• نوفمبر 23, 2024 - 5:58 مساءً

نطالب بتوثيق دروس أكتوبر

أقولها بصراحة ونحن نتابع هذه الأيام صور نصر أكتوبر.. ولكن بجانب الصور والتسجيلات هناك ما يجب أن نعكف عليه طلابا وشبابا ومثقفين وهو فهم واستيعاب دروس حرب ونصر أكتوبر لنشعر بعدها بفخر موضوعي مبني على وثائق هذه المعركة وما قيل فيها وحولها من جانبنا ومن جانب من كانوا أعداء حتى اتفاقية السلام.
وبالنسبة لمنهج توثيق دروس أكتوبر أقول إننا لا يمكن أن نفصل معركة ونصر أكتوبر عن حرب الاستنزاف والجهد الذي بذل بعد هزيمة 67 لإعادة تنظيم الجيش ودعمه بقيادات جديدة قادرة وأن نوثق أثناء حرب الاستنزاف المعارك التي كسبها جيشنا مثل ضرب ميناء إيلات وغيرها من المعارك المشرفة.
وعلى مستوى منهج التوثيق أيضا يجب أن نربط نصر أكتوبر بانتصار العقل الدبلوماسي المصري في معركة مفاوضات السلام لنصل إلى اتفاقية السلام التي أعادت إلى مصر آخر شبر من أرض سيناء، وكان هذا هو الهدف الاستراتيجي الأسمى لدى القائد والزعيم محمد أنور السادات.
إذن الحلقات الثلاث حرب الاستنزاف ومعركة أكتوبر ومفاوضات السلام هي حلقات لا تنفصل، فهي جزء لا يتجزأ من منهج التوثيق.
ولنذهب إلى توثيق حرب الاستنزاف وإعادة صياغة تنظيم الجيش المصري، فيجب أن نسجل كيف أن عبدالناصر بقدرته وجرأته على إقالة القيادات العسكرية الفاشلة التي تسببت في هزيمة يونيو 67 واختيار قيادة جديدة على مستوى الفريق محمد فوزي رغم أن ذلك بكل أمانة تاريخية لا يعفي الرئيس جمال عبدالناصر من مسئولية إغلاق المضايق الذي فجر شعلة الحرب.
ونسجل أيضا لصالح هذه المرحلة قرار الرئيس عبدالناصر بتجنيد طلبة الجامعة في الجيش، وكان لذلك أثر كبير في الارتفاع بمستوى الأداء للقوات المسلحة لأنه كان بمثابة إضافة وعي لرجالهم.
وظل جمال عبدالناصر يجتهد ويناضل أثناء حرب الاستنزاف لأنه اعترف في خطابه الشهير الخاص بالتنحي «أنه يتحمل كافة المسئولية» أي عن الهزيمة حتى أجبره الرأي العام والشعب على البقاء في موقعه ليكمل المسيرة والجهد وظل كذلك حتى آخر يوم في عمره.
أما التوثيق الخاص بحرب أكتوبر تحت قيادة الرئيس أنور السادات فقبل بدء المعركة في 6 أكتوبر أخذ قرارا بطرد الخبراء الروس ولم «يسوق» هذا الكرت إلى الجانب الأميركي وكأن الرسالة تريد أن تسجل أن القرار الخاص بالروس هو قرار مصري لمصلحة عليا مصرية.
ولكن السادات بدهائه كان يعلم أننا في احتياج لطائرات منهم لدعم قدرات الجيش المصري، فكلف رئيس الوزراء الأسبق الراحل د. عزيز صدقي والمعروف بعلاقاته الوثيقة مع القيادات الروسية بالذهاب إلى موسكو لبذل الجهد للحصول على الطائرات المطلوبة، وأشعر القيادات العليا الروسية بذكاء أنه يجب عليهم الوقوف بجانب أصدقائهم في مصر «مثله» وبعد أيام من المناقشات والمفاوضات نجح الدكتور عزيز صدقي في مهمته وحصلت مصر على الطائرات المطلوبة، وكان لها دور كبير في نصر أكتوبر.
يجب أيضا على مستوى التوثيق الخاص بحرب أكتوبر أن نتكلم عن دور الكتمان والسرية بالنسبة لتاريخ الحرب ألا يصل لعلم الجانب الإسرائيلي، ولأول مرة ينجح الجانب المصري في «كتمان السر» على غير عادته!!
قصة مفاوضات السلام بدأت بالقنبلة التي فجرها الرئيس السادات بمبادرته الجريئة بالذهاب إلى الكنيست ليلقي خطابا تاريخيا كانت كل عبارة فيه تهز المشاعر وتصل إلى العقل، وكان رد القيادات السياسي والفكري في العالم يعبر عن تحية إجلال وإكبار لزعيم كانت كلماته سلاسل من ذهب.
كما قلت في أكثر من مرة يجب أن يوثق خطاب الكنيست ليدرسه تلاميذنا وطلابنا ويصبح جزءا من ثروة علم التاريخ الذي من حق كل منهم أن يفخر أن قائد الحرب والسلام قد تمكن من أن يؤثر بكلماته في الرأي العام العالمي، لأنه طالب في خطابه بسلام لهم ولنا، ليعلم الجميع أن مصر تريد سلاما حقيقيا يستفيد منه المصريون والإسرائيليون وتسترد مصر كرامتها وكبرياءها بعودة الأرض إلى أصحابها التي هي بالنسبة للفلاح المصري جزء من عرض الوطن.
بقي أن نقول إن النصر العسكري ساهم بقدر كبير في نجاح مفاوضات «كامب ديفيد» للسلام وأن تحقق مصر هدفها المنشود باسترداد الأراضي المحتلة بسيناء الغالية.

Read Previous

لا مراعاة للخواطر في الأمن الوطني

Read Next

التطرف يُصنع في العقول أولا

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x