• نوفمبر 23, 2024 - 2:52 مساءً

مسلمو الروهينغا .. تاريخ متجدد من الإبادة والتنكيل

وسط صمت مطبق وعجز مستغرب من المجتمع الدولي، يتعرض مسلمو الروهينغا في إقليم أراكان غرب ميانمار (بورما) للذبح والحرق والقتل على يد الحكومة البوذية في الإقليم دون رادع سوى تصريحات وبيانات الشجب والاستنكار.
وتشن السلطات حرب إبادة عرقية منظمة، وذلك منذ أن احتلت بورما إقليم أراكان المسلم في القرن الثامن عشر، ومنذ أن نالت بورما الاستقلال عن الاستعمار البريطاني، أجبر أكثر من نصف مليون مسلم على النزوح عن بلادهم في سنوات قليلة.
وتجلت المجازر الوحشية بأعدادها المهولة في ظل انشغال العالم بأخبار الحرب العالمية الثانية في عام 1942 إذ قتل نحو 100 ألف مسلم في حرب إبادة انشغل عنها العالم، كما ينشغل عن الحرب الدائرة الآن وفقا لتعليقات جمعيات إسلامية، إلا أن عددا من لاجئي بورما الذين تحتضنهم المملكة العربية السعودية منذ عقود يؤكدون لـ>>الاقتصادية>> صعوبة الاتصال بذويهم في تلك المناطق التي تتعرض للعنف.

من هم الروهينجا؟
اسم لجماعة مسلمة في ولاية أراكان غربي بورما أو ميانمار. وبحسب التقديرات الرسمية لسنة 2012 يوجد 800,000 روهينجي في أراكان، وتعتبرهم الأمم المتحدة بأنهم أكثر الأقليات اضطهادا في العالم. وهناك العديد منهم قد فر ويعيشون لاجئون في مخيمات في بنغلاديش المجاورة وعدة مناطق داخل تايلاند على الحدود مع بورما. وقد جردوا من مواطنتهم منذ قانون الجنسية لسنة 1982. فلا يسمح لهم بالسفر دون إذن رسمي ومنعوا من امتلاك الأراضي وطلب منهم التوقيع بالالتزام بأن لا يكون لهم أكثر من طفلين.
وحسب تقارير منظمة العفو الدولية فإن مسلمي الروهينجا لايزالون يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان منذ سنة 1978.

أساس المشكلة
بينما يعتقد مسلمي الروهينجا أنهم أحفاد التجار العرب الذين عاشوا في جنوب شرق آسيا منذ قرون فإن حكومة ميانمار تقول إن هذه الرواية غير صحيحة وأن الروهينجا هم مهاجرون من البنغال، ومنذ السبعينات وضعت الحكومات في ميانمار قوانين قمعية استهدفت الروهينجا منها إلغاء شهادات ميلاد الروهينجا ما يعني أنه لم يعد بإمكان الروهينجا التصويت في الانتخابات.
] كيف يعامل الروهينجا في دول المنطقة؟
ـ لا ترحب دول جنوب شرق آسيا بالروهينجا، فبحسب تقرير BBC يقول كريس ليوا الناشط الروهينجي في مشروع أراكان إن دول جنوب شرق آسيا تختلف عن أوروبا التي تقوم دولها ببذل الجهد لإنقاذ المهاجرين من الغرق في البحر المتوسط أما الدول المجاورة لميانمار فهي تتردد في مد يد المساعدة.
ففي 2015 قالت تايلاند إنها مستعدة لاستقبال بعض اللاجئين من ميانمار ولكن بدون إقامة دائمة، وفي حين تسمح بنغلاديش أحيانا بدخول المهاجرين لمخيمات في الحدود الجنوبية الشرقية فإنها أحيانا ما ترسل الروهينجا لميانمار التي يعانون فيها من الاضطهاد.
] هل يمكن حل مشكلة الروهينجا؟
ـ يقول كريس ليوا إنه لا يمكن حل المشكلة إذا لم تمارس ضغوطا دولية على ميانمار لتحسين حالة الروهينجا.
ويقول منتقدي الدول المجاورة لميانمار إنهم يتجاهلون أزمة الروهينجا تماما على مدى سنوات، والآن وجدوا أنفسهم متورطين في أزمة إنسانية، وحاليا تم الدعوة لعدة محادثات بالمنطقة للتباحث في الأزمة ولكن ترفض ميانمار حضور أي منها.

تحذير أممي
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من اتساع رقعة العنف ضد الروهينجا المسلمين في الجزء الشمالي من ولاية راخين في ميانمار، مشددا على أن الأزمة تفاقمت لتصبح «أسرع أزمة لاجئين طارئة وكابوسا إنسانيا لحقوق الإنسان»
جاء ذلك في كلمة لغوتيريش أمام مجلس الأمن الدولي خلال أول اجتماع علني له حول ميانمار منذ ثماني سنوات.
وكانت السلطات في ميانمار ألغت زيارة لمسؤولين أمميين كانت مخططة إلى إقليم راخين الذي نزح عنه مئات الآلاف.
وكانت تلك الزيارة ستكون الأولى التي يقوم بها مسؤولون في المنظمة الدولية إلى المنطقة منذ اندلاع أحداث العنف في الخامس والعشرين من أغسطس الماضي.
وجدد غوتيريش مطالبة السلطات في ميانمار بدخول «غير مقيد» إلى المنطقة لتقديم المساعدات الانسانية. واضطر موظفو الإغاثة التابعون للأمم المتحدة إلى الانسحاب بعد أن هاجم الجيش مسلحين من الروهينجا كانوا قد شنوا هجمات على مسؤولين أمنيين.
وقد مارست الأمم المتحدة ضغوطا من أجل الحصول على إذن بزيارة إقليم راخين للتحقيق في نزوح أكثر من 400 ألف من مسلمي الروهينجا عن الإقليم.

شهادات «تقشعر لها الأبدان»
وأضاف غويتيريش «تلقينا شهادات تقشعر لها الأبدان من الذين فروا ومعظمهم من النساء والأطفال وكبار السن… تشير هذه الشهادات إلى العنف المفرط والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بما في ذلك إطلاق النار العشوائي واستخدام الألغام الأرضية ضد المدنيين والعنف الجنسي».
وطالب بوصول المساعدات الإنسانية على الفور إلى المناطق المتضررة من العنف وعبر عن قلقه «بسبب مناخ العداء الحالي تجاه الأمم المتحدة» وجماعات الإغاثة.
وحذر غويتيريش من أن استمرار تأزم الموقف يهدد بأن يواجه 250 ألف شخص آخرين خطر التشرد.

تعرف على كهنة ميانمار البوذيين المتشددين
ينظر كهنة منظمة «ما با ثا» القومية البوذية في ميانمار إلى وسائل الإعلام الدولية بشك عميق، ومن هذا المنطلق قام أشيان ويراثو زعيم المنظمة برفع مظلة أمام الكاميرا لدى اقترابنا منه في ماندلاي. وفقا لتقرير BBC.
وتتخذ الحركات القومية المتشددة في ميانمار موقفا عدائيا إزاء الصحفيين. فالحقيقة الوحيدة من وجهة نظر «ما با ثا» هي أن البوذيين ضحية الإسلاميين.
ورغم مرور ستة أشهر على قيام حكومة ميانمار بحظر المنظمة فإن الرهبان الذين يقودونها مازالوا نشطين في دعم أجندتهم الشوفينية. ولقد نجحت في الحصول على لقاء بثمانية رهبان يمثلون قيادة الحركة في معبد كيم وين مين غي في ماندلاي.
ويقول الكاهن إياندار ساكا إنه ليس لديه مشكلة مع المواطنين المسلمين الملتزمين بالقانون، ولكنه يقول:» يكفي النظر إلى الهند لترى ما فعل الغزاة المسلمون لإجبار الناس على التحول للإسلام».
ومن هذا المنطلق يمكن النظر إلى حملة القمع الوحشية التي أسفرت عن هروب 370 ألف لاجئ من الروهينجا إلى بنغلاديش.
وكان من المفترض حل «ما با ثا» في يوليو الماضي في ظل حملة الحكومة ضد خطاب الكراهية.

«الجانب الصحيح»
وتساءلت عن رؤية منظمته لموقف أونغ سان سو تشي لأزمة الروهينجا، فاستخدم لفظ «بنغالي»، الذي يعتبره الروهينجا إهانة، ليشير إلى اللاجئين الهاربين.
وقال ساكا: «إن أونغ سان سو تشي في الجانب الصحيح في قضية البنغالي وهي تتحدث عن الأمور الصحيحة، لذلك أرحب بها بسعادة، وهي تتعرض بسبب موقفها لأكاذيب وصور مضللة وإهانات على فيسبوك. وفي الواقع إنه أمر مقزز إهانة زعيمة البلاد».
وتتمتع «ما با ثا» بالقدرة على حشد الجماهير حول سياساتها، وفي الحقيقة لا يحظى الروهينجا بأي تأييد أو تعاطف لدى شعب ميانمار.

«الضحايا الحقيقيون»
وقال ميانت أونغ مو، المتحدث الأمني باسم حزب الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية، إن البوذيين في راخين هم الضحايا الحقيقيون.
وأضاف قائلا: «ما أريد قوله إن راخين الميانمارية تعرضت لهجوم من قبل إرهابيين في ولاية راخين، وليس لدي علم بخصوص مسلمين، فأنا قلق فقط على عرقنا من البوذيين، هذا ما أريد قوله».
فلو كانت أونغ سان سو تشي قد أدانت القمع أو حتى دعت الجيش لضبط النفس لوجدت القليل من المؤيدين هنا، فالجيش يتفهم ذلك جيدا، وهناك أصحاب مناصب رفيعة يشعرون بالرضا إزاء عزلتها الدولية حاليا.
هناك مأساة إنسانية عاجلة في ولاية راخين، والقمع الحالي قد ينتهي خلال أسابيع وربما أيام، ولكن تظل قضايا السلطة العسكرية والقومية البوذية التي ظهرت في أزمة راخين تلقي بظلالها على مستقبل هذا البلد.

Read Previous

صاحب السمو: رفع تصنيف بورصة الكويت إنجاز تاريخي

Read Next

كويت الإنسانية سباقة في نصرة مسلمي الروهينغا

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x