أمننا ومصيرنا واحد

لا نأتي بجديد حين نقول إن الأمن الخليجي واحد، وإن مصير دول التعاون أيضا مشترك، فتلك قاعدة بات لها حكم «القانون الطبيعي»، الذي لم يتخلف مرة واحدة أو يتبدل قط، وقد زادته الأيام والتجارب والمحن التي واجهتها دول مجلس التعاون الخليجي قوة ورسوخا… ولعل أعظم اختبار لها كان في أثناء الغزو العراقي للكويت، حين وقفت كل دول المجلس، بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد ذلك الغزو، وشاركت جيوشها في التحالف الدولي الذي قام بدحره من الكويت، وتحريرها من دنسه.
لقد كانت محنة الغزو الغادر مرحلة مفصلية في تاريخ المنطقة، أكدت لدول «التعاون الخليجي» أن ارتباطها الذي كان قائما بالطبع من قبل، بات اليوم أكثر أهمية وإلحاحا أكثر من أي وقت مضى، وهو ما رأيناه يتحقق أمام أعيننا بالفعل، فكم من كيانات إقليمية قامت قبل ظهور مجلس التعاون أو بعده، وضمت العديد من الدول، لكن انفرط عقدها جميعا، وانتهت تجاربها بالفشل، فيما بقي «الخليجي» وحده قائما، بل ويزداد مع الأيام متانة ورسوخا، وتتحقق من خلاله عشرات المشروعات الاقتصادية والتنموية المشتركة، ولاتزال شعوبه تحلم بما هو أهم وأكبر.
الأهم من ذلك والأجدر بالتنويه، بلا شك، أن تماسك هذا الكيان الخليجي المتفرد قد عزز من أمن واستقرار دوله وشعوبه، خصوصا في ظل انفجار ما سمي بثورات الربيع العربي، وما ترتب عليها من تداعيات زعزعت استقرار المنطقة العربية كلها، وهددت بعض دولها بالتمزق والتفتت، وأشعلت فيها حروبا أهلية أكلت الأخضر واليابس، وظلت دول «التعاون الخليجي» وسط ذلك كله تنعم بالأمن والاستقرار، وتواصل مسيرتها التنموية المزدهرة، والتي لم تتوقف يوما عن التطور والنمو.
هذه المكتسبات العظيمة التي تجني شعوبنا الخليجية ثمارها اليوم، جديرة بأن تتعزز وتتضاعف، عبر تمسكنا بالثوابت التي قامت عليها منظومة «التعاون»، وفي الصدارة منها بالتأكيد إيماننا العميق بوحدة الهدف والمصير، ويقيننا بأن الأمن الخليجي كلٌّ لا يتجزأ، وهو ما يكفل لنا دوام هذا الأمن وازدياده قوة ومتانة ورسوخا، على مدى الأيام.