• نوفمبر 24, 2024 - 1:23 صباحًا

افهموها يا عرب

بهدوء نسأل: بعد خمس سنوات على بدء ما سمي الربيع العربي ماذا أثمر هذا الفصل من تاريخنا، ها هي ليبيا تتفكك، والعراق وسورية واليمن كذلك، فيما لبنان يتجه الى الحرب من جديد، ولم تنج من هذا المرض إلا مصر والمملكة العربية السعودية والكويت وبقية دول «مجلس التعاون» التي تعاملت بعقلانية مع الموجة الدموية، بعد أن أدركت شعوبها أن الربيع فخ نصب، ومن أعلى مستويات الشر الدولية، للعالم العربي كله، كي يصبح على شاكلة الدول الغارقة حاليا في حروبها؟ ما يهمنا اليوم هو المأساة السورية التي لم يسبق للعالم أن شهد مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية، فنحو ثلث السكان أصبح مهجرا من دياره يهيم على وجهه في البحر الأبيض المتوسط ومن تكتب له النجاة يعيش محاصرا على حدود الدول الأوروبية فيما الدول العربية وتركيا اقفلت حدودها في وجههم، ورغم هذه الكارثة الانسانية لم يطرح أي حل عقلاني يجدي نفعا وينهي الحرب العبثية التي قد تطول سنوات وسنوات وسط تجاذبات المصالح الدولية والاقليمية التي لا تدخل في حساباتها الأوضاع الانسانية للناس، ولهذا ألم يكن من الأفضل عدم الدفع بعسكرة الثورة كي يختار الشعب الحكم الذي يريد من دون وقوع مئات آلاف القتلى والجرحى وتهجير الملايين؟ فكل ما يطرح اليوم من أفكار لحل الأزمة لن يجعل الوضع، في أحسن أحواله، مختلفا عما يجري في ليبيا حيث تدور حرب طاحنة على تقاسم السلطة، فيما يتوسع تنظيم «داعش» فيها. ثمة من يتمسك برحيل بشار الاسد كبداية للحل من دون أن يقدم البديل الذي يحفظ الدولة ومؤسساتها ولا يجعلها كالصومال، فهل البديل غير المعلن هو «النصرة» أو «جيش الفتح» أو «داعش» أو حتى بقايا ما يسمى «الجيش الحر»، وماذا ستكون النتيجة اذا سيطرت اي من هذه الجماعات المتطرفة على سورية، ألا يعني ذلك حافزا للجماعات الإرهابية في العالم العربي كله، مستندة الى ما ستعتبره انتصارا في سورية؟ علينا أن نتذكر جيدا ماذا حصل بعد 11 سبتمبر عام 2001 وكيف نظرت تلك الجماعات الى افظع جريمة إرهابية واعتبرتها انتصارا لها. في كل هذه المعمعة الدموية، والتصلب في المواقف لا تزال الدول المتحالفة مع نظام دمشق متمسكة به، وكل مواقفها، أكان في المحادثات بالغرف المغلقة مع كل زوار روسيا والصين وايران أو العلنية تكرر ذلك من دون مواربة، اضافة الى كل هذا رأى العالم أجمع كيف أن موسكو استخدمت حق النقض في مجلس الامن في القرارات كافة التي وجدت فيها إضعاف النظام ولو بنسبة قليلة، فهل ستتخلى عنه اليوم فيما تدرك جيدا أن «داعش» لم يعد بعيدا عن حدودها، أو بالاحرى ان ما تسمى «الذئاب المنفردة» تنتظر اشارة التحرك؟ علينا الاعتراف أن الشعارات والمواقف التي يعلنها العرب هي بمثابة الضحك على النفوس. انها الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع، لأن علينا قبل أي أمر اخر التيقن من أن لا احد يستطيع الاملاء على شعب أو دولة كيف يكون شكل الحكم فيها، فهذا يقرره الشعب وحده، وله أدواته الداخلية التي هي بالاضافة الى رغبته بالثورة على نظام الحكم مساندة الجيش لها، كما حدث في مصر في 30 يونيو عام ،2013 وهو ما لم يحصل في سورية حيث الجيش بقي مساندا للنظام، بدليل أن الثورة الخضراء في ايران العام 2009 لم تؤثر بالنظام لأن القوات المسلحة ساندته. بصراحة المأساة السورية لا يبدو في الافق اي نهاية لها، إما لأن الحلول المطروحة، مجرد شروط يمليها هذا الطرف او ذاك، وإما لأنها تمنيات اطراف الصراع، حتى ما طرحه الموفد الدولي ستيفان ديمستورا ليس اكثر من افكار حتى اليوم لم تفتح كوة في الجدار المسدود، رغم ذلك يحدونا الامل أن تساعد على وضع حد للكارثة الانسانية السورية، وألا يبقى العرب اسرى ذهنية التعنت التي لا تقبل الحلول الواقعية بسبب قناعتنا بما قاله ابوفراس الحمداني قبل مئات السنين: «نحن أناس لا توسط عندنا لنا الصدر دون العالمين أو القبر» … وافهموها.

Read Previous

المحمد يزور البدر والسنعوسي في مسستشفى مبارك الكبير ومركز صباح الأحمد للقلب

Read Next

لا تبلعوا الطعم

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x