لا شك في أن كلمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عقب انتهاء اجتماعه الأخير مع قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قد جاءت في وقتها تماما، لتضع حدا للغط الذي ثار خلال الأيام الماضية، حول ما إذا كانت هناك خلافات، أو لنقل تباينات في الرؤى، بين الدول المشاركة في عملية «عاصفة الحزم»، ولتؤكد للجميع أن مصر التي قطعت على نفسها عهدا بأن تكون ظهيرا لأشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي باقية على عهدها، وأن قيادتها السياسية كانت تعني ما تقول، حين أكدت غير مرة أن «أمن مصر من أمن الخليج، وأمن الخليج من أمن مصر».
الرئيس السيسي أكد هذا المعنى مجددا، وبعبارات شديدة الوضوح، حتى لا تترك أدنى التباس لدى أحد، وتقطع الطريق على هواة الصيد في الماء العكر، الذين يسعون بكل الطرق للإساءة إلى العلاقات المصرية ـ الخليجية، فأعلن أن «مصر لن تتخلى أبدا عن أشقائها فى الخليج وليس فقط فى الخليج، ونحن قادرون على ذلك، ونقول هذا الكلام بوجه خاص للمصريين لن نتخلى عن أشقائنا وسنقوم معهم بحمايتهم والدفاع عنهم إذا تطلب الأمر ذلك»، كما لمس الرئيس السيسي بعدا آخر بالغ العمق والدلالة، حين نبّه إلى أن ما تفعله مصر مع أشقائها ليس نوعا من «المقايضة»، والوقوف مع دول مجلس التعاون لأنها وقفت بدورها مع مصر في أزمتها التي مرت بها خلال السنوات الماضية، وإنما تقف مصر هذا الموقف لأن هذا واجبها تجاه أشقائها أولا، ولإيمانها الذي لا يتزعزع بوحدة الأمن القومي ثانيا.
وبالقدر نفسه فقد كان مهما أن يطمئن الرئيس شعبه على سلامة المسار السياسي والاقتصادي والأمني لمصر، في الفترة الحالية، وأن الإنجازات التي تحققت خلال فترة زمنية قليلة تعد كبيرة ولافتة بالفعل، ودالة على أن مصر تمضي في الطريق الصحيح الكفيل بأن يعيد لها مكانتها المستحقة على خارطة المنطقة والعالم.
لقد باتت مصر الآن موضع ثقة العالم كله، بقدرتها على النهوض والانبعاث من جديد، دولة رائدة وقائدة، وهي من قبل ومن بعد موضع ثقة أشقائها العرب، وفي القلب منهم دول مجلس التعاون الخليجي، التي ترفض تماما أي محاولة للمساس بعلاقاتها مع الشقيقة مصر، وتؤمن أوثق الإيمان، بأن هذه العلاقات مصيرية وأزلية، وأنها ليست مجالا للدس أو الوقيعة، لأن طرفيها أكبر وأكثر حكمة من ذلك بكثير، ولن يسمحا لأحد بالدخول بينهما أو إعاقتهما عن تحقيق أهدافهما وغاياتهما، التي هي أهداف وغايات الأمة العربية جميعا.
أحمد اسماعيل بهبهاني