في مشعر الجمرات يوم عيد الأضحى.
التقديرات حتى الآن تتحدث عن 717 وفاة، و836 إصابة، حسب التلفزيون السعودي. وسبب الحادثة المحزنة، أو من أسبابها، طبقا لكلام الناطق باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي، الكثافة الشديدة في طريق فرعي في منى وليس على الطرق الرئيسية المؤدية لموقع الجمرات، وأيضا تعاكس سير الحجاج على غير الخطة المعدة، بالإضافة للحرارة الشديدة.
هذه هي الرواية الأولية للجهات الرسمية، لكن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وجه بالتحقيق الدقيق في الحادثة، وكلف ولي العهد السعودي وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، الأمير محمد بن نايف، لجنة بالتحقيق العاجل في مسببات الحادثة، أيا كانت جهة المسؤولية، بما يعنيه ذلك تحمل أي جهة حكومية للمسؤولية، أو غير حكومية، إذا ثبت ذلك، من المؤسسات التجارية.
هذه ليست أول حادثة تحصل في هذا التجمع البشري الهائل منذ بدء تدفق الحجاج لمهوى الأفئدة من كل فج عميق، والتاريخ حافل بعشرات الحوادث التي تعرض لها الحجاج، سواء بسبب التعدي من العصابات أو الجماعات الضالة، مثل القرامطة وجماعة جهيمان وأعضاء الحرس الثوري الإيراني الخميني عام 1987، أو بسبب الحوادث الطبيعية، وغالبها تكون بسبب التدافع الشديد.
هذه ليست الحادثة الأولى، وما من ضمانة مائة في المائة أن تكون الأخيرة، بسبب غير متوقع أحيانا، ولكن «واجب» السعودية هو حماية وخدمة الحرمين، ورعاية الحجاج والمعتمرين والزوار، وكما قال خادم الحرمين الشريفين أمس في كلمة ملك البلاد المعتادة منذ أيام المؤسس الملك عبد العزيز من منى يوم الحج الأكبر، يوم العيد، فقد أكد الملك سلمان، بعدما عزى أهل الضحايا من الحجاج، أن «الواجب كبير والمسؤولية عظيمة». لكن السعودية سخرت نفسها وقدراتها لهذا الواجب، مهما كانت الصعاب.
الأخبار السيئة تحجب الأخبار الجيدة، لكن ما تقدمه السعودية، ماديا ومعنويا، لموسم الحج وللحرمين، يفوق قدرة أي طرف يتخيل أنه يمكن له أن يفعل شيئا مهما.
من هنا فإن «الانتهازية» التي بادر إليها بعض أبواق إيران، ومنهم نائب في البرلمان، وأيضا بعض القنوات المحسوبة على «الإخوان»، خاصة من الأتراك، وبعض سفهاء «السوشيال ميديا»، ناهيك عن أصحاب الأجندات المضادة للسعودية، هي نوع من الاستغلال اللئيم لجراح الآخرين.
السعودية لن تحابي أحدا على حساب الحرمين وخدمة الحجيج، كما فعلت طيلة تاريخها، لا في داخل السعودية ولا خارجها.
ما هذه الانتهازية.. فشنشنة معروفة من أخزم.