بموازاة النجاح اللافت لحملة مقاطعة الأسماك «خلوها تخيس»، وضعف الإقبال الملحوظ على سوق السمك والأسواق الموازية، تداعى موطنون ومقيمون لتنظيم حملة جديدة لمقاطعة اللحوم الحية والمذبوحة، بعد الارتفاع المطرد في أسعارها، خصوصا مع اقتراب عيد الأضحى المبارك.
واعتبر سياسيون واقتصاديون أن حملة خلوها تخيس نجحت فيما فشل فيه جميع وزراء التجارة، مشيرين إلى أن الشعوب قوة كامنة وطاقة عظيمة تستطيع أن تحقق الإنجازات وتتجاوزها إلى المعجزات عندما تحدد الأهداف وتواجه التحديات بالتنظيم والإصرار.
وقال أستاذ القانون في جامعة الكويت د. بدر الملا: بلا استثناء عجز كل وزراء التجارة السابقين عن مواجهة غلاء الاسعار وقت ارتفاعها ونجحوا فقط في بيع الشعارات، مشيرا إلى أن الجميع بانتظار ما سيقوم به الوزير الجديد، مبينا أن هناك ادوات كثيرة في قانون الاشراف على السلع وفي قانون اللجنة الوطنية لحماية المستهلك وقانون حماية المنافسة، ومع ذلك تركت حبرا على ورق، مطالبا بضرورة ان تكون هناك حملة للسلع الأوروبية، لأن اليورو هبط ومع ذلك ارتفعت اسعار السلع الأوروبية.
فيما قال الوزير السابق أحمد المليفي: الشعوب قوة كامنة وطاقة عظيمة تستطيع أن تحقق الإنجازات وتتجاوزها إلى المعجزات عندما تحدد الأهداف وتواجه التحديات بالتنظيم والإصرار، وعندما تريد أن تحارب الفاسدين فكن أول الصالحين لتكشفهم، وعندما تريد أن تحارب الخارجين على القانون فكن أول الملتزمين لتفضحهم.
وتابع المليفي: الحملة التي يشنها بعض التجار من خلال بعض الحسابات والصحف ليست من أجل بعض السلع، بل لمعرفتهم أن نجاحها يعني أن الدور سوف يأتيهم، مبينا أن حملة مقاطعة الأسماك التي أطلقها الشعب الكويتي تستمر بنجاح، والحكومة بأجهزتها لا تسمع، وحالها كمن يقول للشعب «اذهبوا وقاتلوا من أجل حقوقكم ونحن هاهنا قاعدون».
واضاف المليفي: يفترض من وزارة التجارة والبلدية وهيئة الزراعة أن تشكل فريق طوارئ للتدخل وكبح جماح ارتفاع الأسعار المبالغ فيه لجميع المنتجات، مشيرا إلى أن قضية غلاء الأسعار هي قضية تهم أصحاب الدخل المحدود والمتوسط وهم الأغلبية، والأجهزة المعنية صامتة، فهذا يعني أحد أمرين: إما إنها عاجزة أو متورطة، مؤكدا أن كل الحكومات الواعية تعمل على حماية الطبقة الوسطى لأنها العمود الفقري للدولة، والمحرك الأساسي للاقتصاد، والمحقق الرئيس للاستقرار.
وأوضح المليفي ان ارتفاع الأسعار أسبابه بعضها يعود للجهات المعنية واجراءاتها، وبعضها يعود لجشع بعض التجار، وإحالة الموضوع إلى لجنة وزارية إجراء بطيء، مشيرا إلى أن اللجان الوزارية ملفاتها كثيرة وكبيرة واجتماعاتها قليلة وموضوع مثل هذا يمثل فرصة للحكومة لكسب الناس بأسرع وقت، وكان المفترض تكليف مباشر للجهات التنفيذية المعنية بوضع، خلال اسبوع، تصور واضح يوضح فيه السعر العادل مع الإجراءات المطلوبة للوصول له، مشيرا إلى أن إجراءات سريعة مثل هذه تشعر الجميع بجدية التوجه لمعالجة الموضوع وحماية المواطنين أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة.
وأثنى المليفي على خطوة محافظ العاصمة أثناء تفقده لسوق السمك قائلا: خطوة في الاتجاه الصحيح من محافظ العاصمة يجب أن تتبعها خطوات أخرى لتقديم الحلول.
فيما استغرب مدير إدارة الصحة الاجتماعية بوزارة الصحة د. يعقوب الكندري من حديث بعض النواب عن قضايا أخرى، في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن غلاء الأسعار والحملة التي قام بها الشعب الكويتي لمكافحة الغلاء، مستغربا من نائب طالب بغرامة 500 دينار لممارسي السحر والشعوذة، في الوقت الذي لم يتحدث عن غلاء الأسعار وطريقة مكافحته، متسائلا: هل هذا النائب يحمل هم المواطنين؟
فيما توجه المحلل السياسي الكويتي فهد الشليمي بالشكر إلى المستهلك الكويتي والمواطنين الذين اتفقوا على مكافحة غلاء الأسعار وقاموا بأنفسهم بمقاطعة المنتجات التي ارتفعت أسعارها، مطالبا المواطنين بضرورة مكافحة الغلاء ومقاطعة البضائع والمواد الغذائية والعقار والخضروات، مؤكدا الأثر الكبير الذي تركته حملة مقاطعة الأسعار، مشيرا إلى أن الاسعار انخفضت بعد يوم واحد فقط من المقاطعة نعم خلوها تخيس وقاطعوا سوق المواشي والخضار والعقار لمدة شهر وترون الفارق.
من جانب آخر، استنكر عضو المجلس البلدي عبدالله الكندري غياب الرقابة على أسعار السمك، داعيا الجهات المعنية إلى تشديد رقابتها على الأسعار، ولا سيما أن الوضع في سوق السمك يفتقر إلى أدنى رقابة من قبل وزارتي التجارة والبلدية، خصوصا في أوقات المزادات وبيع الجملة، بالإضافة إلى وجود الباعة الجائلين بكثرة في السوق من دون حسيب أو رقيب، ما يتيح المجال أمام الغش وبيع الأسماك الفاسدة وبالنهاية يكون المواطن هو الضحية.
وبين الكندري أن موجة من غلاء الأسعار أصابت البلاد في كثير من المواقع، وكان أهمها ما أصاب أسواق السمك والخضار من تزايد الأسعار إلى أضعاف ما كانت عليه في السابق، ما أثقل كاهل المواطن، مشددا على ضرورة قيام الجهات الرقابية، ممثلة في وزارة التجارة والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، بتحديد الأسعار وتراقبها وتعاقب المخالفين في ضوء نصوص قوانين حماية المستهلك، لافتا إلى ظاهرة متفشية في السوق وتؤرق المستهلك ألا وهي ظاهرة الغش التجاري، حيث يستغل بعض الباعة ضعف خبرة المواطن والمقيم وتقديم الأسماك المستوردة على أنها محلية.
وقال: إن ارتفاع أسعار الأسماك داخل السوق بصورة ملحوظة يثقل كاهل الأسرة ويزيد من أعبائها في ظل غلاء أسعار المواد الغذائية الأخرى مثل اللحوم والدواجن.
ولفت إلى أن الأسعار تزداد بشكل ملحوظ قبل المواسم والأعياد ومنها شهر رمضان المبارك، بالإضافة إلى أن منع الصيد من العوامل التي لا يمكن إغفالها، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة وجود الرقابة الصحية على الأسماك، حيث لوحظ وجود أسماك لا تطابق المواصفات الصحية، فضلا عن تلاعب التجار بالأسعار، ما أدى إلى اختلاف سعر النوع الواحد من بسطة لأخرى، مناشدا الجهات المعنية الاضطلاع بدورها لحماية المستهلك.
ومن ناحيته قال رئيس نقابة العاملين بوزارة التجارة والصناعة عجمي المتلقم بأن غلاء الاسعار وارتفاعها المتزايد والغير مبرر اصبح عبئا لا يمكن تحمله على كاهل المواطن في ظل غياب القوانين الرادعة لبعض التجار الذين يتاجرون بقوت المواطنين، الامر الذي لا يمكن السكوت عليه، فقد نادينا مرارا وتكرارا بالرقابة الجدية على السوق من اجل عدم استغلال بعض التجار للسوق والتلاعب بالأسعار.
وأكد المتلقم أن غلاء العديد من اسعار السلع بصورة مبالغ فيها امر غير منطقي ولا نقبل به ونؤيد وندعم تلك الحملات التي تدعو إلى مقاطعة تلك السلع من اجل الحفاظ على ثبات اسعارها وعدم ارتفاعها بصورة غير منطقية ولا طبيعية، وعلى سبيل المثال الحملة التي تم اطلاقها لمقاطعة الاسماك، فإننا كنقابة نساند تلك الحملة، حيث ان اسعار السمك تعدت اسعار سعر الذهب بالسوق فسعر جرام الذهب لا يتعدى 10 دنانير في حين وصل كيلو الزبيدي 15 دينارا فهل هذا يعقل؟
وأوضح المتلقم ان دور وزارة التجارة محدود في انها جهة رقابية تجاه بعض السلع الحرة ومنها تجارة الاسماك، وانه لا توجد مبررات لتلك الزيادة، وبالتالي فإن الدور الان على المستهلك بأن يدعم هذه الحملة والحملات المشابهة، وذلك من اجل خفض الاسعار بما يتناسب مع مستوى المعيشة في ظل هذه الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
فيما استنكر رئيس مجلس الادارة في جمعية الزهراء التعاونية م. سعد العتيبي التحركات التي تجري هذه الأيام لزيادة أسعار بعض المنتجات المعروضة في الجمعيات التعاونية في الكويت، مشيرا إلى ان المواطن كان ينتظر انخفاض الأسعار، خصوصا بعد انهيار أسعار برميل النفط من 100 دولار إلى 44 دولارا.
ورفض العتيبي المبررات التي يسوقها البعض تبريرا لزيادة أسعار الألبان والأجبان وبعض المنتجات بحجج واهية وغير موضوعية، مبينا ان هناك للاسف من يدعم بعض التجار لزيادة الاسعار على حساب جيب المواطن والمقيم.
وأضاف العتيبي أن أغلب أسعار المنتجات في دول العالم المتقدم تراجعت بسبب انخفاض أسعار البترول، وذلك لارتباطها بتكاليف النقل الذي يعتبر عاملا رئيسيا في تحديد أسعار تلك الأصناف، ولكن للاسف تعودنا في الكويت ان بعض التجار يستغل ارتفاع اسعار النفط فيزيد الاسعار وعندما تنخفض لا يخفض اسعاره، وعلى الرغم من ذلك نرى اليوم توجهات لرفع الاسعار.
ودعا العتيبي الشعب الكويتي إلى تبني أسلوب المقاطعة بشكل فعال ومؤثر، فقد نجح المواطنون خلال الايام القليلة الماضية في مقاطعة الأسماك، حيث تراجعت الاسعار رغم أنف المتاجرين والمتلاعبين بهذه السلعة الرئيسية.