في ظل تصاعد وتيرة الارهاب ليشمل في دماره كل شيء، فلا يفرق بين أحد، ولا يميز في انتهاكاته بين دين وآخر، أو وطن وآخر، وهذا ما لمسناه من خلال الحوادث الارهابية التي وقعت أخيرا في فرنسا، كما لمسنا أيضا الرغبة الواضحة في خلق حالة من الخصومة والكراهية بين المسلمين ومختلف دول العالم، وهذا المخطط لم يكن وليد اليوم، بل هو مخطط قديم يحاول أولئك المتطرفون إخراج عفن أفكاره بين الحين والآخر لإثارة الأحقاد والضغينة بين الشعوب والحكومات، الأمر الذي يعزز املهم في تحقيق اهدافهم الخبيثة المتمثلة في السيطرة والتوسع ونهب ثروات ومقدرات الدول، وكل ذلك يتم تحت مظلة الدولة الاسلامية!
إن «تتار» العصر الحديث لا تجدهم إلا في البقاع الغنية بالثروات النفطية والزراعية وغيرها، وهذا ما يحدث اليوم في الشرق الاوسط، فتجد الارهاب يحيط بمنابع البترول، ويعمل بكل السبل على زعزعة استقرار الدول المصدرة له، وتلك حقيقة يجب الأخذ بها بعين الاعتبار، الامر الذي يضمن لنا الحيطة والحذر، وتحقيق مانصبو إليه من أمن واستقرار ورخاء.
إن الأهم والأخطر من هذا كله هو الغزو الفكري للإرهاب الذي تتعرض له مختلف دول العالم، فهذا الغزو يتقدم ويتغلغل بين الصفوف، وإذا لم يواجَه بما يردعه فسرعان ما سيتنامى وينتشر انتشار النار في الهشيم، ولعل اهم رادع له هو المواطنة الصادقة والحقة التي تقر بأن الوطن هو الوعاء الكبير الذي يحتوينا كما نحن، فيذيب جليد خلافاتنا وتبايننا في مختلف القضايا والآراء، فيد الإرهاب لا تستطيع شق الصفوف إلا من خلال وجود التناحر والازدراء بين ابناء المجتمع الواحد، فتلك الأمراض الاجتماعية هي الاكسجين الذي تتنفسه يد الإرهاب وتنتعش ممارساتها من خلاله.