• نوفمبر 24, 2024 - 2:17 صباحًا

10 سنوات على رحيل سمو الأمير جابر الأحمد مسيرة حافلة بالإنجازات

تمر على الكويت، 15 يناير الجاري، الذكرى العاشرة لوفاة صاحب السمو أمير البلاد الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح ـ طيب الله ثراه ـ الذي انتقل الى جوار ربه يوم 15 يناير عام 2006.
ففي يوم وفاة سموه فجع أهل الكويت بخبر أليم اعتصر قلوب الصغار والكبار الرجال والنساء بفقد رجل لطالما أحبهم وعمل من أجل اسعادهم ورفعة وطنهم، فبادلوه الحب والعمل حتى غدت الكويت في عهده «عروس الخليج».
تولى المغفور له الشيخ جابر الأحمد مقاليد الحكم في البلاد في 31 ديسمبر عام 1977، بعد وفاة سلفه الشيخ صباح السالم الصباح، وهو الابن الثالث للشيخ أحمد الجابر الصباح، والحاكم الثالث عشر للكويت منذ تأسيسها قبل أكثر من قرنين من الزمان.
وقد بزغ نجم سموه ـ رحمه الله ـ منذ توليه أولى مهامه الإدارية والسياسية في البلاد عام 1949 عندما عينه والده حاكم الكويت آنذاك الشيخ أحمد الجابر الصباح نائبا له في مدينة الأحمدي، حيث برزت جهود سموه وعقليته المنظمة في الاهتمام بالتخطيط العمراني المميز للمدينة، إلى جانب اهتمامه بحفظ الأمن وبناء علاقات مميزه مع شركات النفط.
وطوال 10 سنوات من العمل في محافظة الأحمدي تبلورت لدى المغفور له سمو الشيخ جابر الأحمد رؤية اقتصادية شاملة لنهضة الكويت ظل يعمل على تحقيقها طوال حياته الزاخرة.
وقد ادرك حكام الكويت، ممن سبقوا سموه على سدة الحكم تميز فكر هذا الشاب، لاسيما في المجال الاقتصادي ونظرته المستقبلية للأمور التي تنبع من حبه للكويت وأهلها وحرصه الدائم على توفير سبل العيش الكريم لهم.
فعهد إليه في العام 1959 بمهمة إدارة دائرة المال والأملاك العامة للدولة، إضافة الى مسؤوليته عن مكتب شؤون النفط والإسكان، حيث بدأ سموه في عملية تثمين البيوت بأعلى الأثمان ليستفيد المواطن، ولتبدأ الكويت نهضة عمرانية شاملة.
وفي العام نفسه – 1959 – عين سموه ايضا رئيسا لمجلس النقد الكويتي، حيث عمل جاهدا على صدور أول عملة كويتية بعد الاستقلال والتي صدرت في 1 ابريل 1961 لتحمل صورة أمير البلاد آنذاك الشيخ عبدالله السالم الصباح وتوقيع سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح ـ رحمهما الله.
وفي أول تشكيل وزاري في كويت ما بعد الاستقلال، والذي شكل في 28 يناير 1963 عين سمو الشيخ جابر الأحمد نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للمالية والصناعة، لتبدأ البلاد منذ ذلك اليوم عهدا جديدا من التطور والازدهار السريع في مختلف الميادين، لاسيما الاقتصادي، بفضل إرادة سموه وإصراره على بناء كويت حديثة يشار لها بالبنان.
وقد عمل سموه ـ رحمه الله ـ خلال تلك المرحلة على انجاز العديد من المشاريع المهمة كتأسيس ميناء الشويخ وإنشاء محطة تكرير مياه البحر وتأسيس شركة البترول الوطنية الكويتية.
كما كان سموه مهندس الاستثمار الكويتي، حيث أسهم بنظرته الثاقبة في وضع مبادئ الاستثمار الأساسية لفوائض البلاد النقدية من مبيعات النفط ساعيا إلى توسيع القاعدة الاقتصادية الضيقة للكويت باعتماد موارد أخرى غير النفط.
ومن هذا المنطلق جاء إنشاء مكتب الاستثمار الكويتي عام 1950 الذي تطور على يد سموه من مكتب صغير يعمل فيه 11 موظفا عام 1965 إلى هيئة عامة للاستثمار تشرف على صندوق الاحتياطي العام وصندوق احتياطي الأجيال وجميع الاستثمارات الكويتية الهائلة في الخارج.
ولعل إنشاء ديوان المحاسبة يعد من أشهر إنجازات سموه التي مازالت صرحا شامخا إلى يدل على نزاهة سموه وحرصه على المال العام.
فقد حرص سموه منذ اللحظات الاولى لإنشاء ديوان المحاسبة عام 1964 على متابعة كل ما يقع تحت مسؤولياته من مهام وفقا لما حدده الدستور والقانون لاسيما ما يتعلق بالاستثمارات الكويتية في الخارج.
واستمر سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – رحمه الله – في منصبه وزيرا للمالية حتى 30 نوفمبر 1965، حينما اختير من قبل الشيخ صباح السالم الصباح حاكم الكويت آنذاك ليكون رئيسا لمجلس الوزراء، وفي 31 مايو 1966 بويع من مجلس الأمة وليا للعهد بعد تزكية الأمير له.
ولم تتوقف طموحات المغفور له سمو الشيخ جابر الأحمد وانجازاته بعد توليه تلك المسؤولية الجسيمة بل لقد زاده إصرارا وعزيمة على تحقيق المزيد من النجاحات في مسيره التقدم الاقتصادي للكويت.
وكانت ابرز إنجازات سموه ـ رحمه الله ـ خلال فترة ولايته للعهد والتي لن ينساها الكويتيون جيلا بعد جيل تلك الفكرة العظيمة والرائدة على مستوى الوطن العربي ككل بإنشاء صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
وبناء على ذلك فقد صدر عام 1976 المرسوم بقانون رقم 106 في شأن احتياطي الأجيال القادمة الذي قرر اقتطاع نسبة 10 في المائة من الدخل العام للبلاد سنويا واستثمارها في محافظ استثمارية عالمية تحت إشراف نخبة من الخبراء الاقتصاديين محليا وأجنبيا، على أن تودع عائداتها لمصلحة صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
لقد أثبت الزمن وبرهنت الأحداث على مدى صواب هذه الفكرة العظيمة وبعد نظر سموه – رحمه الله – حيث شكلت أموال صندوق احتياطي الأجيال الركيزة الأساسية في تمكن القيادة السياسية الكويتية خلال فترة الاحتلال العراقي الغاشم للبلاد عام 1990 من دعم أبناء الكويت في الداخل والخارج والمساهمة الفعالة في تحرير الكويت وإعادة الإعمار.
وللأسرة الكويتية نصيب كبير في اهتمامات المغفور له فقد حرص على توفير كل ما من شأنه تحقيق الأمن والطمأنينة للمواطن الكويتي حتى ينعم بحياة سعيدة ومرفهة.
ومن أجل ذلك صدر القانون رقم 61 لسنة 1976 الذي نظم عملية التأمينات الاجتماعية في البلاد وكفل معاشا تقاعديا لجميع العاملين في القطاعين الحكومي والخاص والقطاع النفطي بمختلف فئاتهم وحالاتهم محققا بذلك حالة عامة من الشعور بالاستقرار والأمان للموظف الكويتي.
وقد كان إنشاء بنك مركزي في الكويت أحد تطلعات سمو الامير الراحل الشيخ جابر الأحمد – رحمه الله – منذ ان كان وزيرا للمالية ليقوم بمهمة تنظيم سياسة النقد الكويتي والذي تحقق بافتتاح المقر الجديد للبنك في ابريل 1977 لتبدأ الكويت مرحلة جديدة في بناء اقتصاد راسخ وثابت.
وبعد وفاة سمو الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح أصبح سمو الشيخ جابر الأحمد أميرا للبلاد في 31 ديسمبر 1977 لتشهد الكويت في عهد سموه نقله كبيره على مختلف الأصعدة.
ولم تتوقف مسيرة انجازات سموه الاقتصادية بعد توليه مقاليد الحكم بل اتسع نطاقها لتشمل المحيط الخليجي والعربي ومن ثم العالمي.
فعلى النطاق الخليجي كان سموه مهندس فكرة إنشاء منظومة مجلس التعاون الخليجي النابعة من قناعته بان العصر المقبل هو عصر التكتلات السياسية والاقتصادية.
ورغبة من سموه في أن تكون قرارات دول مجلس التعاون منسجمة مع تطلعات شعوبها اقترح في قمة الدوحة عام 1996 فكرة إنشاء مجلس استشاري من 30 عضوا من مواطني الدول الست الأعضاء توكل اليه مهمة تقديم النصح والمشورة والرأي للمجلس الأعلى الذي يعتبر السلطة العليا في مجلس التعاون.
أما على الصعيد العربي فقد كانت القضايا العربية بمختلف أبعادها السياسية والاقتصادية الشغل الشاغل لسموه – رحمه الله – منذ اللحظات الاولى لاستقلال الكويت فكان سموه صاحب فكرة إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 31 ديسمبر 1961.
وتولى سموه – رحمه الله – رئاسة أول مجلس لإدارة الصندوق الكويتي لتنمية الاقتصادية العربية لتصبح الكويت في طليعة الدول التي تقدم المساعدات في مجال التنمية للدول الأخرى حتى وصل حجم تلك المساعدات الى أكثر من 8 في المائة من الناتج القومي الإجمالي للكويت.
ولن ينسى العالم مبادرة سموه – رحمه الله – عام 1988 من على منصة الامم المتحدة عندما وقف مخاطبا دول العالم بأن تسقط فوائد الديون المستحقة على الدول الفقيرة وتخفيض اصل الدين على الدول الاشد فقرا في هدف سام لتقريب الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
ولم تثنه أشد الأزمات التي مرت على سموه وعلى أهل الكويت من أن ينسى شعوب العالم الفقيره فوقف ـ رحمه الله ـ مرة أخرى على منصة الأمم المتحدة في 27 سبتمبر 1990 في عز كارثة الاحتلال العراقي الغاشم للكويت ليعلن أن الكويت قررت إلغاء جميع الفوائد على قروضها، كما ستبحث أصول القروض مع الدول الأشد فقرا وذلك من أجل تخفيف عبء الديون التي تقع على كاهل تلك الدول.
كانت تلك نقاطا قليلة في بحر مسيرة إنجازات سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الذي عشق الكويت وتفانى من أجلها، فقال يوما «ان عمر جابر الأحمد مهما طال الزمن هو عمر إنسان يطول أو يقصر، ولكن الأبقى هو عمر الكويت، والأهم هو بقاء الكويت، والأعظم هو سلامة الكويت»… رحمك الله يا أمير القلوب وأسكنك فسيح جناته.

Read Previous

«الهلال الأحمر» في يوبيلها الذهبي.. «وتد» المركز الإنساني

Read Next

«كُوني قوية» لتعزيز مفاهيم الصحة والرشاقة

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x