تحتفل دولة الكويت غدا الأحد بمرور ستة عقود على انضمامها الى هيئة الامم المتحدة بينما تواصل مساعيها النشطة وجهودها الحثيثة نحو تحقيق السلم والامن الدوليين وتعزيز مجالات التنمية المختلفة والاهتمام بحقوق الانسان فهذه لاتزال ابرز سمات مسيرة السياسة الخارجية الكويتية منذ باتت العضو رقم 111 في الاسرة الدولية.
وبعد صدور القرار رقم 1872 بقبول دولة الكويت عضوا في المنظمة الدولية خاطب أمير دولة الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الذي كان وزيرا للخارجية آنذاك الجمعية العامة قائلا “ان انتماء الكويت الى النشاط الدولي يدل بوضوح على أن الاستقلال والعضوية في الامم المتحدة ليسا نهاية بحد ذاتها بل هما وسيلتان للمشاركة في المسؤولية لتحقيق حياة أفضل لشعبها وشعوب دول العالم”.
وأثبتت دولة الكويت كفاءتها ومكانتها بين الدول الاعضاء بالأمم المتحدة حيث فازت بعضوية مجلس الامن الدولي غير الدائمة لعامي 1978 و2018 ووقفت دائما الى جانب العدل وأيدت حق تقرير المصير للامم والشعوب وساندت الجهود المبذولة لاقرار السلم والامن ونشره في ربوع المعمورة. وحددت دولة الكويت عددا من الاولويات قبل انضمامها لعضوية مجلس الامن لعل أبرزها الدفاع عن القضايا العربية والاسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية
بالاضافة الى القضايا الانسانية ومسألة تحسين أساليب عمل مجلس الامن وتعزيز الدبلوماسية الوقائية والوساطة ومنع نشوب النزاعات وذلك من خلال انتهاجها سياسة خارجية تتسم بالاتزان والاعتدال. ومنذ انضمام الكويت للامم المتحدة اتبعت نهجا ثابتا في سياستها الخارجية ارتكز بشكل أساسي على ضرورة تقديم المساعدات الانسانية لكل البلدان المحتاجة وذلك انطلاقا من عقيدتها وقناعتها بأهمية الشراكة الدولية وتوحيد وتفعيل الجهود الدولية بهدف الابقاء والمحافظة على الاسس التي قامت اجلها الحياة وهي الروح البشرية.
وخلال السنوات الاخيرة برزت الكويت على ساحة العمل الانساني الدولي بصورة لم يسبق لها مثيل حيث لعبت دورا رئيسيا في هذا المجال من خلال مؤسساتها الرسمية والهيئات والجمعيات الخيرية ونظمت ثلاثة مؤتمرات عالمية لكبار المانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا.
ولطالما كانت الكويت دائما في مقدمة الدول الساعية إلى السلم والتعاون وتعزيز احترام حقوق الانسان ومد يد المساعدة الى الدول المحتاجة والمنكوبة حتى أعلنت الامم المتحدة الكويت مركزا انسانيا عالميا ومنحت امير الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه لقب قائد للعمل الانساني تقديرا للدور الكبير للعمل الانساني الذي بلغ الذروة في عهد سموه وتتويجا لهذه المسيرة الخيرة. واستكمالا لجهودها الانسانية فقد تعهدت دولة الكويت مؤخرا بتقديم ما يقارب 90 مليون دولار لدعم جهود الأمم المتحدة لمساعدة الناجين من الزلازل التي وقعت في سوريا وتركيا فبراير الماضي وتتضمن مساهمات من الحكومة والشعب الكويتي.
وبحسب الامم المتحدة فإن هذا التمويل يعد من أكبر التمويلات التي قدمها بلد واحد حتى الآن وسيساعد وكالات الأمم المتحدة على توفير خدمات الغذاء والتعليم والمأوى والحماية والصحة والانعاش المبكر الى جانب خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة لما يقارب 18 مليون شخص تضرروا من الزلازل في كلا البلدين. وأعرب وكيل الأمين العام للشؤون الانسانية ومنسق الاغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيثس في بيان عن شكره وامتنانه لدولة الكويت على هذا الدعم مبينا أن هذه المساعدة والمساهمة من حكومة الكويت وشعبها ستقدم بصورة فورية للعائلات التي لا تملك شيئا في تلك المناطق المنكوبة.
وأكد وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح في تلك المناسبة ان الكويت ستبقى داعما قويا للجهود التي تبذلها وكالات الأمم المتحدة في تقديم المساعدات الانسانية والاغاثية الطارئة للدول المتضررة ايمانا منها بأهمية دعم وتعزيز شراكاتها الدولية والاقليمية ولا سيما على المستوى الانساني.
وفي الشأن الانمائي فقد دعمت دولة الكويت بقوة برامج الامم المتحدة التنموية والاقتصادية واستعانت بالمساعدة الفنية الدولية من خلال برنامج الامم المتحدة الانمائي حيث شهد التعاون بينها وبين هذا البرنامج تطورا متزايدا سمح لاهداف هذا البرنامج بأن تشمل العديد من القطاعات الانمائية في الكويت.
وعبر مسيرة دولة الكويت في الامم المتحدة فقد انتخبت نائبا لرئيس الجمعية العامة لأمم المتحدة في الدورتين 21 و27 وانتخبت عضوا بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي لمدة ثلاث سنوات في عام 1967 وانتخبت للمرة الثانية عضوا في هذا المجلس عام 1992 وتم قبولها عضوا في لجنة التعاون عبر القارات المنبثقة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1975.
وأكدت الكويت حضورها في المحافل الدولية فهي عضو فاعل في العديد من المنظمات الدولية مثل اتحاد البريد العالمي ومنظمة الطيران المدني الدولية ومنظمة الاغذية والزراعة الدولية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير والاتفاقية الدولية للتعرفة الجمركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية. واعترافا من الكويت بأهمية منظمة الامم المتحدة فقد افتتحت في يناير من عام 2009 بيت الامم المتحدة بمشاركة الامين العام للمنظمة الدولية انذاك بان كي مون حيث يضم البيت مكاتب لجميع منظمات الامم المتحدة العاملة في الكويت ويأتي ذلك تعبيرا منها عن عمق العلاقات التي تربط الكويت والامم المتحدة وتقديرا منها لاهمية دور الوكالات والمنظمات الدولية العاملة في المجال الانساني.
وقررت حكومة دولة الكويت في ديسمبر من عام 2007 تخصيص ما نسبته 10 في المئة من قيمة أي مساهمة تقدمها الكويت الى دولة منكوبة للمنظمات والوكالات الدولية المتخصصة العاملة في الميدان. واستجابت الكويت لمعاناة الكثير من الدول النامية التي تواجه صعوبات اقتصادية وارتفاع اسعار المواد الغذائية والطاقة وأنشأت صندوق الحياة الكريمة برأس مال قدره 100 مليون دولار لتطوير وتحسين الانتاج الزراعي في الدول النامية وتبرعت بمبلغ 150 مليون دولار للصندوق الذي أنشئ خلال قمة منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) عام 2007 وخصص للقيام بأبحاث ودراسات في مجالات الطاقة والبيئة والتغير المناخي. وتبلغ نسبة ما تقدمه الكويت من مساعدات أكثر من 3ر1 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الكويتي متجاوزة بذلك النسب المقررة دوليا التي هي 7ر0 في المئة وخصصت الكويت 10 في المئة من مساهماتها الطوعية لدعم الامم المتحدة ووكالاتها وضاعفت تلك المساهمات في سبتمبر 2014.