فيما أكد النائب د. خليل عبدالله ان المجلس باستطاعته مواجهة الحكومة، وتقييم أداء الوزراء، شدد على ان دور النائب هو «التشريع والرقابة» وليس «الغوغاء والوعد والوعيد». وحذر عبدالله، في حوار مع «الخليج»، الحكومة من أن المرحلة القادمة ستشهد مواجهة مع مجلس الأمة بسبب الخلل وعدم معالجة ملاحظات ديوان المحاسبة، معتبرا ان «الفرصة التي أُعطيت للحكومة في الفترة السابقة كانت كافية».
واشار إلى ان خطة الخمسية والسنوية «فوق الممتازة»، لأن سبب «دوخة البلد» كانت في عدم وجود خطة مثل هذه في السابق، مستدركا ان نجاح الخطة التنموية الخمسية والسنوية الجديدة يتطلب علاج كل المعوقات، بالتعاون الجاد والسريع بين جميع الوزارات. وعن سبب المعوقات اوضح عبدالله ان الحكومة تضم وزراء ينتمون إلى تكتلات سياسية، وإذا ما أرادت الحكومة أن ترضي طرفا فإنها قد تغضب الطرف الآخر، لذا فإن الحاجة تتطلب حكومة تكنوقراط لإنجازها. وإذ اعترف بأنه لا يحق له دستوريا المطالبة باستقالة الوزراء، بين عبدالله ان دعوته الوزراء إلى تقديم استقالاتهم هي مجرد اقتراح لرفع الحرج عن سمو رئيس الوزراء، لإعادة اختيار رئيس الحكومة لوزرائه. وهنا تفاصيل الحوار:
< بداية… هَل انت متفائل بأن الحكومة بإمكانها تنفيذ خطة التنمية؟
ـ أنا مقتنع أن باستطاعة الحكومة تنفيذ جزء من الخطة الخمسية التنموية الجديدة التي أقرها المجلس، ولقد قدمت بعض الملاحظات حول الخطة، وأنكرت الحكومة تلك المعوقات، وقالت إنها ستعالج أي مشاكل تعترض مسار الخطة، والمعلوم أن معالجة المعوقات مسؤولية السلطة التنفيذية والتشريعية، ولأن وزارة التنمية لا تملك سلطة على مؤسسات الدولة فقد تم تقديم اقتراح قانون ينشئ مركزا للتخطيط والتنمية تكون تبعيته لمجلس الوزراء وهو الأعلى من أجهزة الدولة المختلفة، ويوجه لمتابعة الوزارات والمؤسسات وتحصين مسار الخطة، فالجانب التشريعي دوره الحد من الممارسات السلبية في مؤسسات الدولة، لذلك سيتم اقتراح قانون بتعيين قيادات الدولة التي ينتظر منها تفعيل عجلة التنمية وتحقيق أهدافها وتلافي ما ورد في تقارير ديوان المحاسبة.
< وما رأيك فيما تضمنته الخطة؟
ـ هذه خطة الخمسية والسنوية فوق الممتازة، لأن سبب دوخة البلد كانت في عدم وجود خطة مثل هذه في السابق، ونجاح الخطة التنموية الخمسية والسنوية الجديدة يتطلب علاج كل المعوقات بالتعاون الجاد والسريع بين جميع الوزارات؛ لأنه لا تملك وزارة التخطيط وحدها القضاء عليها كما قلت.
< ما تقييمك لأداء وزراء الحكومة؟
ـ للأسف مازلنا نلاحظ أن أداء الحكومة السلبي والضغوط الكثيرة التي تحبس أنفاس المواطن الكويتي قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، كما أن الحكومة تضم وزراء ينتمون إلى تكتلات سياسية، وهذا شيء سلبي لأنه إذا ما أرادت الحكومة أن ترضي طرفا فإنها قد تغضب الطرف الآخر من الوزراء، وهذه هي حال البلد منذ سنوات طويلة، وبما أن الدولة أقرت اليوم خطة تنموية خمسية فإن الحاجة تتطلب حكومة تكنوقراط لإنجازها، وأنا أعكس نبض الشارع وبالأخص الطبقة المتوسطة، فالعبث والفوضى اللذان تشهدهما بعض المؤسسات بالدولة، والتي تمتلك إمكانات بشرية ومادية لتقديم خدمات جيدة، يحتمان على النواب المسارعة لتقديم تصورات واقتراحات، وإن كانت بنبرة عالية ؛ حتى تصل الرسالة بجدية. فهناك تبريرات لا منطقية لبعض الوزراء حول ما يجري في وزاراتهم من تقصير، والأدهى من ذلك أن بعضهم يؤكد أنه مدرك للوضع، لكنه لا يملك الحيلة للمعالجة، مادام الوزير يواجه عراقيل فعليه الاستعانة بالمجلس لتشريع قوانين تساهم في حل المشاكل وإذا هناك قصور فالوزير سيحاسب على ذلك.
< لماذا طالبت باستقالة الوزراء؟
ـ هناك حديث دار في أروقة المجلس حول وجود استجوابات وطلبات لتعديل وزاري، كما أن لقاء جمع رئيس الوزراء بمسؤولين في ديوان المحاسبة ولجنة الميزانيات بالمجلس وبحضور جميع الوزراء ونواب المجلس شهد سخطا كثيرا يتحمله رئيس الحكومة باعتباره، دستوريا، المعني المباشر بالسياسة العامة للدولة، لذا دعوت الوزراء إلى تقديم استقالاتهم لرفع الحرج عن سمو رئيس الوزراء، وعلى الرغم من أنه لا يحق لي دستوريا المطالبة بذلك، لكنه اقتراح لإعادة اختيار رئيس الحكومة وزراءه، وأرى أن المجلس هو مؤشر رئيس للحكومة لاستشعار الرضى الشعبي أو عدم الرضى على من يحمل الحقائب الوزارية.
< البعض يرى أن المجلس الحالي مهادن للحكومة ولا يستطيع مواجهتها؟
ـ المجلس باستطاعته مواجهة الحكومة، لكن المواجهة الإيجابية التي من خلالها يمكن للمجلس تقييم أداء الوزراء، وهل دور النائب تشريع ورقابة أو هو غوغاء في المجلس ووعد ووعيد، ما يفترض حين انتقاد أداء المجلس أن يكون انتقادا موضوعيا يخدم البلد، وأنا قدمت استجوابا وورقة طرح ثقة من 10 نواب، بل ورقتين لعشرين نائبا، ودور الانعقاد السابق ضم أسئلة برلمانية ولجان تحقيق تقوم بدورها كما ينبغي لأن المجلس الحالي يقدم دوره بمهنية وأخلاق تنافي ثقافة نشرت قبل فترة في المجلس وتفشت في المجتمع، تقوم على شتم الوزير وقذفه وتجريحه. كما أن المجلس المبطل الأول والمجلس السابق للمجلس الحالي لم يتم فيهما زحزحة أي وزير من مكانه، ولم يستطع التصدي للفاسدين، والفساد المنتشر حاليا ناتج عن سنوات من الفساد الذي غض النظر عنه والمجلس الحالي قام بإصدار 28 قانونا عجزت عنها المجالس السابقة. فهذا الخطاب الموحد والمتدني الذي يوصف به المجلس الحالي دليل على أن الخطاب موجه ومبرمج ومتفق عليه وأن ما يستخدم من كلمات دنيئة يراد بها الحط من شأن المجلس وعرقلة مساره وإرباك عمله.
< هناك استياء نيابي كبير من عدم تفاعل الحكومة مع ملاحظات الديوان، فإلى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك على علاقة السلطتين؟
ـ هناك خلل في الحكومة، والمرحلة القادمة ستشهد مواجهة بين الحكومة ومجلس الأمة، حيث إن الفرصة التي أعطيت للحكومة في الفترة السابقة كانت كافية، والآن توجد خطة واضحة المعالم فضلا عن تقارير ديوان المحاسبة التي تستوضح بواطن الاختلالات وأن المجلس بحاجة إلى تشريعات للحد من ممارسات ضارة في الوزارات والمؤسسات، والحاجة ماسة إلى إعادة منهجية العمل في هذه المؤسسات يكون وفق منهجية متاحة للحكومة ككل.
< هل لاتزال مقتنعا بوجود عَدَد من النواب والوزراء الذين يحتكمون على شركات مملوكة لهم شخصيا أو لأقربائهم كما صرحت من قبل؟
ـ نعم أملك معلومات لكنها ليست أدلة قاطعة على الموضوع، فكيف لوزير أو نائب يحارب الفساد، إذا كان هو بدوره صاحب مصلحة، فهذه الشبهة لا بد أن تكون معدومة، وسأوجه سؤالا لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بصفته الوزير المسؤول عن لجنة المناقصات المركزية، فوفقا للقانون لا يجوز إعطاء أي مناقصة لأي نائب أو وزير أو أحد أقاربهم، وسأوجه سؤالا لوزير التجارة أطالبه بأسماء الشركات التي حازت مناقصات خلال فترة معينة، وكذا أسماء الذين استحوذوا على تلك المناقصات، وهي معلومة مباحة لا يستطيع الوزير إخفاءها أو إنكارها.
< ما رأيك في عمل هيئة مكافحة الفساد حتى الآن؟
ـ أساس وجود هيئة الفساد هو مراقبة كل مسؤولي الدولة، بما يشمله السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، والهيئة بما أن لها استقلالية تامة فمنذ سنتين إلى يومنا هذا لم يأت أحد سأل أو بحث فيما يفعله الآخر، إذن أين موقع الهيئة مما يحدث اليوم، وعند طرح السؤال على الهيئة ترد هذه الأخيرة بأنها وضعت هيكل ولائحة ودورة تدريبية للمسؤولين على أساس يقدمون الحالة المالية وهنا الملاحظ الذي يريد انتقاد الهيئة أن مسؤوليها يتقاضون رواتب عالية ولا يقدمون شيئا، والانتقادات تلك لا تعتمد على الشخصانية بقدر ما هي انتقادات للممارسات، ولا نريد الإساءة لفرد بشخصه، فالتوظيف في هيئة الفساد تنعدم فيه الشفافية، ويتم توظيف أشخاص غير مؤهلين لتلك المناصب، وهذا يتطلب مساءلة وزير العدل لتبرز المسؤولية السياسية والدور الرقابي الذي لا يعني بالتحديد الاستجواب، برغم أن الهدف من الاستجواب هو التقويم والإصلاح، أما إذا تطلب الأمر الاستجواب فلن نتردد.
< كيف ترى الجهود الحكومية لحل قضية الإسكان؟
ـ بالمقارنة بالسابق فإن وزارة الإسكان قطعت أشواطا في تخفيف حدة أزمة الإسكان، ووزير الإسكان يسعى لتقديم الأحسن في الموضوع، لكن مع هذا يظل العجز واضحا ولا يلبي تطلعات المواطن، فاليوم يوجد أكثر من مائة ألف طلب إسكاني، ولنا في كل سنة أربعة عشر ألفا إلى عشرين ألف وحدة سكنية، وبذلك بعد خمس سنوات سيسد مائة ألف طلب سكني لأنه بعد خمس سنوات هناك تراكمات سنوية وسيصل الأمر إلى 60 و70 ألف طلب، وتبقى مشكلة الإسكان تدور في حلقة مفرغة، والمشكلة أن الوزير والحكومة يدركان الموقف المعقد وبعد أن ناقشنا الموضوع نحن والوزير بشكل شخصي ومباشر وجدنا أن العرض لا يغطي الطلب والبلاد بحاجة إلى مشاريع ضخمة في الخيران والصبية. كما أن هناك أسرا تعاني أزمة الإيجار المرتفع، وعليه قدم النواب اقتراحات وفي انتظار أن تؤخذ بعين الاعتبار في أجندة المجلس ولو كنت المسؤول عن لجنة الأولويات لكانت قضية الإسكان متصدرة القضايا التي تعالجها اللجنة.
< ولماذا انت غير راضٍ عن عمل لجنة الاولويات؟
ـ أنا لم أكن عضوا في لجنة الأولويات، ولو كنت عضوا فيها لطالبت بالأمور المعلقة، وأنا غير راضٍ عن عمل لجنة الأولويات في المجلس وحتى عن المجلس في أولوياته مع الحكومة التي كان باستطاعتها العمل بطريقة أفضل من الآن. فالنظام في البلاد يحتكم إلى ثلاث سلطات: التشريعية والتنفيذية والقضائية، والكل يركز على مخالفات السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويغض النظر عن ممارسات غير صحيحة للسلطة القضائية، وهي إحدى أهم السلطات في الدولة.
وأنا لا أشكك في نزاهة القضاء وحديثي عن القضاء يختص بالخلل الإداري، وأكبر دليل ومؤشر على ذلك أن العديد من القضايا يطول بها الزمن في أدراج المحاكم، فالبنية التحتية للسلطة القضائية هي منذ التحرير إلى اليوم لا تتماشى والتزايد السكاني برغم أنه يفترض أن هناك علاقة طردية بين حجم المجتمع وحجم القضاء. وأما المحكمة الإدارية فهي بحاجة إلى نيابة إدارية فملفات الفتوى والتشريع، بالإضافة إلى ما يفوق 60 ألف قضية خسرتها الحكومة لا يدري أحد أي جهة تتحمل مسؤوليتها؛ إما الفتوى والتشريع وإما الإدارات القانونية في المؤسسات.
< إلى أين وصل عمل لجنة التحقيق في موضوع الحيازات الزراعية؟
ـ لجنة التحقيق طالبت ببعض الوثائق من الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وتحصلت عليها واللجنة بحاجة إلى وثائق أخرى وعليه فالمدة المطلوبة في الأول كانت غير كافية، لذلك تم التمديد لفترة أخرى لاستكمال التحقيق والممارسات التي تم استعلامها وليست وليدة اليوم. وهناك أوراق وصلت للجنة مطلع فبراير الفائت وسيتم فتحها والنظر فيها، لكن لا يمكن الخوض فيها الآن لأنها في طي السرية. والمشكلة التي تواجه لجنة التحقيق أن الحكومة حددت مسار تحقيق اللجنة في جزئية بسيطة، أي بمعنى التوقف عند الحيازات الزراعية بالوفرة في الحيازات الشاملة.
< ما أهمية اصدار قانون المراقبين الماليين؟
ـ ان انشاء جهاز المراقبين الماليين سيؤدي إلى تفعيل الرقابة المالية السابقة والتي ستحل الكثير من مشاكلنا والمعوقات التي تواجه التنمية في البلد. والجهاز على عكس ديوان المحاسبة لديه رقابة مسبقة ويقوم بالفلترة لأي مخالفات ويحد منها، وحتى لا يتفاجأ ديوان المحاسبة بالكم الهائل من المخالفات والتجاوزات. والحاجة لهذا القانون باتت ضرورة الآن، حيث ان هناك العديد من المخالفات والتجاوزات تصاحب كل مشروع أو عمل، مشيرا إلى ان القانون لم يقدم اعتباطا بل لمعالجة خلل حاصل ونحن كنواب نرى انه لا بد من اقراره.