أعرب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن رغبته في مضاعفة أعداد السائحين الكازاخيين إلى مصر، في ضوء تسيير خط طيران مباشر بين «أستانا وشرم الشيخ»، اعتبارا من مارس المقبل، معلنا إرسال وفد للتعرف عن قُرب على تجربة كازاخستان في إنشاء العاصمة «آستانا».
وكان السيسي زار العاصمة الكازاخية أستانا في بداية جولة آسيوية تشمل اليابان وكوريا الجنوبية، وعقد جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس نور سلطان نزار باييف، بحثا خلالها التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتصويب الخطاب الديني.
كما قام الرئيس السيسي بزيارة جامعة نزارباييف، التي تم إنشاؤها في عام 2010 وفقا لأعلى المعايير الدولية بمبادرة من الرئيس الكازاخي نزارباييف لتمثل صرحا تعليميا كبيرا ومركزا بحثيا فريدا ومتطورا في منطقة وسط آسيا، وترتبط الجامعة باتفاقيات شراكة مع عدد من كبريات الجامعهات العالمية، وتضم كليات الهندسة، والعلوم والتكنولوجيا، والتعليم، والعلوم الإنسانية والدراسات الاجتماعية، والطب، والسياس العامة.
وألقى الرئيس السيسي كلمة خلال زيارته للجامعة، أشاد فيها بالتعاون الثقافى والأكاديمى بين مصر وكازاخستان باعتباره الجسر الممتد للعلاقات الثنائية، وأعرب عن ثقته في استمرار هذا الجسر بالمزيد من التواصل والنمو تحقيقا لرفاهية الشعبين، كما أشاد فيها بكازاخستان التي وصفها بأنها من أكثر الدول تأييدا لإرادة الشعب المصرى الحرة ولخياراته المستقلة التي عبر من خلالها عن رغبة حقيقية في التغيير نحو الأفضل.
وأوضح الرئيس السيسي في كلمته أن مصر بتراثها الثقافى والدينى تعى جيـداً الأساليب الهدامة التي تستخدمها الجماعات الإرهابية باسم الإسلام من أجل السيطرة على عقول الشباب، وقال إنه دعا علماء الأمة لاتخاذ خطوات جادة من أجل مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح مفاهيمه المغلوطة عن الإسلام على المستويين المحلى والدولى.
وقال في كلمته: تعد كازاخستان من أكثر الدول تأييدا لإرادة الشعب المصرى الحرة ولخياراته المستقلة التي عبر من خلالها عن رغبة حقيقية في التغيير نحو الأفضل ونجحت مصر في تنفيذ كافة استحقاقات خارطة المستقبل التي توافقت عليها القوى الوطنية المصرية، حيث تم استكمال تلك الاستحقاقات بتشكيل مجلس النواب الجديد الذى يشهد أكبر نسبة تمثيل للمرأة والشباب، فضلا عن ذوى الاحتياجات الخاصة والمصريين المقيمين في الخارج.
وتواكبت مع تلك الجهود رؤية اقتصادية وتنموية تعمل مصر على تنفيذها سواء في المرحلة الراهنة أو من خلال استراتيجية بعيدة المدى حيث يتم تدشين وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية الكبرى مثل مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس وما يضمه من مناطق صناعية ولوجستية وموانئ ومشروع تنمية واستصلاح المليون ونصف المليون فدان لإنشاء مجتمعات عمرانية وتنموية متكاملة.
كما تم إطلاق استراتيجية مصر للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030» التي تهدف إلى جعل مصر ضمن أفضل ثلاثين دولة على مستوى العالم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفساد، فضلا عن مؤشرات جودة الحياة والارتقاء بمعدلات النمو إلى 10 في المائة سنويا مع مراعاة الأبعاد السياسية والاقتصادية والبيئية وتتكامل تلك الأهداف مع احترام حقوق الإنسان وضمان سيادة القانون، فضلا عن سياسة خارجية نشطة وفعالة ومتوازنة.
إن التطورات التي تشهدها مصر تأتى في ظل أوضاع إقليمية سريعة ومتلاحقة وفى محيط إقليمى يموج بالأزمات التي تتسم بتعقيدات وملابسات تجمع بين الاقتتال الأهلى والتناحر الطائفى وتمدد التنظيمات الإرهابية والمتطرفة الأمر الذى ينذر بتهديد مفهوم الدولة الوطنية وكيانها.
وأشار إلى أن التحدى الأكبر الذى نراه يهدد شعوبنا اليوم يتمثل في المحاولات اليائسة لنشر فكر منحرف ومتطرف تحت شعار إعلاء كلمة الدين الإسلامى وتكمن خطورته في أن هذا الفكر بات يهدد أمن وسلامة الشعوب وحرياتهم وقدرتهم على ممارسة حياتهم اليومية.
إن تيار العنف والتطرف والإرهاب ينطوي على أفكار مغلوطة تجافي صحيح الدين الإسلامي وتسىء إلى مبادئه الداعية إلى تبني مفاهيم السماحة والتآخي والتعايش السلمي بين البشر وتحريم القتل والعنف أيا كانت الذرائع.
إن الخطوة الأولى التي لا غنى عنها لمواجهة خطر التطرف والإرهاب هي أن نتوحد جميعا وبصدق النية والعزم على هزيمة الإرهاب والوقوف بحزم دون أي تهاون أمام الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة سعيا لوقف تمددها والقضاء عليها دون تمييز ولقد نادت مصر منذ عقود بضرورة القضاء على الإرهاب والتطرف الفكري المصاحب له من خلال وضع استراتيجية شاملة لا تقتصر على البعد الأمني فحسب، وإنما تأخذ في الاعتبار أيضا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والدينية، بالإضافة إلى عدم التمييز فيما بين التنظيمات الإرهابية إلى تنظيمات متطرفة وأخرى أقل تطرفا.
وأوضح أن مصر بتراثها الثقافي والديني تعي جيدا الأساليب الهدامة التي تستخدمها الجماعات الإرهابية بإسم الإسلام من أجل السيطرة على عقول الشباب ولقد دعوت علماء الأمة لاتخاذ خطوات جادة من أجل مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح مفاهيمه المغلوطة عن الإسلام على المستويين المحلي والدولي ووجهت نداء للأزهر الشريف بمنهجه الوسطى المستنير وبما يمثله من مرجعية دينية عنوانهـا الاعتدال والتسامح أن يعمل على إطلاق العديد من المبادرات لدحض الأفكار والمفاهيم المغلوطة وقيادة جهود التجديد في العلوم الفقهية والفكر الإسلامي لتتواكب مع روح العصر وتفنيد ادعاءات وحجج وفتاوى التنظيمات المتطرفة والرد عليها بهدف إعداد شباب واع وقادر على إدراك متطلبات العصر وتحدياته ومقاومة الانجراف وراء أهواء تنظيمات إرهابية لا ترغب إلا في تحقيق مآربها ومصالحها الشخصية.
وفي هذا الصدد، فإننا في مصر نعول كثيرا على قيام شركائنا في المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات مماثلة والعمل كذلك على تنفيذ التدابير اللازمة لوقف استفادة الإرهاب من ثورة المعلومات ووسائل التكنولوجيا الحديثة التي ساهمت بلا أدنى شك في إضفاء أبعاد جديدة على ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري وجعلتها تنتشر بشكل متزايد بين أرجاء المجتمع الدولي الأمر الذي يستوجب العمل بجدية من أجل الحيلولة دون استخدام التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتلك الوسائل من أجل نشر أفكارها المغلوطة واستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها.
وثقتى كاملة في أن دولة كازاخستان وما تمثله من اعتدال ووسطية شعبها وبحكمة وشجاعة قيادتها تعد في مقدمة شركائنا في مطالبة المجتمع الدولى بمزيد من العمل المشترك من أجل كف أيدي الإرهاب الغاشم عن مصائر شعوبنا ومستقبل أبنائنا والمضي قدما بخطى ثابتة على طريق التنمية الذي يعد وبحق العامل الرئيسي في اقتلاع جذور الإرهاب في ظل استغلال الجماعات الإرهابية للظروف الاقتصادية الصعبة لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها.
لقد جاء حصول مصر على عضوية مجلس الأمن الدولي عن الفترة 2016/2017 وانتخابها لرئاسة لجنة مكافحة الإرهاب المنبثقة عن المجلس ليعكس مدى اهتمامنا بهذه القضية ومدى ثقة المجتمع الدولي في حرصنا على النهوض بالجهود الدولية في مواجهة ظاهرة الإرهاب وعلى تبني مواقف مبنية على مبادئ وأسس ثابتة لا تخضع لأى أهواء أو تحيز والاستمرار في انتهاج سياسات نشطة وواقعية لمواجهة جذور هذه الظاهرة.
وقال: إن جهود مكافحة الإرهاب لن تجدى نفعا إلا إذا بذلت في إطار من وحدة الهدف وإدراك لخطورة المعركة التي نخوضها فهى معركة من أجل مستقبل الحضارة الإنسانية كلها ومن أجل غد أفضل تستطيع شعوبنا أن تتمتع فيه بثمرة البناء والتقدم والرخاء بعيدا عن أعمال العنف والترويع وتهديد أمن الشعوب وسلامها.