• نوفمبر 23, 2024 - 4:07 مساءً

الرئيس السيسي بعد 6 أغسطس تجاوز المنحنى شديد الخطورة

قناة السويس الجديدة لم تكن مشروعا ولا مجرد تحدٍّ هندسي أمام مؤسسة الرئاسة أو هيئة قناة السويس، كانت جزءا من طريق صعب تسبقه لوحة إرشادية مكتوب عليها «احذر.. منحنى خطر».
الرئيس السيسي تجاوز المنعطف الأكثر خطورة في عامه الرئاسي الأول، تجاوزه مبكرا حاصدا ثقة مضاعفة من شعب اعتاد أن يعده حكامه ولا ينفذون، وفي وطن عاش تجربة قاسية، فجاء السيسي بوعد القناة الجديدة في 365 يوما وأوفى ونجح.
السيسي بعد 6 أغسطس لن يكون هو الرئيس الذي عرفته قبل 6 أغسطس، فليس الناجح والعابر لمنحنيات الخطر كمن كان صيدا للتشكيك، السيسي بعد 6 أغسطس لن يكون السيسي قبل 6 أغسطس، فأداء من كان في قلب الدفاع يختلف بكثير عمن تحول إلى قلب هجوم، المرمى الآن مفتوح على مصراعيه أمام الرئيس ولا ينتظر سوى مزيد من التصويبات.
الوضع الذي يستقر فيه السيسي هو الأفضل على الإطلاق منذ ظهوره في ساحة المشهد السياسي، ومنذ تسميته رئيسا، وإن كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جاءت به رئيسا استفتاء شعبيا على ثقة الجماهير به، فهي بكل تأكيد ليست بقوة نتيجة حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، لأن «نعم» صناديق الانتخابات تحدث وفقا لبرامج انتخابية على الورق، أو ثقة نفسية في شخص، بينما «نعم» الفرحة التي حصدها بعد حفل افتتاح قناة السويس الجديدة جاءت بعد إنجاز حقيقي في الوعد والتنفيذ والإدارة، و«نعم» القادمة بعد الإنجاز تضاعف القوة مرات متعددة، وترسخ لجذور الوجود في الأرض، السيسي الآن أقوى بلا شك من ذى قبل.
الطريق الذي بدأه السيسي شهد أكثر من منحنى خطر، كان يتجاوز الواحد فيها تلو الآخر رابحا طريقا مفتوحا لتوطيد أركان حكمه، بداية من منحنى الملف الدولي، الذي تمثلت خطورته في تراجع دور مصر الإقليمي، والفجوات الواسعة في وجهات النظر بين القاهرة وعدد من العواصم الأوروبية والأميركية والأفريقية بخصوص 30 يونيو وما بعد الإخوان، وتجاوزه السيسي مستعيدا بعضا من التأثير الذى كان لمصر في محيطها الإقليمي، وعاد بالقاهرة مجددا على رأس المحاور الرئيسية المحركة للوضع فى المنطقة، ثم كان المنحنى الأخطر بعد ذبح داعش للمصريين في ليبيا، وتجاوزه السيسي بالضربة الجوية وخطابه الحاسم وحصد من ورائه استعادة ثقة المصريين في الدولة وقدرته على التخطيط والرد بشكل حاسم وسريع، ثم كان المنحنى الأكثر خطورة متمثلا فى تهديد الإرهابيين لسيناء، وتم حسمه بالضربة الكبرى للقوات المسلحة لمعاقل الإرهابيين في سيناء في معركة الأربعاء الشهيرة التي توجها السيسي بزيارة لسيناء. ثم كان المنحنى شديد الخطورة متمثلا في مشروع قناة السويس الجديدة، السيسي وضع نفسه على المحك بتحدى تنفيذ المشروع في عام دون خطأ واحد، وحدد موعد الافتتاح في يوم إعلان المشروع، لتبدأ مع بداية التحدي معركة من التشكيك، والتربص، وإثارة التوتر، كان يمكن أن تسحب كل رصيد شعبيته لو تأخر حفل افتتاح قناة السويس الجديدة ساعة واحدة، ولكنه فاز بالرهان.
السيسي بعد 6 أغسطس سيكون مختلفا بكل تأكيد عن السيسي يوم 5 أغسطس، فمن يملك دعم وثقة الناس ليس كمن يشكك فيه الخصوم، السيسي الآن أكثر قوة لأن يفتح الملفات العالقة، وعلى رأسها الفساد داخل أجهزة الدولة، وأكثر قوة أمام البرلمان المقبل، وأكثر قوة للقضاء على بقايا مبارك، وأكثر قوة لأن يتحمل أمانة الناس، والناس في مصر الآن لا تريد من السيسي سوى أن تكون كل أجهزة ووزارات ومصالح الدولة الحكومية نموذجا مشابها لهيئة قناة السويس.
السيسي بعد 6 أغسطس أعاد تقديم نفسه للقطاعات القلقة، لأهل الأعراف الذين كانوا ينتظرون من الدولة إشارة ثقة حتى ينتقلوا من خانة المشكك إلى خانة الدعم، ولكن أهل الأعراف سيحتاجون إلى إجراءات سريعة في ملفات الشباب المحبوسين، وملفات الحريات السياسية، ولا وضع أفضل لرئيس في إعادة صياغة هذه الملفات وإعادة تأسيس الأجواء السياسية بشكل منفتح سوى هذا الوضع القوى الذى يملكه السيسي، خير لأي رئيس أن يؤسس لديموقراطية جديدة وهو الأكثر قوة من أن يغفلها تحت ضغوط التظاهر والغضب.. فلا تتأخر، يا سيادة الرئيس.

Read Previous

مميش: قناة السويس الجديدة حكاية شعب وقائد

Read Next

رسالة شكر للكويت والسعودية والإمارات لدعمهم حلم القناة

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x