فيما كشف مصدر مسؤول ان الادارة العامة للجمارك، متمثلة في مكتب البحث والتحري ضبطت – بالتعاون مع جهاز أمن الدولة – 26 قضية غسل أموال في العام 2015، والنجاح في خفض عدد قضايا غسل الأموال إلى النصف تقريبا، حذر قانونيون التقتهم «الخليج» من تسلل الكيانات غير الشرعية إلى الاقتصاد الوطني، باستغلال فرص الاستثمار والسوق المفتوح في الكويت.
وقالت المحامية والقانونية مريم البحر: تُعرف عملية غسل الأموال بأنها تحليل الأموال المستمدة بشكل غير قانوني، إلى أموال تظهر على أنها من مصادر مشروعة، أما غاسل الأموال، فهو الشخص الذي حصل على أموال بطريقة غير مشروعة، ويحاول إظهارها على أنها جاءت من مصادر مشروعة، مشيرة إلى ان مفهوم غسل الاموال اضحى من المفاهيم التي تحرص كل الدول على محاربتها، لما تسببه من إضرار بالاقتصاديات المختلفة لجميع الدول، وأخيرا لما تم استغلاله في تمويل بعض الاعمال الارهابية.
وتابعت البحر: عرفت المادة الاولى من القانون 35 لسنة 2002، بشأن مكافحة عمليات غسل الاموال، بأنها «عملية أو مجموعة عمليات مالية أو غير مالية تهدف إلى اخفاء أو تحويل المصدر غير المشروع للأموال أو عائدات اي جريمة وإظهارها في صورة اموال أو عائدات متحصلة من مصدر مشروع»، ويعتبر من مثيل هذه العمليات كل فعل يساهم في عملية توظيف أو تحويل اموال أو عائدات ناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من جريمة، أو اخفاء أو تمويه مصدرها.
واضافت البحر: لا يخفي على احد ان وطننا الكويت من الدول محط الانظار وتعد هدفا لكثيرين من رجال الاعمال، ويعد سوقها الاقتصادي والتجاري من اهم الاقتصاديات في المنطقة، لذا تستغل بعض الكيانات غير الشرعية… ذلك في النفاذ إلى اقتصادنا حتى من دون ان يعلم بذلك رجال اقتصادنا والتجار الكبار الذين حتى الآن يتعاملون بصدق وإخلاص وثقة لم تعد تكفي في الوقت الراهن.
وأوضحت أن التعاون بين الجهات الأمنية المختلفة ساهم في خفض عدد قضايا غسل الأموال في الكويت إلى النصف مقارنة بعام 2014.
من جانبه قال المحامي عبدالوهاب المنصوري: إن طرق غسل الأموال متعددة ومتطورة بكل الأوقات لتواكب وتلائم أي متغير قانوني أو اقتصادي أو تقني، سواء محليا أو عالميا، فكلما كانت اجراءات الحكومة والبنوك المحلية والعالمية في منع غسل الأموال متشددة كانت أفكار المجرمين في تخطي هذا التشدد أكثر إبداعا.
وتابع المنصوري: عالميا هناك أكثر من 340 طريقة تقليدية ومبتكرة لكي تخفي مصدر الأموال، وهذا الرقم يتزايد بشكل مطرد بحسب التطور التكنولوجي، منها ما هو مستتر بشكل خفي، ومنها ما هو خطر ومعقد وذكي جدا لا أستطيع ذكرها لكي لا تستغل؛ لأن القصد هنا هو بيان الوعي القانوني والتثقيفي لتعم الفائدة.
وأضاف المنصوري: من الطرق الحديثة تخيل أنك مسؤول وتقاضيت رشوة أو هدية أو تحت أي تسمية مبلغ مليون دينار لقاء عمل ما لجهة ما ستستفيد من موقعك الحساس لتنفيذ أو تمرير مناقصة أو معاملة ما، وتريد أن تودعه في البنك بطريقة قانونية، ولكنك لا تستطيع لأن دخلك ورصيدك ليس به ما يبرر تلك الثروة المفاجئة التي حصلت عليها، تستطيع هنا أن تتفق مع الجهة التي قدمت إليك المبلغ أن تعينك لديها مستشارا تسويقيا أو مبيعات أو أيا كان المسمى للاستفادة من خبراتك وطرقك الإبداعية في جني الأرباح على هذه الجهة لقاء عمولة من الأرباح، وتقوم تلك الجهة بعمليات بيع وهمية ورقية متتابعة وعلى كل بيع وهمي تودع جزءا من المبلغ في البنك الذي سيدخل بشكل قانوني سليم بموجب العقود التي يصعب على البنك تتبعها في بعض الأحوال، وستكون هذه الأموال عبارة عن عمولة قانونية غير مجرمة في القانون.
وبين المنصوري أن من الطرق تحويل مبالغ كبيرة إلى خارج البلاد مشروطة بالدفع نقدا، بالاضافة إلى ورود تحويلات من الخارج بمبالغ متقطعة لصالح أحد العملاء من مؤسسات مالية أو بنوك خارجية، وكذلك من الطرق أن تودع شيكات بمبالغ متفرقة وبمبالغ غير محددة في حساب العميل في البنك، على أن يكون المستفيد منها شخصا آخر وليس المودع نفسه، ومن أعجب الطرق الجديدة أن أحد مسؤولي البنوك تبين له وجود حسابات لأشخاص متوفين منذ مدة ولم تغلق هذه الحسابات، ومن الصور في غسل الأموال أيضا الإيداع الجماعي… وغيرها كثير من الطرق.
بدورها قالت المحامية والقانونية مي الغانم: إن عمليات غسل الاموال مرتبطة بعمليات تمويل الإرهاب، وتندرج تحت بند الفساد، باعتبار أن تلك الاموال جاءت بطرق غير مشروعة، مشيرة إلى أن قانون رقم 106/2013 المعدل جرّم عمليات غسل الأموال،، ونص على عقوبات قد تصل إلى الحبس لمدة 20 عاما. مؤكدة في الوقت ذاته أن التعاون البناء بين مؤسسات الدولة استطاع تخفيض تلك القضايا إلى النصف تقريبا.
وأوضحت الغانم أن تلك الفئات التي تقوم بعمليات غسل الأموال دائما ما تسعى إلى البحث عن طرق ومخارج قانونية لكي لا تضع نفسها تحت طائلة العقوبات، مستشهدا في ذلك بعمليات بيع وشراء العقارات نقدا، مبينة أن قانون تجريم عمليات غسل الأموال ومكافحة الإرهاب نبه المتداولين في العقار بمادته الرابعة على أن بنود هذا القانون تنطبق عليهم، كما الحال في شركات الصرافة والبنوك أو المؤسسات المالية والمهنية، حيث تم وضع ضوابط لتسلم وتسليم الأموال.
وبينت الغانم أن العقوبات المنصوص عليها في قانون مكافحة عمليات غسل الأموال كافية، ولكن هناك حاجة إلى إجراءات إدارية لمنع هذا التلاعب، داعية وزارة التجارة إلى اتخاذ إجراءات ضد الاعلانات المنتشرة في الصحف عن بيع عقارات نقدا، لأنها قد تكون بها شبهة عمليات غسل أموال.