• نوفمبر 22, 2024 - 9:55 صباحًا

زيارة الرئيس السيسي للرياض أكدت وحدة الهدف والمصير المشترك والمصالح المتبادلة

جاءت الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الرياض يوم الأحد الماضي، ومباحثاته مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتي جرى خلالها استعراض أوجه التعاون الثنائي لما فيه مصلحة البلدين والشعبين، والتأكيد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين المملكة ومصر، والحرص على تعزيزها في مختلف المجالات، فضلا بالطبع عن مناقشة مستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم، جاءت لتقطع دابر كل الأقاويل التي ترددت خلال الفترة القليلة الماضية، وحاولت الإيحاء بأن هناك نوعا من «سوء التفاهم» بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي عموما، والمملكة العربية السعودية بوجه خاص، فالحفاوة التي استقبل بها الرئيس السيسي في الرياض، والحرص على أن يكون هو أول زعيم عربي يلتقيه الملك سلمان من خارج دائرة مجلس التعاون، وما صدر بعد ذلك من تصريحات حول المحادثات التي جرت بين الزعيمين الكبيرين، كل ذلك يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن علاقات مصر بالمملكة وسائر الدول الخليجية في أوجها، وأنها تمضي في الاتجاه الصحيح الكفيل بتحقيق مصالح الطرفين، وإنجاز طموحات وآمال شعوبهما، وأن دول المجلس عازمة أيضا على مساندة عقد مصر لمؤتمرها الاقتصادي في شرم الشيخ، والهادف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر.

مواقف الجانبين بشأن التعاون بينهما لاتزال ثابتة إذن، لأنها تنطلق من أسس إستراتيجية، ولا تنبني على ظروف آنية ووقتية، فكلاهما يدرك أن مصيرهما واحد، وأن التحديات التي تواجهها المنطقة تفرض عليهما مزيدا من الارتباط والتقارب، ورفض كل محاولات التفتت والتشرذم التي يسعى إليها البعض من داخل المنطقة وخارجها، وهذا هو أيضا ما أراد الرئيس السيسي تأكيده من خلال الأحاديث الصحافية والتلفزيونية التي أدلى بها أخيرا، واستبقت زيارته للمملكة، فقد لفت إلى أن القاهرة واعية تماما لمحاولة الوقيعة بينها وبين شقيقاتها، ورغبة البعض في تحميل الأمور ما لا ينبغي، فيما «العلاقات بين مصر والسعودية وسائر أشقائها في الخليج قوية ومستقرة منذ سنوات طويلة، ولا أعتقد أن أي محاولة للإساءة أو الإسقاط ستفلح، لا توجد تنقية للعلاقات، فهي من الأساس لم تكن معكرة».
وكلام الرئيس السيسي يتفق بالطبع مع واقع الحال، ذلك أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تتخل يوما عن دعمها لمصر، ديبلوماسيا واقتصاديا، في سبيل تنفيذ خارطة الطريق التي اتفقت عليها القوى السياسية حتى وصل الاستحقاق الرئاسي الذي أفضى بالسيسي رئيسا لمصر، وليس أدل على ذلك من أنه بعد ثمانية أيام من انتخاب السيسي رئيسا للجمهورية، حطت طائرة المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز القادمة من المغرب في مطار القاهرة، حيث كان السيسي مستقبلا له، وعقد الزعيمان قمة قصيرة داخل الطائرة الملكية، وظلت المواقف الصارمة التي تبنتها السعودية لدعم مصر واستقرارها مستمرة بعد رحيل الملك عبدالله، إذ أعلنت الرياض مساندتها لمصر في حربها ضد الإرهاب بعد تفجيرات استهدفت مراكز عسكرية شمال سيناء، وهو ما فعلته أيضا الكويت والإمارات وسائر دول مجلس التعاون الخليجي.
يعزز من هذا التماسك في العلاقات ما تلمسه دول مجلس التعاون من أن مصر في عهد الرئيس السيسي تمتلك رؤية إستراتيجية مهمة ومتوازنة للتعامل مع تحديات المنطقة، وقد أبان عن بعض ملامحها في أحاديثه الأخيرة، عندما تحدث – على سبيل المثال – عن ضرورة «وجود قوة عربية باعتباره مطلبا أساسيا لاستقرار المنطقة»، ويقول عنه: «نحن نطرح هذا الطرح لأشقائنا، وهناك فرصة لكي نبدأ نقاشا حول كيف يحقق ذلك أمن واستقرار بلادنا، وأنا أتصور أن السعودية والإمارات والكويت والأردن يمكن أن تتحرك في هذا الاتجاه، ملك الأردن أيد التحرك، فنحن في أمس الحاجة لتنفيذ تلك المبادرة في الوقت الحالي»، وهو يرى أن هذا القوة سيكون مناطا بها تحقيق أمننا بمفهومه الشامل، سواء ضد الإرهاب أو غيره، مشددا في الوقت نفسه على أن هذه القوة «ليست موجهة ضد أحد، وليست توسعا أو غزوا، فقط نقول نحمي بلادنا».
ولا شك أيضا في أن دول مجلس التعاون ترى أن القيادة المصرية الحالية تنطلق من أرضية مشتركة معها، في التعامل مع معظم قضايا المنطقة… تكفي الإشارة مثلا إلى تأكيد السيسي أن مصر لا تعادي أحدا، ولا ترغب في الإساءة إلى أحد، وأنها ليست لديها مشكلة مع أي من دول الجوار، وأن كل ما تطلبه من هذه الدول هو «عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومحاولة التأثير أو اتخاذ طرق مناوئة للواقع الموجود في مصر… نحتاج إلى عدم التدخل في شؤوننا الداخلية، كما نحترم نحن شؤون الآخرين في إدارة أمور دولهم».
هذه الرؤية المتوازنة تمتد إلى كل قضايا وتحديات المنطقة، فالسيسي عندما يتحدث عن الوضع السوري يقول: «نريد أن نحل الأزمة السورية بشكل سلمي وسياسي، مازالت آثار الحل العسكري مدمرة على سورية بالكامل، أتحدث عن وحدة سورية، التقسيم ليس في صالحنا، ليس من المعقول عدم وجود علاج لوجود الإرهابيين والمتطرفين في سورية».. والأمر نفسه عندما يتناول الملف الليبي: «نحن نحترم إرادة الشعب الليبي ولا نريد أسره بواسطة الميليشيات المسلحة، ندعم شرعية البرلمان الليبي المنتخب، ندعم الجيش الليبي برغم ظروفه الصعبة ليقوم بدوره في حماية بلده، نريد عدم إمداد الميليشيات بالأسلحة، ندعم الجيش والحكومة الليبية». وتمتد ظلال تلك الرؤية لتشمل بتوازنها كذلك الأزمة اليمنية وغيرها من الأزمات التي تواجه منطقتنا، والتي تصر مصر، ومعها دول مجلس التعاون الخليجي، على التعاطي معها بحكمة، وبعيدا عن التأثيرات والإملاءات الخارجية، وهو ما يؤكد ما بدأنا به من أن العلاقات بين مصر وأشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي لاتزال على الطريق الصحيح.

Read Previous

سمو الأمير يرعى حفل أوائل الخريجين

Read Next

فعاليات لـلخليج : فزعة المحافظين تفتح نافذة أمل لحل مشكلات المواطنين

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x