• نوفمبر 23, 2024 - 8:53 مساءً

الحميضي: التقاعد المبكر سيؤدي لسحب الخبرات الوطنية والاستعانة بالوافدين

حذر المدير العام للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حمد الحميضي، من أن سلبيات التقاعد المبكر، مثل انسحاب الخبرات الوطنية مبكرا من العمل، وإهدار ما صرف عليها من تدريب وتأهيل، والاستعانة بغير المواطنين في بعض التخصصات، بما يؤثر على التركيبة السكانية وتركيبة قوة العمل، ويتعارض مع خطة التنمية وسياسة الإحلال.
وقال الحميضي، بحسب صحيفة «الجريدة»، إن الدراسات التي أعدتها المؤسسة في شأن التعديلات المقترحة على قانون التأمينات الاجتماعية أظهرت أن التكلفة المالية المترتبة على بعض الاقتراحات تصل إلى نحو 4 مليارات دينار، مؤكدا أن صندوق الباب الثالث، الذي تمسه التعديلات المقترحة، لا قدرة له على تحمل أي أعباء إضافية، ولا يسمح مركزه المالي بأي حال من الأحوال بذلك، كما أن عددا من الصناديق الباقية تتأثر جوهريا بمثل هذه التعديلات.
وأضاف الحميضي أن أي تعديلات جوهرية على نظام التقاعد يفترض أن تستند إلى دراسات فنية متخصصة، تتناول كل الجوانب، بما في ذلك تبعاتها وآثارها، وتراعي طبيعة نظام التأمينات الاجتماعية كله وأغراضه.
وتابع: «انطلاقا من مسؤوليتها عن صناديق التأمينات الاجتماعية، فإن تحديد سن للتقاعد بالنسبة إلى المؤسسة هو واجب يحتمه ضمان استمرار الصناديق في أداء رسالتها وتحقيق أهدافها بما يحقق المصلحة العامة».
وفيما يلي التفاصيل:

] يُطرح بين فينة وأخرى عدد من الاقتراحات بقوانين بإلغاء أو تعديل سن التقاعد، وفي الفترة الأخيرة، وحسبما تم تداوله، انتهت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة إلى تخفيض سن التقاعد من 55 إلى 50 بالنسبة للرجل، ومن 50 إلى 45 بالنسبة للمرأة، ما موقف المؤسسة من ذلك؟
ـ بداية، لا بد من التأكيد على أن تحديد سن للتقاعد تم بناء على دراسات متخصصة شملت كل الجوانب المتعلقة بالموضوع، وخصوصا خطورة الاستمرار في التقاعد المبكر على توازن الصناديق، ثم قدرتها على أداء التزاماتها، التي يمثل المعاش التقاعدي الجانب الأبرز والأهم منها، لارتباطه بتأمين حياة المواطنين عند شيخوختهم أو عجزهم أو مرضهم ولذويهم بعد الوفاة، ومن ثم ارتباطه باعتبارات الأمن الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي للمجتمع.
ولم يقتصر إعداد هذه الدراسات على المؤسسة، بل شاركت فيها جهات دولية متخصصة ومحايدة أكدت وجوب تحديد سن لا يجوز صرف المعاش قبل بلوغها، واعتبر الخبراء أن تحديد السن المذكورة خطوة إصلاحية كانت مطلوبة لإصلاح الأوضاع وتفادي العجز المالي الذي كان يمكن أن ينشأ مستقبلا، وأن ترك الأمور دون إصلاح يجعل المطلوب تحديد أعمار متقدمة جدا أو زيادة الاشتراكات أو تخفيض المعاشات التقاعدية بشكل ملموس، كل ذلك أو بعضه.
أيضا من المهم التأكيد على أن نظام التأمينات الاجتماعية في الكويت ليس بمعزل عما يجري في العالم، وما تواجهه صناديق التقاعد من تحديات في الوفاء بالتزاماتها في ظل ارتفاع متوسط الأعمار وتطور الحياة المعيشية وتقدم الرعاية الصحية، التي بدأت العديد منها في اتخاذ إجراءات لتعديل تشريعاتها نحو رفع سن التقاعد، بل وأصدرت بعضها الأحكام المقررة لذلك.
بالتالي، يفترض، في ضوء ذلك كله، أن أي تعديلات جوهرية على نظام التقاعد يجب أن تكون في هذا الإطار، وأن تستند إلى دراسات فنية متخصصة تتناول كل الجوانب، بما في ذلك تبعاتها وآثارها، وتراعي طبيعة نظام التأمينات الاجتماعية بأكمله وأغراضه.
وبالنسبة إلى موقف المؤسسة، وانطلاقا من مسؤوليتها عن صناديق التأمينات الاجتماعية، فإن تحديد سن للتقاعد بالنسبة إليها هو واجب يحتمه ضمان استمرار الصناديق في أداء رسالتها، وتحقيق أهدافها، بما يحقق المصلحة العامة، ولا تملك قبله أي خيار، فمن غير الوارد بالنسبة لها أن تتفق مع أي اقتراحات تتجه نحو أي تعديلات تتعلق بالسن المذكورة على نحو يتعارض مع المستهدف من تقريرها، لما في ذلك من هدم أساس فني أصبح يقوم عليه نظام التأمينات الاجتماعية كما في معظم دول العالم، ورجوع غير مبرر عن خطوات إصلاحية قطعت فيها المؤسسة شوطا ليس بقصير حتى الوصول إلى المستهدف عام 2020، راعت فيها الأحكام المحددة للسن أوضاع المؤمن عليهم والتدرج في السن المطلوبة.
] هل لدى المؤسسة تصورات حول تكاليف الاقتراحات بقوانين بتعديل سن التقاعد؟
ـ نعم، وكما سبق أن ذكرت، أي تعديلات تتم دراساتها من كل الجوانب بما في ذلك الجانب المتعلق بالتكلفة، وانتهت الدراسات، التي أعدتها المؤسسة في شأن التعديلات المقترحة إلى أن التكلفة المالية المترتبة على بعض الاقتراحات تصل إلى نحو 4 مليارات دينار.
والواقع أن صندوق الباب الثالث، الذي تمسه التعديلات المقترحة لا قدرة له على تحمل أي أعباء إضافية، ولا يسمح مركزه المالي بأي حال من الأحوال بذلك، كما أن عددا من الصناديق الباقية تتأثر جوهريا بمثل هذه التعديلات.
وهناك تكلفة أخرى لا يمكن تقديرها لتعلقها بالعنصر البشري، الذي هو أثمن الثروات، لما يترتب على التقاعد المبكر من انسحاب للخبرات الوطنية مبكرا من العمل، وإهدار لما صرف عليها من تدريب وتأهيل، والاستعانة بغير المواطنين في بعض التخصصات بما يؤثر على التركيبة السكانية، وتركيبة قوة العمل، ويتعارض مع خطة التنمية، وسياسة الإحلال التي تتجه جهود الدولة إلى معالجة الإشكاليات المتعلقة بها.
] يرغب المواطن العادي في معرفة من أين تأتي هذه التكلفة بشكل مبسط وميسر؟
ـ بتبسيط شديد، فإن التكلفة ناتجة عن قصر مدة أداء الاشتراكات ومقدارها مقارنة بطول مدة صرف المعاشات ومقدارها، إذ يترتب على عدم التناسب بين هذه العناصر التكلفة التي تتحمل بها الصناديق، وترجع طول مدة صرف المعاشات التقاعدية، إلى الزيادة في متوسط الأعمار نتيجة تحسن الأحوال الصحية، لذلك فإن معظم دول العالم تتجه نحو زيادة سن التقاعد لتلافي العجوزات في صناديقها كما سبق بيانه.
وبذات القدر من التبسيط، فإن السؤال الذي يطرح في هذا الشأن هو: كيف يمكن لاشتراكات تؤدى بواقع 25 في المئة من المرتب مدة تتراوح بين 15 و25 سنة، أن تمول معاشا تقاعديا يتراوح بين 65 و 85 في المئة من المرتب لمدة تتراوح بين 25 و30 سنة أثناء حياة صاحب المعاش، ثم لورثته بعد الوفاة لمدد أخرى بما يصل إلى صرف المعاش في المحصلة إلى ضعف السداد.
] ما المكانة التي تحتلها الكويت بين دول العالم في تحديد سن التقاعد؟
ـ السن المحددة للتقاعد حسب الأحكام الحالية مقررة بجداول تراعي التيسير والتدرج، وبلغت هذه السنة 47 للمرأة و52 للرجل، وتزداد تدريجيا بواقع سنة كاملة حتى الوصول إلى السن المستهدفة في 1/1/2020 وهي 50 سنة للمرأة و 55 للرجل، وهذه السن بالتأكيد تقل عن السن المحددة في معظم أنظمة التأمينات الاجتماعية في العالم التي تحدد سنا لا تقل عن 55 للمرأة و60 للرجل، منها دول الخليج المشابهة في الظروف والتي تحدد جميعها سنا لا تقل عن ذلك، بل إن عددا من دول العالم المتقدم لا تفرق بين الرجل والمرأة في سن التقاعد وتحدد سنا يزيد على الـ60.
] هل المتصور أن يترتب على تخفيض السن أو إلغائه تعديل نظام التأمينات الاجتماعية؟
ـ نعم من المتصور ذلك، وحتى أكون أكثر تحديدا، فإن أي تعديل في السن سوف تترتب عليه ضرورة إعادة النظر في النظام، سواء لناحية سحب بعض الميزات التأمينية كتخفيض المعاشات التقاعدية لمن يرغب في التقاعد مستقبلا، أو إعادة النظر في الاستبدال أو من حيث زيادة الاشتراكات، وقد يتم ذلك جميعه أو بعضه، وسبق أن أشارت تقارير «اكتوارية» سابقة إلى بعض هذه الحلول، كما سبق في تقرير «الشال» الاقتصادي التحذير من خطورة تمرير مثل هذه الاقتراحات ليس فقط على المالية العامة، وإنما أيضا على المواطنين، إذ أظهر التقرير أن ثمنها سوف تدفعه مستقبلا الأغلبية العظمى من الناس العاديين.
] يثار في تبرير التقاعد المبكر أنه حل لبعض المشكلات مثل خلق فرص عمل وتمكين المرأة من رعاية أسرتها فما وجهة نظر المؤسسة في ذلك؟
ـ في الواقع، دور المؤسسة المحدد لها قانونا هو توفير خدمات التأمين الاجتماعي، التي تقدمها الدولة تنفيذا لالتزامها الدستوري في هذا الخصوص، وهذه الخدمات مرتبطة بالأخطار المؤمن ضدها، ومنها الشيخوخة، ولا يمكن النظر إلى سن الأربعين أو الخمسين على أنها سن شيخوخة يتعطل المواطن ببلوغها عن العمل وتقل قدرته عليه، بل على العكس من ذلك، فهي سن تكوّن الخبرة واكتمالها والعطاء، ولا يجوز النظر إلى نظام التأمينات الاجتماعية كوسيلة لحل أي مشكلات خارج طبيعته وأهدافه، وتحميله بأعباء إضافية لتحقيق ما ليس من أغراضه التي أفصحت عنها الملامح الأساسية له بما قررته من أن الهدف منه هو توفير المعاشات لأفراد المجتمع الكويتي في شيخوختهم أو عجزهم أو مرضهم، وخلق فرص العمل، مثلا سبق أن أشارت خطط التنمية ومتخصصون في هذا المجال إلى أن ذلك يكون بتعزيز نمو القطاع الخاص وزيادة فرص العمل فيه للمواطنين، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والحد من توظيف العمالة الوافدة في القطاع الحكومي في وظائف يمكن أن يشغلها المواطنون، وزيادة الاستثمار في المشروعات الصناعية والمالية ومشروعات البنية التحتية وتعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص في تنفيذ المشروعات التنموية وغير ذلك مما يخلق فرصا جديدة للمواطنين في هذا الشأن.
وبالنسبة لتمكين المرأة من رعاية أسرتها، فهو أمر متحقق بالفعل بالتشريعات القائمة والوسائل المتاحة لها للقيام بهذا الدور والتيسيرات المقررة بهذه التشريعات، مثل قانون التأمينات الاجتماعية وقانون الخدمة المدنية وقانون حقوق الطفل وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال المقرر من حقوق تحقق هذا الغرض، وعلى سبيل المثال تقديم تيسيرات في التقاعد كالمعاش المخفض ومعاش رعاية المعاق، وإجازات الأمومة ومرافقة الطفل المريض ورعاية الأسرة وتخفيض ساعات العمل في بعض الحالات وتوفير فرص التعليم بسن مبكر.
ومع الأخذ بعين الاعتبار أن المرأة بالذات تشكل ما نسبته 54 في المئة تقريبا من قوة العمل، والسماح بتقاعدها مبكرا، يعني ذلك تعطيل نصف طاقات العمل، خصوصا أن عددا ليس باليسير من الأعمال والوظائف تمثل المرأة نسبة مرتفعة من شاغليها، كما أن عددا منها يعاني محدودية شاغليها من الكويتيين.
لذا، من الواضح أن التقاعد المبكر ليس حلا ناجعا للموضوعات سابقة الذكر، وإنما يخلق عدة مشاكل كاستنزافه أموال الصناديق، وتحميل الدولة أعباء مالية، وفقدان الخبرات وزيادة العمالة الوافدة وغير ذلك.

Read Previous

«كونا» و«أ.ش.أ» تعززان من تعاونهما في تغطية الأحداث

Read Next

الديوان الأميري يكرم الفنان الكبير عبدالعزيز المفرج

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x