قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم، إن المشهد الدولي يمر بواحدة من أشد الفترات خطورة في التاريخ المعاصر، مؤكداً أننا نحيا زمن استقطاب وتنافس هائل بين القوى الكبرى على حساب القوي الأصغر أو المنفردة، ولذلك فليس أمام الدول العربية في هذه المرحلة التاريخية العصيبة سوى أن تتمسك بالمصالح العربية معياراً أساسياً للمواقف الدولية، وأن تلتزم بالتنسيق فيما بينها وبالعمل الجماعي سبيلاً أكيداً لتعزيز الكتلة العربية في مواجهة ضغوط الاستقطاب.
وأضاف أبوالغيط، خلال كلمته التي ألقاها أمام مجلس جامعة الدول العربية على مستوى قمة الدورة العادية (32)، أن أزمات المنطقة العربية لم تجد للحل طريقاً بعد عقد وأكثر من المعاناة والدماء والآلام، فملايين العرب ما زالوا لاجئين ونازحين.
وتابع: اليوم أضيف إلى أحزان هذه الأمة حزن جديد في السودان، يدفع المدنيون ثمناً ضخماً للمواجهة المسلحة التي فرضها البعض علي هذا البلد العزيز، مشيراً إلى ضرورة أن تتوقف تلك المواجهات وأن تلتزم الأطراف بمبدأ الحوار، صوناً لدماء الشعب، وحفاظاً على السودان ومقدراته ووحدته الترابية وسلامة مؤسساته الوطنية.
كما دعا أن تكون قمة جدة علامة بدء لتفعيل حل عربي يوقف نزيف الدم في السودان ويصحح أخطاء ارتكبت في الماضي ويتوخى المصلحة العليا للدولة السودانية وليس المصالح الضيقة لفئات أو أشخاص.
وأضاف: نسعى لإيقاف نزيف الدم والخسائر في كافة ميادين الاحتراب الأهلي حيث لا منتصر ولا مهزوم والأزمات العربية تشهد الآن حالة من التجميد مقارنة بأوضاع أشد اشتعالاً شهدناها في السابق، وهي فرصة يتعين اغتنامها، من أجل تفعيل حلول عربية لتلك الأزمات العربية.
كما حرص على الترحيب بالرئيس السوري بشار الأسد بعد أن عادت سوريا إلى مقعدها في هذا المجلس، مؤكداً أن هناك ثمة فرصة لا ينبغي تفوتيها لمعالجة الأزمة التي تُعاني منها البلاد لما يربو على العقد سواء في أسبابها وأصولها، التي يظل الحل السياسي السبيل الوحيد لتسويتها، أو في تبعاتها التي تجاوزت حدود الوطن السوري، ويحدونا الأمل في أن يكون للعرب اسهامهم في إيجاد الحلول الناجعة للأوجاع السورية العديدة.
كما أوضح الأمين العام أن المنطقة العربية عانت زمناً، ولا تزال، من التدخلات الإقليمية في شئونها، ولم تُنتج هذه التدخلات سوى حصاد من التمزق والفرقة والدم.
وقال: اليوم ثمة إشارات على أن نهج الجيران يُمكن أن يتغير، معرباً عن ترحيبه مجدداً بالاتفاق الذي وُقع بين السعودية و إيران في مارس الماضي، مؤكداً أن العلاقات مع الجيران كافة يجب أن تتأسس دوماً على أساس من احترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، باعتبارها مبادئ أساسية في ميثاق الأمم المتحدة، وهي مبادئ تتمسك بها دولنا الوطنية، ولا تُفرط فيها.
وتحدث أبوالغيط عن القضية الفلسطينية قائلا: تبقى فلسطين الغالية هماً لا يحمله أهلها وحدهم، لقد أدت الممارسات الرعناء لحكومة الاحتلال الاسرائيلية إلى تصعيد مروع في منسوب العنف والقتل في الشهور الأخيرة، مشيداً بصمود الفلسطينيين في كل مكان في الأرض المحتلة، مؤكداً أن السياسات والممارسات الاستفزازية لتلك الحكومة الممعنة في التطرف والكراهية، لابد أن تُواجه بتصدٍ حازم من المجتمع الدولي، عوضاً عما نشهده من صمت مريب ومشين.
كما أوضح أن التمسك بمبادرة السلام العربية لازال خياراً استراتيجياً عربياً لحل الصراع، وفي القلب من هذا الخيار إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكدا أن انسداد المسار التفاوضي يؤدي إلى تقويض حل الدولتين، ويُمهد الطريق أمام حل الدولة الواحدة، وعلى كافة الأطراف، وبالذات الأطراف الدولية التي تشاهد حل الدولتين وهو يتم تقويضه يومياً دون أن تُحرك ساكناً أن تراجع سياساتها قبل فوات الأوان.