• نوفمبر 24, 2024 - 12:29 صباحًا

 السفير الاماراتي يكتب .. 100 يوم على انطلاق COP28

مع بدء العد التنازلي لانعقاد الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 التي تستضيفها دولة الإمارات، تتجه الأنظار إلى منطقة الخليج العربي وبالتحديد إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث تمثل استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ تتويجاً لجهود دولة الإمارات الكبيرة ومبادرات دول الخليج العربية في مجال العمل المناخي.

تعد الإمارات من الدول الرائدة في ملف الاستدامة والعمل المناخي، وبفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة بدأت الدولة مشاريعها واستثماراتها في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة قبل نحو عقدين من الزمن، كما أنها أول دولة في المنطقة تعلن عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، حيث تركز تلك الاستراتيجية على دعم الأنشطة والمبادرات الوطنية التي تهدف إلى مواجهة تحديات المناخ، من خلال تحقيق ثلاثة أهداف، تكمن في إدارة انبعاثات غازات الدفيئة مع الحفاظ على النمو الاقتصادي المستدام في الدولة، وتخفيف الأخطار وتحسين القدرة على التكيف مع تداعيات تغير المناخ، وأخيراً تعزيز التنوع الاقتصادي من خلال تطبيق حلول مبتكرة بالتعاون مع القطاع الخاص.

وتنظر دولة الإمارات إلى العمل المناخي بوصفه فرصة للمساهمة في إيجاد حلول عملية وفعّالة لمشكلة عالمية تؤثر على الجميع، وتحويل التحديات إلى فرص للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام وبناء مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة، ويشكّل مؤتمر الأطراف COP28 فرصة عالمية مهمة لتوفيق الآراء والعودة إلى المسار الصحيح في العمل المناخي، وإنجاز تقدم ملموس في الحفاظ على إمكانية تحقيق هدف تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، ومواصلة التزام أهداف وطموحات اتفاق باريس.

ولدى دولة الإمارات قناعة راسخة بأن تضافر الجهود العالمية، وحشد التمويل اللازم لتمكين الدول المختلفة من تحقيق تعهداتها وبرامجها لخفض الانبعاثات، وتوجيه الاستثمارات في مصادر الطاقة، وزيادة جهود البحث والتطوير في جميع مجالات وتطبيقات الطاقة، ضرورية لتحقيق الهدف العالمي بالمحافظة على خفض الانبعاثات.

وتولي دولة الإمارات وقيادتها أهمية كبيرة للاستدامة، وتعمل على تعزيز جهودها في هذا المجال إلى جانب الاستثمار في التقنيات التي تساهم في استدامة الموارد الطبيعية وتحقيق الحياد الكربوني. فخلال العقدين الماضيين ظهرت تقنيات عديدة أصبح لها أثر إيجابي مهم على جهود تحول الطاقة وخفض الانبعاثات سعياً لتحقيق الحياد الكربوني، ومن أهم هذه التقنيات التقاط الكربون وإزالته. فقد تم في عام 2016 تدشين مشروع الريادة لالتقاط 800 ألف طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا من مجوعة حديد الامارات اركان وإعادة استخدامه في عمليات تعزيز إنتاجية المكامن النفطية. وللاستفادة أكثر من هذه التقنية أعلنت شركة بترول ابوظبي الوطنية ادنوك عن خططها لزيادة قدرتها على التقاط ما يقارب 5 ملايين طن متري من انبعاثات الكربون بحلول عام 2030. ولأهمية استمرار البحث والتطوير فقد تم في عام 2022 الإعلان عن افتتاح اول مقر إقليمي للمعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه بمدينة مصدر بدولة الامارات. ويعمل المعهد على تعزيز البحث والتطوير في تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه بما يدعم الجهود الرامية لتحقيق الحياد الكربوني.

يواجه العالم تحديات مناخية كبيرة تؤثر على التنوع البيولوجي والأمن المائي والغذائي، بالإضافة إلى ظواهر أخرى مثل الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، ويعزز هذا الوضع الحاجة الملحّة لتحرك عالمي سريع، حيث تشير التقارير إلى أن العالم تجاوز متوسط درجات الحرارة ثلاث مرات على التوالي في الفترة الماضية، وتم تسجيل شهر يوليو 2023 بوصفه الأشد حرارة في التاريخ.

لذلك، تعمل دولة الإمارات على تكثيف جهودها للتعاون مع جميع دول العالم، وخاصة دول الخليج العربية، لضمان توحيد الجهود والعمل على وضع أسس جديدة تنظم العلاقة بين صانعي السياسات، وأكبر منتجي الطاقة، وكبار المستهلكين الصناعيين، وتسعى رئاسة COP28 إلى أن يكون المؤتمر نقطة تحول تدفع العالم للقيام بتغيير جذري، وتحقيق النقلة النوعية المنشودة في هذا العقد الحاسم بالنسبة للعمل المناخي.

ووفق خطة العمل، التي أعلن عنها مؤخراً معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، سيركّز المؤتمر على العمل لتحقيق نتائج ملموسة عبر أربع ركائز، هي تسريع تحقيق انتقال مسؤول ومنطقي وعملي وعادل في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، وتركيز جهود التكيف على الحفاظ على البشر والبيئة وتحسين الحياة وسُبل العيش، وضمان احتواء الجميع بشكل تام في منظومة عمل المؤتمر.

وفي هذا السياق، يحرص COP28 على ضمان أن يكون أكثر دورات مؤتمر الأطراف احتواءً للجميع، وسيعمل على ضمان سماع أصوات المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، وسيستفيد من إمكانيات دولة الإمارات بوصفها مركزًا رئيسًا للطاقة والصناعة، وللتجارة والأعمال والسياحة، ومحورًا مهمًا للخدمات اللوجستية والنقل والتكنولوجيا، مما يؤهلها لبناء جسور التعاون والتواصل، وتعزيز العمل الجماعي لتسريع التقدم في العمل المناخي الشامل.

وفي الختام، لا شك أن دولة الإمارات تقوم بجهود كبيرة نحو تحقيق التزامها الراسخ بالعمل المناخي، بالتعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق نقلة نوعية في هذا الصدد. وفي ضوء كل هذه الجهود، فإنّ العالم يتطلع إلى منطقتنا، وإلى مؤتمر الأطراف COP28 الذي سنستضيفه في مدينة إكسبو دبي، للوقوف على نتائج تعهدات الدول التي أعلنت عنها في مؤتمر COP26 في غلاسكو ومدى قدرتها على إحداث التغيير المنشود، والمحافظة على إمكانية تحقيق هدف تفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.

د. مطر حامد  النيادي 

سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الكويت

 

Read Previous

وزير الخارجية القطري بحث مع السفير المطيري مشاركة  الكويت في «إكسبو الدوحة» 2023

Read Next

وكيل «الداخلية» بحث آلية الربط الإلكتروني مع «العدل» و«المواصلات»

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x