بعد قرار تمكين المرأة من تقديم الخدمات لها بدون موافقة من ولي الأمر في مايو الماضي من عام 2017 جاء قرار تاريخي آخر وليلة سعيدة للغاية قضتها الأسرة السعودية بشكل عام والمرأة السعودية بشكل خاص، وذلك عقب صدور قرار ملكي من خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بمنح الحق في استصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء وبذلك يتم رفع الحظر عن المرأة السعودية في استخراج رخصة القيادة.
هذا القرار التاريخي والمهم جدا في محتواه وهدفه وتوقيته جاء ليثبت ما ذكرناه مرارا أن المملكة الفتية تسير بخطى ثابتة على طريق المجد الذي لا يخالجني أدنى شك في تحقيقه، وأن هذا القرار التاريخي للملك سلمان في نيل المرأة السعودية حقها في قيادة السيارة يضاف لقرارات أخرى سابقة انتصرت لحقوق المرأة كقرار المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود بدعم تعليم المرأة، وكذلك قرار المغفور له بإذن الله جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بحق المرأة بالتصويت في الانتخابات وإدخالها مجلس الشورى، وكذلك الابتعاث للدراسة بالخارج.
ومما لا ريب فيه أن هذا القرار عندما يتم تفعيله بإذن الله وبعد تخطي بعض العقبات المجتمعية لبعض المتعنتين مناهضي القرار الذين لا يرون أي جوانب مضيئة في أهمية المرأة مجتمعيا سيكون له مردود عظيم إيجابيا في جوانب كثيرة اقتصادية واجتماعية وثقافية، لأن المرأة السعودية أخت الرجال لا تقل أهمية عن أي امرأة تساهم في نهضة وطنها في شتى بقاع الأرض، كذلك مشاركة الرجال في سوق العمل بنسبة أكبر ستنتج عنه زيادة مساحة الثقة فيها وتغيير النظرة الخاطئة إليها بعدم قدرتها على الإنتاج والإبداع، وكذلك توفير الكثير من الأموال التي تتكبدها الأسرة السعودية نتيجة هذه التراكمات من العادات والتقاليد التي ظلت جامدة مرفوض النقاش فيها والتي لم تتغير للأسف بتطور الحياة ومقتضياتها، العجيب أن نصف خريجي الجامعات السعودية من السيدات ومع ذلك تشكل نسبة الأيدي العاملة منهن 16 في المائة والسبب الرئيسي معروف وهو إنفاق السيدات العاملات لنصف رواتبهن على التنقل ما بين المنزل والدوام وشراء حاجيات المنزل ورعاية الأطفال ومرافقتهم، وفى إحصائية نشرها موقع اوكسفورد بيزنيس جروب أن زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل لـ 40 في المائة سيوفر 17 مليار دولار تضاف للناتج المحلي للمملكة.
كذلك إذا علمنا ان هذا القرار والذي ستنتج عنه زيادة نسبة السيدات في سوق العمل سيوفر المعاشات الضمانية من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والتي كانت تمنح للتي لا تعمل، أما من الناحية الثقافية فأرى ان هذا القرار التاريخي سيكون له دور كبير مستقبلا في تغيير الكثير من المفاهيم الخاطئة لدى بعض المتعنتين ضد المرأة تحت ستار الشريعة السمحة التي تبرأ من هذا التعنت وتفتح باب نقاشات مهمة نحو مزيد من التطور الذي تقوم ركائزه على استغلال المقومات البشرية للمجتمع السعودي بالكامل وهذا لن يتم إلا بحوار مجتمعي متحضر يسبق أي قرار يعطي الحقوق لأصحابها.
كل الشكر والتقدير لجلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، على استكمال هذه القرارات والمحطات التاريخية في دعم المرأة السعودية وهذا يدل على أن القيادة الحكيمة والشجاعة والحازمة لجلالته في ظل هذه الظروف العصيبة لم تثنه عن قرار إنساني ينتصر للمرأة السعودية التي يوليها جلالته كل الاهتمام والتقدير… حفظ الله المملكة قيادة وشعبا وبارك الله في مليكها وسمو ولي العهد ووفقهما دائما لسبل الخير والرشاد.