مظاهر الاحتفالية المبكرة والعفوية التي أطلقها المواطنون بمناسبة الذكرى السابعة والثمانين لتوحيد المملكة تجسيد رائع لحالة عشق خاصة، تمثل شعورا حقيقيا يربط السعوديين بوطنهم، وهو ما يمّكن من قراءة صحيحة للمشروع الوحدوي الناجح، تحولت فيه الصحراء القاحلة والأقاليم المتباعدة في فترة وجيزة من عمر الدول إلى مملكة تقف على قدم المساواة مع قوى عظمى ودول كبرى في حجم التأثير على الساحة الدولية.
المملكة العربية السعودية تمثل نموذجا فريدا في إرادة قيادة وشعب بالنظر إلى الظروف التي كانت تعيشها هذه الأرض وسكانها، في مرحلة ما قبل توحيد البلاد تحت راية واحدة ومنهج واحد، اتخذت من الشريعة الإسلامية منهجا للحياة قبل أن تكون دستورا للوطن، فما عرفته الجزيرة العربية من ظروف سياسية واقتصادية قاسية شكلت حالة تشرذم لأبنائها، ناهيك عن أجواء غير آمنة بعيدة عن أي معنى للاستقرار.
العفوية التي كانت حاضرة في احتفاليتنا باليوم الوطني ليست نتيجة لهوية تثبت جنسية فقط، بل هي ثمرة لعطاء متبادل شكل ملامح الفرح التي يعيشها الوطن وأبناؤه، فمشهد الأعلام التي ترفرف في أيدي المواطنين والمواطنات والأضواء الخضراء وصور القيادة التي تزين واجهات المحلات والمركبات نماذج رمزية تعبر عن انتماء وحب لهذا الوطن الذي قدم ويقدم الكثير لأبنائه وبناته، ويقف شامخا بفكر وعمل متراكم لقيادة وشعب شكلا أعظم وحدة عرفها التاريخ العربي الحديث، بعيدا عن أي شعارات حزبية أو تيارات فكرية.
ملامح الوطن في أيامنا وحالة الفرح التي نعيشها تنظر بعين التفاؤل إلى مستقبل أخضر صاغته رؤية حكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ومشروع نهضوي طموح يسهر على تنفيذه سمو ولي العهد، والذي يقود جيل الشباب لصناعة الغد بلغة واثقة مؤمنة بكفاءة وقدرة أبناء وبنات المملكة على تجاوز الطموح التقليدي إلى فضاءات أكثر رحابة تتيح لكل مجتهد ومنتج فرصة إثبات الذات والإبداع في جميع المجالات؛ لتبقى البلاد كما أرادها الرواد.. قمة تعلو كل القمم.