لعل من أبرز القضايا التي أثيرت، خلال الفترة الأخيرة، قضية مستقبل التعاون بين دول الخليج ومصر، وكيف يمكن الوصول إلى أفضل الأساليب التي تطور من هذا التعاون، وتجعله مفيدا ومنتجا للطرفين وللمنطقة بأسرها.
وقد انقسم المحللون الإستراتيجيون إلى رأيين في هذا الصدد: أحدهما يرى ضرورة التوافق على تشكيل قوة عسكرية مشتركة، تضمن الأمن والاستقرار لكل دول منطقتنا، وتساعد في إنهاء الأزمات المعقدة التي ضربت العديد من دولها، فيما ذهب الرأي الآخر إلى أن الأهم والأجدى الآن هو دعم مصر اقتصاديا، حتى تستطيع أن تستعيد قوتها ومكانتها السياسية والاقتصادية، وتتخلص من الأزمات التي تعانيها في الوقت الحالي.
ومن دون تردد فإننا ننحاز إلى الرأي الثاني، لأكثر من سبب، ذلك أن تشكيل قوة عسكرية مشتركة يمكن أن يكون هدفا بعيد المدى، وهو يحتاج أولا إلى تحديد رؤية واضحة لدور هذه القوة وإستراتيجية عملها، فضلا عن كيفية تشكيلها ومراكز وجودها الرئيسية والفرعية، وغير ذلك من التفاصيل التي تحتاج إلى وقت طويل للتوافق بشأنها والاستقرار على تصور موحد إزاءها.
لكن ما تحتاج إليه مصر الآن وفورا، هو مساندتها اقتصاديا، عبر استثمارات ضخمة تُضخ في شرايين اقتصادها، وتسهم بدرجة كبيرة في إنعاشه.. وفي اعتقادنا أن هذا الخيار هو ما باتت تفضله مصر وتؤثره على أي خيار آخر.. وليس أدل على ذلك من المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي سينعقد في شرم الشيخ خلال أيام، والذي لا تتحدث محاوره عن قروض أو معونات، بقدر ما تتحدث عن فرص استثمارية كبيرة تطرحها مصر على المشاركين في المؤتمر، سواء أكانوا دولا أم حكومات أم شركات أم أفرادا، وتعلن من خلاله أيضا عن تسهيلات غير مسبوقة تقدمها الحكومة المصرية لكل راغب في الاستثمار على أرضها.
نتفق تماما كذلك مع الرأي الذي يؤكد أن «مصر قوية» تعني «خليجا قويا» ، وأن أول وأهم عناصر القوة هو أن يكون لديها اقتصاد قوي ومتين، لأن ذلك سيفتح أمامها الطريق لحل سائر مشكلاتها الأخرى، السياسية والأمنية والاجتماعية، وسيجعلها قادرة على التفرغ لمعالجة تلك الملفات، وسيجمع كل القوى الوطنية بها على غاية واحدة، يلتفون حولها، ويعملون بجد وإخلاص على تحقيقها.. وهذا ما نتمناه لمصر الآمنة المستقرة.. والمزدهرة أيضا.
أحمد اسماعيل بهبهاني