وجَّه سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد اللجنة العليا للوسطية بوضع خطة إستراتيجية واضحة المعالم وقابلة للتطبيق العملي والفعلي لحماية المجتمع من التطرف، وفي هذا الصدد شدد أكاديميون على اهمية تنفيذ توجيه سمو ولى العهد من اجل ترسيخ النهج الوسطي الكفيل بحماية شباب الكويت ومنع زعزعة أمن الوطن.
وأشاد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. خضر البارون بسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الذي شدد على ضرورة تفعيل العمل لطرح المنهجية الوسطية للخطاب الديني واتخاذه منهجا في مواجهة مختلف متغيرات العصر، وذلك من خلال تعاون وتضافر الجهود والإمكانات بجميع الجهات الرسمية والأهلية بوضع خطة إستراتيجية واضحة المعالم وقابلة للتطبيق العملي والفعلي لحماية المجتمع.
وأكد البارون أن الأسرة الديموقراطية هي الأسرة المثالية التي يمكنها أن تحمي أبناءها من الانجراف في مظاهر التطرف التي تتغلغل في مجتمعاتنا شيئا فشيئا، مشيرا إلى أن الشباب هم ثروة المجتمع ورجال المستقبل، وعلى الأسرة والدولة والمجتمع مراعاة تربية هذه الفئة من اجل استثمارها للمستقبل وتجهيز الشباب كي يكونوا قياديين، وأن البداية لا بد أن تكون من الأسرة، حيث تقع على الآباء مسؤولية تربية الأبناء وحمايتهم من الآفات الاجتماعية الموجودة، وأن يوضحوا لهم أن التطرف في أي مجتمع يؤدي إلى تفككه مدركين أنه لا يجب الاستهزاء بأي فئة اجتماعية، وذلك لأن لكل فئة طريقة في تربية أبنائها، لذا لا بد من تعزيز مفهوم احترام الآخر وعدم التقليل من شأنه، وترسيخ مفهوم أن الكل للدولة والدين على اختلاف التوجهات والمذاهب.
وأضاف البارون: هناك دور كبير يلعبه الإعلام في هذا الجانب، فهناك مطبوعات ووسائل إعلامية تنشر أفكارا فيها كثير من مظاهر التطرف، وهنا على الدولة فرض رقابتها بشكل أكبر وبحسم، وذلك لضبط ما يصل للشباب من أفكار، والذين قد يكونون في مرحلة تأسيس وتكوين شخصيتهم، وغالبا ما تكون هذه المرحلة دقيقة، لذا على الدولة أن تكون على دراية بما يبث عبر وسائل الإعلام، وأن تكون سريعة في تنفيذ الأحكام على بعض الأمور التي لها تأثير سلبي على الشباب، كما أن هناك مسؤولية على وزارة الداخلية في حماية الشباب من الآفات الاجتماعية من خلال نشر التوعية، ووضع قوانين صارمة لمحاسبة المسؤولين عن انتشار هذه الآفات.
وأشار إلى انه يجب الالتفات إلى كيفية توظيف الشباب وتعزيز الكفاءات ما من شأنه تنمية الشخصية والاكتفاء الذاتي لديهم، لذا لا بد من نشر الوسطية والعدل فيما بينهم، كما أنه من الضروري مكافأة المبدعين لما لذلك من تأثير إيجابي على شخصية الشباب ويبعدهم عن الإحباطات التي من شأنها جرهم نحو الانحرافات.
ومن جهته قال الدكتور مساعد زيد الزيد، رئيس قسم العلاج المهني بكلية العلوم الطبية المساعدة بجامعة الكويت: إن تعزيز مبدأ الوسطية أمر ضروري، مؤكدا ضرورة تفعيل دور المسؤولين في تعزيز الوسطية، فالوحدة الوطنية مبنية على الوسطية، بالإضافة إلى روابط تدمج أفراد المجتمع من حيث الفكر والسلوك الاجتماعي والسياسي والديني، وركيزتها الاحترام المتبادل وتقبل الرأي الآخر والتسامح والتعاون، ومهما كان الاختلاف بين أفراد المجتمع يظل يجمعهم سلوك وفكر وطني واحد.
وتابع الزيد: فالاختلافات الفكرية والسلوكية تكون بعيدة كل البعد عما يمزق الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي. الوحدة الوطنية يجب أن تقود فكر وسلوك الفرد لنؤمن المحافظة واستمرار الوحدة الوطنية، حيث تحتاج إلى دعم وحث متواصل يبدأ في المنزل والمدرسة والمسجد؛ كما يجب زرع وتأسيس معاني ومفاهيم الوحدة الوطنية والتسامح والألفة في نفوس الأطفال، ويجب إنشاء جيل لا ينظر إلى الفروق، ولكن ينظر ويتبع المميزات والإيجابيات في الآخرين.
وأضاف الزيد أنه يعتقد أن المرحلة الجامعية هي من أصعب المراحل على الفرد، حيث يبدأ تكوين فكرة ومبدأه المستقل مبني على التجارب والتعليم، وهنا يأتي دور المثقفين وأساتذة الجامعة المهم في صقل وإبراز وتقوية وتأصيل السلوك والفكر الوطني والمنهجية المعتدلة الوسطية داخل قاعة المحاضرات أو بالندوات الاجتماعية والسياسية والدينية؛ ويأتي دور مؤسسات الدولة في حماية الشباب من الفكر الفاسد المتطرف والخطابات والمجالس الدينية والسياسية الطائفية والمذهبية من خلال البرامج الوطنية والاجتماعية والسياسية والدينية التوعوية الهادفة للوحدة واللحمة، وأيضا خلق فرص العمل ودعم المشاريع الشبابية وتبني مواهب وأفكار وهوايات الشباب لاجتثاثهم إلى بر الأمان، ويجب تشريع قوانين تجرم نشر الإرهاب والكراهية والعنصرية على جميع أدوات التواصل.
وأوضح الزيد أنه ليس بغريب أن نرى اللحمة الوطنية بين الشعب الكويتي. تاريخ الشعب الكويتي حافل بالمواقف الوطنية المشرفة، نتمنى أن يستمر هذا النهج والتكاتف الوطني بين جميع أطياف المجتمع الكويتي، كما يجب استغلال هذه الفرصة حيث المشاعر والعواطف والفكر الوطني بذروته بترسيخ وربط النسيج الكويتي الوطني الأصيل.
واختتم الزيد قائلا: الآن هو دور مثقفي الوطن ذوي الفكر والمنهجية الوسطية المعتدلة متمسكة بعادات وتقاليد الكويت الأصيلة من إعلاميين وأكاديميين واجتماعيين وسياسيين بالأخذ بزمام الأمور ونشر مفاهيم ومبادئ الوحدة الوطنية، والتصدي للفكر الفاسد والسياسي المتكسب من الطائفية والمذهبية وتجار الدين والإرهاب، بوضع الحلول الإعلامية والعلمية والقانونية.
ومن جانبها ناشدت الناشطة السياسية أنوار القحطاني سمو ولي العهد أن يتبني حملة للوسطية وترسيخها بين الشباب الكويتي، مشيرة إلى أن مفهوم الوسطية لا بد أن يكون أمامنا جميعا، ولا بد أن يكون المنهج الوسطي هو الأساس، كما يجب أن يبتعد الجميع عن النزاعات الفئوية والطائفية والقبلية، مشيرة إلى أن الوسطية ستؤدي حتما إلى ترسيخ الوحدة الوطنية والمساواة بين كل عناصر ومكونات المجتمع الكويتي بمختلف اطيافه ومكوناته، بحضره وبدوه وشيعته وسنته، بغض النظر عن خلفيته الفكرية والمذهبية والدينية، فالمهم أنه كويتي.
وقالت القحطاني إن المحافظة على الوحدة الوطنية تتم بالابتعاد عن النعرات والطائفية والعنصرية والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع الكويتي، ولا نغفل دور الدولة ووزارة التربية والأسرة بتوعية الأبناء وحثهم على التكاتف والتعاضد، ويمكن تلافي ما يمس الوحدة الوطنية بزيادة توعية الافراد وبالذات فئة الشباب بتقبل الآخر والتعايش السلمي.
وتابعت القحطاني: مفهوم الوحدة الوطنية متعلق بشطرين: الأول الوحدة الوطنية من ناحية نظر المواطن الكويتي هو أن يكون ولاؤه وانتماؤه لدولتنا الحبيبة، وأن يكون عنصرا فاعلا في تطور الدولة وحفظ أمنها واستقرارها؛ من ناحية أخرى هناك الوحدة الوطنية المناطة بالدولة، فيجب على السلطة التنفيذية أن تؤصل الوحدة الوطنية بأن تعامل المواطنين سواسية وفقا لما جاء بالدستور الكويتي.
وطالبت القحطاني بضرورة أن يكون هناك جانب توعوي في المناهج الدراسية من تلك الأفكار المنحرفة التي قد تغزو شباب الأمة وهم في مقتبل العمر؛ مؤكدة ضرورة زرع الجانب الحواري السليم بين أفراد المجتمع، كما يجب الحرص على التعامل معهم بشكل متساو عادل لزرع الثقة بأنفسهم وزرع الوحدة الوطنية بينهم.