بلا حراسة وبلا زمبليطة، غادر «محلب» إلى الأراضي المقدسة، لأداء فريضة الحج.. يستطيع اليوم أن يقف على «عرفات» مطمئنا.. ويستطيع أن يؤدي المناسك براحة ضمير.. فلا هو متعجل، ولا هو «متلهوج».. كما حدث في العام الماضي.. في اليوم التالي لخروجه من الوزارة اتصل بي.. تحدثنا في أمور سريعة.. نصحته بأن يستعد للحج.. قال: إن شاء الله أنوي.. وها هو قد فعل.. نوى فاستجاب الله له!
سعدت حين قرأت الخبر، على موقع «المصري اليوم».. آلاف من القراء يهنئون الرجل.. يتمنون له القبول.. السبب أنه كان بدرجة مواطن.. سعدت لأنه التقط الفكرة بسرعة.. رجل ابن بلد.. يعرف أن الجدل قد احتدم بشأن حجته العام الماضي.. خاصة أنه عاد فجر العيد، ليصلي العيد مع الرئيس.. شكوك كثيرة دارت حول مشروعية حج رئيس الوزراء.. الآن واتته الفرصة ثانية، لإصلاح ما أفسدته الرسميات!
لاحظ الناس أنه ذهب إلى المطار بلا حراسة.. لا توجد حاشية ولا بطانة.. ولاحظوا أن الذي أنهى الإجراءات الخاصة به مدير العلاقات العامة بالمطار.. معناه أن «محلب» حريص أن يكون طبيعيا.. هو في الآخر إنسان طبيعي.. هو في الآخر سيطوف بلا حراسة.. ويسعى في الصفا والمروة بلا حراسة.. ويلقى ربه بعد عمر طويل بلا حراسة.. لذلك أحبه الناس البسطاء.. ذهب إلى «الحواري» بلا حراسة من قبل!
هناك وزراء عاشوا أجواء الهيلمان، أكثر من رئيس الوزراء السابق نفسه.. محافظون يفعلون ما هو أكثر من ذلك.. يرسلون رجالهم وبطانتهم.. محلب لم يفعلها.. لا رئيس وزراء ولا مساعد رئيس.. لذلك لا نحبه من فراغ.. ولم نقف إلى جواره من فراغ.. السبب أنه كان إنسانا طبيعيا.. ولذلك كافأه الله من جديد بالحج.. دعاه ويسّر له الطرق.. ولولا أنها دعوة من السماء، لكان هناك ألف سبب يعرقلها!
اليوم أقول لمحلب: حج مبرور وذنب مغفور.. أقولها مع ملايين غيري.. وقد نلتقي به على عرفات، وقد نلتقي به على جسر الجمرات.. وقد نشكره لما فعله من أجل مصر.. هكذا ينبغي أن نتصرف مع مَن يخدم الوطن.. هكذا ينبغي أن ندعو للرئيس بأن يحفظه الله، لأن «يخدم» مصر.. وهكذا ينبغي أن ندعو بالتوفيق لشريف إسماعيل وحكومته.. نرفع القبعة لكل مَن يخدم مصر.. بلا نفاق ولا رياء، ولا أي هدف آخر!
يُحسب لمحلب أنه ذهب إلى العشوائيات.. التقى بالبسطاء منا.. اجتمع لأول مرة في مكتب رئيس مجلس مدينة.. لم يفعلها قبله رئيس وزراء.. أعاد هيبة وسط البلد وطلعت حرب.. أشعرنا بأن الدولة موجودة.. كان يمسح دموع الغلابة.. هكذا كان الرجل.. نقولها لله.. ونحن الآن على عرفات.. خاصة أننا لم نكن في يوم من الأيام من الطبالين والمداحين لأي أحد.. فقط لأن «محلب» يستحق الشكر والثناء!
أخيرا، لا يصح إلا الصحيح.. الامتنان فريضة غائبة.. صديقي الكاتب الكبير «نيوتن» امتدح فضيلة الامتنان.. اعتبرها فروسية.. لا يمنعنا شيء أن نقول لمَن أحسن: أحسنت.. مرة أخرى حج مبرور لمحلب، وعقبالكم.. وكل عام وأنتم بخير، بمناسبة وقفة عرفات، وعيد الأضحى المبارك.. ربنا يحفظ مصر!