أقام سمو الشيخ ناصر المحمد، بقصر الشويخ، مأدبة عشاء تكريما لوليام هنري جيتس الثالث، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميليندا جيتس الخيرية.
وألقى سمو الشيخ ناصر المحمد كلمة رحب فيها بضيف الكويت، وقال: «بيل جيتس الثالث ضيف سمو أمير الكويت قائد العمل الإنساني، يسعدني أن أنقل إليكم تحيات المعجبين بتجارب المثابرة والنجاح والمهتمين بأنشطة العمل الخيري والإنساني والمتابعين لصناعة الفكر والمعرفة والثقافة والعاملين في صناعة البرمجة وأنظمة الكمبيوتر».
تعتبر جميع هذه الفئات بيل جيتس شخصية تركت أثرا ملموسا في كل من نشاطاتها عبر التاريخ، خصوصا جهوده التي اختصرت سبل تحصيل المعرفة.
غير أن بيل جيتس لم يكتف بدخول التاريخ الإنساني كأهم صانع برامج كمبيوتر، ولا كأبرز رجل عصامي احتل المرتبة الأولى لدى مجلة فوربس لعدة سنوات، بل أصر على أن يدخل كتب التاريخ من باب العمل الخيري والإنساني. ففي العام 2000 أسست أكبر مؤسسة خاصة للعمل الإنساني، وهي مؤسسة بيل وميليندا جيتس الخيرية، وجعلت عالم الفقراء والمحتاجين مجال اهتمامك وتفكيرك. وكما يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم «ما نقص مال من صدقة».
السيد جيتس إن أجل الأعمال التي يقوم بها المرء في هذه الحياة هي التي تخدم الإنسانية جمعاء، تلك الأعمال التي تحارب المرض وتقضي على الفقر وتذلل صعاب الحياة أمام الآخرين. يخلد التاريخ أسماء الأشخاص الذين يفعلون ذلك مثل فيثاغورث وابن الهيثم وأرخميدس والخوارزمي وأرسطو واقليدس وجابر بن حيان وكوخ وباستور وابن سيناء وفولتا وأديسون. هذه الأسماء تبقى خالدة لأن أعمالهم كانت موجهة إلى الإنسان وحده متجاوزة الاختلافات القومية والعرقية والعنصرية والسياسية. وإذا كان الكمبيوتر هو إحدى معجزات هذا العصر باختزاله عناء البحث العلمي وتيسيره الأعمال الحسابية المرهقة وتسهيل حل المعادلات الرياضية المعقدة وتوفير طرق واسعة لتدفق المعلومات واختصار وسائل التواصل عموما، فإن أعمال البرمجة كانت هي الأداة التي يسرت تلك الانجازات. وبيل جيتس كمبتكر لبرامج المايكروسوفت هو أحد أهم الشخصيات في التاريخ، ولكن بما أن العلم هو تراكم معرفي تساهم فيه الأمم والشعوب والأجيال ويبرز فيه المبدعون الذين يضيفون إلى المعرفة مساهمة مفيدة، فلا بد أن نذكر أن محمد بن موسى الخوارزمي مبتكر اللوغاريتم هو الذي وضع اسس هذا المجال في القرن الثامن عشر، وهنا سيد جيتس أستذكر أيام دراستك الأولى في مدرسة ليكسايد حين صممت مع أربعة من زملائك برنامج كمبيوتر لمدرستكم.
السيد جيتس نحن في الكويت نحسب أنفسنا من المهتمين بالعمل الخيري، وهذا الاهتمام لم يبدأ بعد تدفق الثروة النفطية. إذ يحفل تاريخنا الاجتماعي بأمثلة كثيرة من التكافل الاجتماعي، وبعد تدفق النفط شهدت الكويت أنشطة مدنية متنوعة من العمل الخيري، وشهد تاريخنا شخصيات عدة من الذين اشتهروا بمساعدة الفقراء ولعل أشهرهم هو ذلك الذي ذكرته في مقالتك المرحوم الدكتور عبدالرحمن حمود السميط الذي تميز عن غيره بتواجده بين الفقراء، فقد اختار أن يذهب إليهم ويعيش في قراهم ويأكل طعامهم. لقد سخر مهنته الطبية في علاجهم وتخفيف آلامهم وكرس نفسه للقارة الأفريقية حتى باتت معظم الدول الأفريقية تعرف جهوده اليوم. أود هنا أن أتوجه بالشكر لك سيد جيتس على المقالة الرائعة التي خصصتها للدكتور السميط. فقد جاءت كلماتك لتعبر الثقافات والديانات والقوميات، وتؤكد للقارئ أن الإنسانية هي هدف العمل الخيري وقد استقبل الشعب الكويتي كلماتك بكثير من التقدير. يسعدني في هذه الليلة أن يكون من بين ضيوفنا السيد صهيب عبدالرحمن السميط ابن المرحوم الدكتور السميط ليشاركنا الاحتفاء بذكرى والده.
السيد جيتس: إن العمل الخيري في الكويت ليس توجها شعبيا فحسب بل هو توجه رسمي كذلك. ففي عام 1961 أنشأت الكويت الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وكان شعار هذا الصندوق «مساعدة الفقراء على مساعدة أنفسهم». وتركزت معظم مساعدات الصندوق على قطاعات الزراعة والري والنقل والاتصالات والطاقة والصناعة والمياه والصرف الصحي، ولاحقا أضيفت إليها القطاعات الاجتماعية لتشمل الأبنية التعليمية والصحية، كما شملت مساعدات الصندوق كل الدول المحتاجة عبر القارات. وكان الكويتيون فخورين جدا عندما قامت هيئة الأمم المتحدة بتقدير الجهود الإنسانية التي تبذلها دولة الكويت بقيادة سمو أمير البلاد المفدى الذي سمي قائدا للعمل الإنساني في العالم.
وفي الختام أكرر ترحيبي بالضيف المميز وليام هنري جيتس الثالث وأتمنى أن تكون زيارته إلى الكويت حافزا لمزيد من العمل الإنساني والنشاط الخيري».
بعدها ألقى بيل جيتس كلمة شدد فيها على ان اهداف مؤسسة بيل وميليندا جيتس الخيرية تتفق تماما مع توجهات دولة الكويت، مشيدا بتاريخ الكويت الحافل بالعمل الانساني وبشكل خاص موقفها ازاء الازمة السورية من خلال استضافة ثلاثة مؤتمرات للدول المانحة، مضيفا ان «الشراكة التي سنقوم بها ستكون لها آثار واضحة على مكافحة الامراض». وحضر المقابلة رئيس بعثة الشرف المرافقة المستشار بالديوان الأميري الدكتور يوسف حمد الإبراهيم.