أعرب وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي عن التقدير والاعتزاز بعلاقات بلاده مع الكويت «الضاربة في التاريخ»، مثمنا عاليا الدور الكويتي المحوري في المنطقة والعالم باعتبارها الصوت العربي الحق ومدرسة بالسياسة الرصينة ورأب الصدع وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.
جاء ذلك في لقاء أجرته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) مع الوزير التونسي، اليوم السبت، بمناسبة زيارته المرتقبة إلى الكويت للمشاركة في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب برئاسة وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ الدكتور أحمد الناصر.
وعبر الجرندي عن تقدير بلاده الخاص للكويت قيادة وحكومة وشعبا ومواقفها المبدئية في خدمة القضايا العربية وأسبقيتها في تقديم النصح والعمل بدأب نحو الحلول السلمية والتوافقية في شتى الأزمات والقضايا العربية والإقليمية والدولية.
ولفت إلى ما يربط بين بلاده والكويت من تعاون وثيق في شتى المجالات وحرص قيادتي البلدين الشقيقين وشعبيهما على الارتقاء به إلى مستويات أعلى منوها بأن هذه العلاقات الثنائية قطعت مراحل عديدة كلها طيبة.
وأوضح أن التعاون الثنائي بين البلدين كان ومازال قائما والسعي دؤوب لتجديد هذه العلاقات وترسيخها والارتقاء بها الى مراتب أعلى بفضل توجيهات قيادتي البلدين الشقيقين وتحقيق انطلاقة متجددة لها.
وأشار الوزير التونسي في هذا الصدد إلى اللقاء الذي جمع سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد والرئيس التونسي قيس سعيد خلال تقديم واجب العزاء بالأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، حيث تم الإعراب بشدة عن الرغبة المشتركة بتعزيز هذه العلاقات المتينة والارتقاء بها إلى فضاءات أوسع.
وأضاف أن العلاقات تجسدت في أنبل معانيها الأخوية في قرار سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد اقامة جسر جوي مستعجل لإمداد تونس بالعديد من المستلزمات الطبية بالأكسجين ومولدات الأوكسجين لمساندتها في مواجهة تفشي جائحة فيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19).
وأشار الى انه كان لقرار سموه توفير أجهزة عالية الجودة لمساعدة تونس على مكافحة موجة الحرائق التي اجتاحت بعض المناطق الجبلية بالشمال التونسي الأثر الطيب لدى القيادة والشعب التونسيين.
ولفت إلى أنه بدأ حياته الديبلوماسية في الكويت سفيرا لمدة تسع سنوات قائلا «تتلمذت خلالها في المدرسة الديبلوماسية الكويتية التي أرسى قواعدها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد ورأينا كيف أنه لم يكن يدافع فقط عن الكويت بل عن القضايا العربية كلها بكل صدق وكان مدرسة ديبلوماسية كبرى وكل الديبلوماسيين يعتبرونه من القامات الديبلوماسية العربية والدولية».
وأضاف أن سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد ينهج نفس المنهج السياسي والسياسة التوافقية والرصانة وقول الحق وتقريب وجهات النظر ورأب الصدع حيال ما قد يطرأ على العلاقات العربية – العربية وكذلك حمل صوت الحق والصدق في مختلف القصايا المطروحة عربيا ومختلف القضايا في العالم.
وحول أهم الملفات ذات الاهتمام المشترك أشار الجرندي إلى التنسيق الدائم والتشاور المستمر بينه وبين الشيخ الدكتور احمد الناصر في كل المسائل الثنائية والإقليمية والعربية والدولية، قائلا «ولدينا من الثقة بيننا ما يجعلنا نتعامل بكل شفافية وأريحية ونتشاور باستمرار وخطوطنا مفتوحة دائما إزاء كل القضايا».
وحول عضوية الكويت وتونس غير الدائمة في مجلس الأمن لفت الجرندي الى ان هذه التجربة تجلت تماما في أجمل صورة عندما سلمت الكويت تونس مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن «إذ كانت هناك العديد من المشاورات حتى قبل أربعة أشهر من تسلمنا المقعد وقمنا بمشاورات دقيقة ومستمرة حول النقاط المطروحة على جدول أعمال المجلس وكانت المواقف متطابقة بيننا وحتى بالنسبة لجدول أعمال الأمم المتحدة ككل».
وأضاف أن التنسيق الكويتي التونسي كان محكما جدا «وتسلمنا المشعل من الكويت ولمسنا التقدير الذي تحظى به الكويت لدى بقية أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين وكذلك المواقف التي عبرت عنها دولة الكويت والوفد الكويتي في مجلس الأمن بنيويورك مما سهل لنا مهمتنا وواصلنا السير على نفس المنهج الكويتي». وعن أبرز الملفات محل التنسيق الكويتي التونسي في مجلس الأمن أفاد الجرندي بأنه تصدرتها القضية الفلسطينية «حيث موقفنا متطابق مع الموقف الكويتي في أنها القضية الجوهرية ويجب أن تحظى باهتمام مجلس الأمن وعملنا على عدم إخراجها من جدول أعمال مجلس الأمن وسط محاولات لإبعادها عن جدول أعماله إلى مسارات أخرى».
وتابع أن موقف الكويت كان مشرفا جدا في هذا المسعى و«ثبتت هذه القضية وأرست هذه القاعدة في شأن القضية الفلسطينية بحيث يتم بحثها شهريا في مجلس الأمن ونحن واصلنا على هذا المنوال حتى نبقيها في ذهنية المجتمع الدولي ونثبت المرجعيات الأممية لهذه القضية وعدم التفريط بها».
وتناول الوزير الجرندي أيضا مجالات التنسيق الكويتي التونسي وأبرزها قضايا الأمن والسلم الدوليين وقضايا المرأة والطفولة وحل الأزمات ووقف الحروب موضحا «وكانت مواقفنا متطابقة ونتقاسم نفس المبادئ إزاء صون الأمن والسلم الدوليين وكنا تقريبا بمثابة وفد واحد في المجلس لمدة أربع سنوات».
وذكر أنه «بعد الكويت وتونس سلمنا المشعل لدولة الامارات العربية المتحدة التي نحن على يقين بأنها ستقوم بنفس الموقف والواجب والمبادئ حتى نبقي على صوت العالم العربي في هذه الهيئة الدولية المهمة (مجلس الأمن الدولي) والدفاع عن قضايانا الدولية والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين».
وكانت الكويت قد سلمت تونس مقعدها غير الدائم بمجلس الأمن في يناير 2020 بعد عامين من العمل الدؤوب أمضتهما في اروقة المجلس وسط تحديات كثيرة شاركت خلالهما في تخاذ القرارات خاصة في القضايا التي تهم المنطقة العربية والحفاظ على السلم والأمن الدولي.
وعن الدور الذي تلعبه الكويت في تقريب وجهات النظر أعرب الجرندي عن التقدير للجهود التي بذلتها ولاتزال تبذلها الكويت في «تعزيز التضامن العربي ومنها دورها المشهود في لم الشمل الخليجي وآخرها دورها في معالجة القضية اللبنانية، حيث أخذت الكويت بزمام الأمور وهي جديرة بذلك لأنها صوت الرصانة والتعقل والمعهود الذي يوفق بين مختلف الآراء وصولا إلى الخواتيم الطيبة للأزمات وهذا ليس بغريب على الكويت».
وأضاف «استبشرنا خيرا حين رأينا التحرك الكويتي لرأب الصدع الخليجي، حيث عبرت الكويت بهذه الأزمة بكل سلام وكان دورها حاضرا وفعالا ومضنيا وبذلت جهودا ومشاورات كبيرة حتى حققت أهدافها وعادت العلاقات الخليجية – الخليجية إلى وشائجها الأخوية المعهودة وبالنسبة كذلك للبنان نحن على ثقة بالمنهج والمسعى الكويتي حتى معالجة هذا الأمر».
وعن الاجتماع التشاوري في الكويت أفاد بأنه جاء بمبادرة من الكويت، إذ يترأس المجلس الوزاري العربي الشيخ الدكتور أحمد الناصر وما يميزه أن كل القضايا العربية ومستجدات الوضع في العالم العربي ستكون مطروحة فيه وسط حوار صريح وشفاف ما سيكون له الوقع الحسن والإيجابي وسيتناول أبرز القضايا العربية مثل القضية الفلسطينية والوضع في سوريا وليبيا والأمن القومي العربي والعلاقات العربية مع افريقيا واسيا والعالم ككل. وأشار بهذا الشأن إلى «أهمية اللقاء التشاوري على طريق تعزيز التضامن العربي خصوصا أن هناك قمة عربية مرتقبة في الجزائر بهدف التوافق حول مجمل القضايا والتوصل الى الحلول التوافقية إزاء قضايانا وغيرها في محيطنا المباشر وغير المباشر»، لافتا إلى أهمية القمة المرتقبة في السعودية بين العالمين العربي والإفريقي لتمتين العلاقات بين هذين الفضاءين المهمين.
وأعرب الجرندي عن التقدير لما تحظى به الجالية التونسية في دولة الكويت من رعاية كاملة وفي شتى ميادين العمل التي يعملون بها وسط تطلع كبير لزيادة تبادل الخبرات بين البلدين خصوصا في مجالات التعليم والصحة والتمريض ومختلف مجالات التعاون.