استغرب مقرر لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية النائب محمد الجبري اتهام مجلس الامة الحالي بإهمال الدور الرقابي، وقال: رئيس الحكومة صعد منصة الاستجواب، واستقال من الحكومة سبعة وزراء، وهذا دليل على وجود مجلس يراقب بشكل صحيح.
وفي حوار مع «الخليج» ناشد الجبري الجميع مراعاة المصلحة العليا للبلاد، مما يتطلب تأخير بعض المطالبات، حتى إن لم يرض عنها الشارع، خصوصا في ظل النزول المطرد في أسعار النفط، مستدركا أن الحكومة تتعهد للمجلس بوضع بديل استراتيجي سيكون منصفا للجميع. وحول شائعة حل المجلس علق الجبري بقوله: اعتدنا مثل هذه الإشاعات والتأويلات كما حصل إبان حكم المحكمة الدستورية، مضيفا: البعض اغاظهم نجاح المجلس الحالي وانجازاته التي لا تخفى على الجميع، وكانت مثار تأييد واسع من أبناء الشعب الكويتي. ودعا الحكومة لمواكبة عمل مجلس الأمة حتى تسكت الأصوات التي تريد أن تدخل البلاد في دوامة المشاكل. وأشاد برئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، وسعيهما المتواصل لترجمة الأولويات ومشاريع القوانين إلى قوانين نافذة، مما جعل المجلس الحالي برغم انتصاف مدته أكثر المجالس انجازا وفق الأرقام. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
< ما تقييمك لأداء مجلس الأمة الحالي؟
ـ إن أداءنا كنواب من حيث التشريع كان في القمة، برغم وجود طموح أكبر، ومع ذلك يبقى على الحكومة أن تواكب نشاط المجلس في تلك التشريعات وأن تتحمل مسؤولياتها وأن تتحرك في خط موازٍ للمجلس.
وأرى أن التفاؤل هو خيار المجلس من الحكومة التي يجب أن تحرك عجلة التنفيذ للتشريعات التي يقرها المجلس حتى لا تتوقف عجلة التنمية. وفي تصريح سابق لسمو رئيس الوزراء أعطى تعليمات للوزراء بأن من لا يريد العمل يركن للراحة، ولذلك أدعو الوزراء إلى تكثيف التعاون بين المجلس والحكومة لتحقيق المصلحة العليا للبلاد وضرورة الرد الوافي والشافي على جميع ملاحظات ديوان المحاسبة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
< البعض يرى أن المجلس الحالي متهاون في محاسبة الحكومة… ما ردّك؟
ـ أنا لا أشك في نوايا الحكومة بخصوص التعاون مع المجلس، فالحكومة اليوم لديها نوايا حسنة، وهي أكثر الحكومات التي تلقت كما من الاستجوابات، فرئيس الحكومة صعد منصة الاستجواب، كما أنه استقال من الحكومة الحالية سبعة وزراء آخرهم وزير التجارة والصناعة عبدالمحسن المدعج وزير الأشغال والكهرباء والماء الوزير عبدالعزيز الإبراهيم، وهذا دليل على وجود مجلس يراقب بشكل صحيح ويقوم بدوره بكل مهنية ونزاهة.
وفي حال لم تستجب الحكومة لمطلبكم في التعاون والتنسيق بين السلطتين فإن دور المجلس الرقابي سيكون هو الفيصل في ذلك، وتفعيل الأدوات الدستورية للمجلس وعدم السكوت على الأمور غير السوية التي تحدث في الساحة، فالوزير الذي يرفض العمل أو التعاون لا مكان له في الحكومة، فلا مجال للمجاملات على حساب مصلحة الكويت. وللاسف البعض من الجماعات السياسية في المجتمع يعيبون التعاون الموجود والمطروح بين السلطتين، والمجلس لديه طموح كبير في تحقيق التفاهم والتعاون المطلوب بين السلطتين، في ظل مواكبة حقيقية من قبل الحكومة لتشريعات المجلس التي تخدم العام والخاص في البلاد، وأؤكد أن طموح المجلس كبير لتحقيق رغبات الشعب الكويتي برغم قصر الوقت.
< وما المطلوب من الحكومة لمواكبة الإنجازات التشريعية للمجلس؟
ـ بكل المقاييس الآن الأنظار موجهة نحو الحكومة وأدائها وكل ما هو مطلوب منها لتنفيذ التشريعات التنموية والشعبوية التي أصدرها المجلس، وأرى أن المصلحة العليا تتطلب تأخير بعض الأمور التي تهم الشعب حتى إن لم يرض عنها الشارع، خصوصا في ظل النزول المطرد في أسعار النفط، إلا أن الحكومة تتعهد للمجلس بوضع بديل استراتيجي سيكون منصفا للجميع ويعالج كل المقترحات ومشاريع القوانين التي تسمى بمقترحات شعبوية كزيادة علاوة الأولاد أو بدل إيجار أو توحيد سلم الرواتب، بالإضافة إلى القوانين التنموية كقانون الـ BOT وهذا البديل الاستراتيجي سيقضي على هذه المشكلة، لذلك تجب مخاطبة الشارع بمصداقية ووضوح ليتحمل هو بدوره جزءا من المسؤولية الوطنية تجاه البلاد.
< نفهم من ذلك أنكم تأخذون على الحكومة البطء في تنفيذ القوانين التي يصدرها المجلس؟
ـ ما أراه حاليا وبكل صراحة – وربما كان كلامي هذا لا يعجب البعض – أنه على الرغم من كثرة ما يقدمه المجلس من تعاون مع الحكومة إلا أنه يتلمس توترا، فالنواب قدموا تشريعات بما فيه الكفاية، وأعدادها كبيرة، لكن بطء الحكومة في تنفيذها قد يخلق نوعا من التوتر، وأعتقد أن ما تلقاه الحكومة من تعاون من المجلس لن تلقى مثله، فلا خيار لنا كنواب أو حكومة إلا الإنجاز، وعليه فإنني أدعو لتعزيز التعاون بين الحكومة والمجلس لتنفيذ المشاريع التي ينتظرها الشارع الكويتي.
< وما تقييمك لجلستي مجلس الأمة التي تم خلالهما مناقشة ملاحظات ديوان المحاسبة على عدد من الوزارات؟
ـ أرى أن جلسة المحاسبة قد سجلت يوما تاريخيا بحق حين فند الوزراء ملاحظات ديوان المحاسبة والتي لم تكن وليدة اليوم، بل هي تراكمات وملاحظات يرجع بعضها لفترة 2007 فأين إذن المجالس السابقة من أداء دورها الرقابي وكيف يعاب على المجلس الحالي التقاعس عن أداء دوره الرقابي والمجلس الحالي قام بإجراء يحدث لأول مرة والذي يعد استجوابا مصغرا لجميع الوزراء الذين تعاونوا مع الإجراء وفيهم من قام بإجراء التحويل إلى النيابة فالاعتراف بالخطأ أمر جيد، لكن الإشكال المطروح هو كيفية معالجة الخطأ. وقدر الوزير اليوم وفي الوقت الراهن أن يكون مسؤولا عن تلك الملاحظات التي هي إرث قديم حتى يمكن معالجتها بالشكل الصحيح.
ولجنة الميزانيات من أهم لجان المجلس التي يقوم على رئاستها النائب عدنان عبدالصمد وهو عضو مهني ومخضرم في تلك اللجنة، وخلال الفترة المقبلة سيقدم ديوان المحاسبة للجنة ما تم إصلاحه من قبل الوزراء حتى ولو كانت إرثا فقدرهم أن يتحملوها.
< ما تعليقك على اشاعات حل مجلس الأمة؟
ـ بداية يجب ان نؤكد ان هذا الأمر بيد صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وفق الدستور، ومن المعيب على مروجي مثل هذا الكلام تجاوز صلاحيات سموه، وأرى ان إطلاق إشاعة حل المجلس يؤكد حالة الانهيار النفسي التي يعيشها مطلقو الإشاعة. وإننا اعتدنا مثل هذه الإشاعات والتأويلات كما حصل إبان حكم المحكمة الدستورية وبثهم الإشاعات قبل إصداره، واستمروا في هذا النهج لأنه اغاظهم نجاح المجلس الحالي وإنجازاته التي لا تخفى على الجميع، وكانت مثار تأييد واسع من أبناء الشعب الكويتي. وأؤكد ان مجلس الأمة والحكومة يسيران بخط واضح لتحقيق تطلعات وآمال المواطنين وترجمة الأولويات إلى قوانين، الأمر الذي لا يعجب البعض ممن يتصيد ويضع العصا في دولاب الانجازات ويحاول التقليل من المجلس الحالي.
< ما رأيك في استقالة وزير الأشغال؟
ـ أرى أن وزير الأشغال السّابق عبدالعزيز الابراهيم قد استعجل في تقديم استقالته، وأن ما دفعه لذلك هو تصريحه الذي قدمه لأحد الصحافيين والذي كان غير موفق وكان يظهر فيه الغضب، وكان من الأجدر أن يرفض الرد بدلا من أن يضع نفسه في موقف حرج، وليس هذا بسبب أدائه؛ إذ يشهد له بالتوفيق فيه فضلا عن المجهودات التي يقدمها لتحسين وزارته، وكنت أفضل لو أن الوزير آثر الاستجواب عن الاستقالة، ويترك الأمر بيد مجلس الأمة للنظر في مدى قناعته بالرد أثناء جلسة الاستجواب واستقالة الوزير هي شبه اعتذار منه لنواب مجلس الأمة أو فهم النواب للتصريح الذي بدر منه، وبصراحة أنا مقتنع بأداء وزير الأشغال، لذلك كان يفضل لو أنه صعد منصة الاستجواب لتفنيد محاور الاستجواب، وقرار طرح الثقة فيه يعود للمجلس، أما على المستوى الشخصي فإن اعتذاره مقبول. وارى ان ما دفعه إلى التصريح من هذا النوع هو نقص الحصافة السياسية للوزير الذي يعد شخصا عمليا أكثر منه سياسيا، وأنا كنت متابعا لأداء الوزير ومعجبا به، خاصة أنه مكث لفترة طويلة في الوزارة وهي شهادة لا بد أن تقال في هذه الشخصية.
< ما رأيكم في قانون هيئة أسواق المال الذي اصدره المجلس اخيرا؟
ـ أود أن أشير إلى تفاؤلي الشديد بانتعاش السوق بعد إقرار هذا القانون، خاصة أنه تمت معالجة المثالب الموجودة سابقا بالقانون، وقد استعانت الحكومة بقوانين معمول بها دوليا في هذا الشأن، والقانون الجديد سينعش السوق الذي يمر هذه الفترة بأزمات قد تكون شبه مفتعلة، كالوضع السيئ الذي يوجد فيه صغار المستثمرين وقلة القيمة المتداولة في السوق التي لا تتعدى عشرة ملايين دينار.
< ما تقييمك لدور المجلس التشريعي بخصوص خطة التنمية؟
ـ لقد تم تقديم الخطة الخمسية قبل موعدها لأول مرة في تاريخ المجالس النيابية وتخصيص مبالغ مالية ضخمة لمشاريع تنموية، والحكومة بصدد إنجاز بعض منها، ومن الشيء الإيجابي في الموضوع أن تراجع أسعار النفط لن يؤثر في ميزانية خطة التنمية ومشاريعها التي نتمنى تفعيلها، بالإضافة إلى قانون BOT وهو بحد ذاته وبالشكل الموجود حاليا والذي أصدرت له اللائحة التنفيذية أخيرا من الحكومة في ظل إلحاح المجلس في الاستعجال في الإنجاز فيه سيكون قانونا جاذبا للاستثمار عكس القانون الذي كان مقترحا في السابق فقد كان قانونا طاردا للاستثمار، وبعد صدور القانون الجديد في الجريدة الرسمية سنرى جملة من المشاريع الكبرى، وجذب رؤوس الأموال وفق قانون BOT ويبقى في الأخير الحكم للشارع الكويتي الذي سيجري مقارنة بين القانونين بكل شفافية ووضوح. لذلك فإن دور النواب اليوم في تشريع قوانين ومشاريع قوانين لم يسبق لأي مجلس مضى أن قام بها وفي الوقت ذاته يصر على ضرورة مساندة الحكومة لتلك التشريعات والسرعة في إنجازها. ومادام النواب يشعرون بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم لنهضة الكويت وخدمة شعبها وتحقيق سبل الرفاهية والعيش الرغيد، فلا بد من تحقيق ذلك بالتنسيق والتعاون والتفاهم الضروري ودون حزازات لتحقيق تلك الأمور على أرض الواقع.
< هل انت راضٍ عن حلول المجلس التي طرحها لحل القضية الإسكانية؟
ـ هناك توافق نيابي حكومي حاليا على توزيع اثني عشر ألف وحدة سكنية، وخلال 15 سنة خلت لم يتجاوز التوزيع 3000 وحدة سنويا، إذن فمن الذي سينقذ الكويت. لذا فإنني أدعو الحكومة لمواكبة عمل مجلس الأمة حتى تسكت الأصوات التي تريد أن تدخل البلاد في دوامة المشاكل.
< هل يمكن ان تحدثنا عن اقتراحك لمعالجة قضية المسرحين من القطاع الخاص؟
ـ تقدمت باقتراح بقانون بشأن معالجة قضية المسرحين، وتتم مناقشته مع ممثلي ديوان الخدمة المدنية والهيئة العامة للقوى العاملة، وهدف اقتراحي هو تحقيق الضمان الوظيفي لهذه الشريحة التي لم يشملها قانون تأمين البطالة، وهذا القانون يمنح المسرحين اولوية التعيين بما لا يؤثر على قائمة الباحثين عن وظيفة في ديوان الخدمة، وفقا لوظائف تناسب خبراتهم وشهاداتهم، وأتمنى إقرار هذا القانون لانهاء معاناة المسرحين حتى نحقق لهم الاستقرار الوظيفي.
< ماذا تقول عن اداء رئيس مجلس الأمة ورئيس الحكومة؟
ـ يجب ان نشيد برئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك وسعيهما المتواصل لترجمة الأولويات ومشاريع القوانين إلى قوانين نافذة، مما جعل المجلس الحالي برغم انتصاف مدته أكثر المجالس انجازا وفق الأرقام.