في اجتماعه قبل الاخير ناقش مجلس الوزراء تقريرا عن التركيبة السكانية، تناول فيه شرح السياسات السكانية والتوصيات المقترحة لتصحيح الاختلالات، وإعادة التوازن لصالح المكون الوطني، وقرر المجلس إحالة التقرير على اللجنة الوزارية للشؤون التعليمية والاجتماعية والصحية لتفعيل توصيات التقرير ومقترحاته.
«الخليج» ناقشت مشكلة التركيبة السكانية مع عدد من الأكاديميين الذين أكدوا أنها مشكلة أزلية وليست وليدة اللحظة، وستستمر فترات طويلة، ولن تُحل في يوم وليلة لاعتبارات عدة، منها عزوف المواطنين عن الوظائف الفنية، واللجوء إلى القطاع الحكومي غير المنتج، مما يتطلب تغيير ثقافة المواطنين.
ومن جانبه قال المحلل السياسي والأستاذ في كلية العلوم التكنولوجية عبدالواحد الخلفان: إن خلل التركيبة السكانية بالكويت موجود منذ فترة ليست بالقليلة، ونتيجة لإهمالها بات الأمر واضحا وملموسا للجميع، وقد حذرت منه المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، فحذر منه نواب مجلس الأمة مرارا وتكرارا، وحذر منه المجلس الأعلى للتخطيط والإدارة العامة للإحصاء.
وأضاف الخلفان: إن ما تشير اليه الاحصائيات الحالية من قلة أعداد الكويتيين مقابل المقيمين الأجانب والعرب هو نتاج تراكمي لغياب الخطط الاستراتيجية للدولة، ولذا عليها وضع ضوابط وقوانين خاصة في ما يتعلق بالعمالة الهامشية، من خلال تحديد نوعية العمالة التي تتمتع باختصاصات تحتاج إليها الدولة، بالإضافة إلى نوعية تلك العمالة والتي لا تشكل أعباء عليها. وفي الوقت نفسه ومع وجود خطة التنمية لا بد أن تكون للدولة نظرة متكاملة بما يتناسب مع هذه الخطة ومدى احتياجها لهذه العمالة.
فيما قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور شملان العيسى: إن مشكلة التركيبة السكانية مشكلة أزلية وليست وليدة اللحظة، وستستمر فترات طويلة، ولن تُحل لاعتبارات عدة، منها عزوف المواطنين عن بعض الوظائف الفنية والميكانيكية، واللجوء إلى القطاع الحكومي غير المنتج، إضافة إلى أن الدولة سمحت لمواطنيها بجلب عدد كبير من الخدم من دون أي تكلفة، حتى وصل عددهم إلى ما يقارب نصف مليون خادم وخادمة، علما بأن تكلفة الخادمة الواحدة على الدولة سنويا تبلغ نحو 500 دينار.
وأضاف العيسى: الأمر الثاني من تلك الاعتبارات، والأهم، هو النظام التعليمي ومخرجاته، فلا شك أن النظام التعليمي لدينا متخلف، حيث إنه لا يزج بالتخصصات العلمية بما يتناسب مع احتياجات الاقتصاد، ومعظم التخصصات أدبية وعلوم اجتماعية وغيرها، وبالتالي نجد أعدادا كبيرة من التخصصات نستوردها من الخارج، ومن هذا المنطلق نجد أن هذه الأمور مجتمعة سبب رئيسي لوجود خلل في التركيبة السكانية.
واختتم العيسى: هذه الاعتبارات التي ذكرناها مجتمعة توضح لنا أن الحكومة ليست جادة في حل هذه الظاهرة، ما دامت تتبع سياسة ترضية المواطنين بأي ثمن، والدليل على صحة القول إن هذه المشكلة موجودة منذ الستينيات ولم يحدث شيء سوى الاعتماد على الغير.
من ناحيتها قالت الناشطة السياسية أنوار القحطاني: عند الحديث عن التركيبة السكانية سنجد أنفسنا أمام أعداد كبيرة من العمالة، ولهذا لا بد من التنبه إلى مخاطر هذه العمالة وأعدادها الضخمة، خاصة أن هناك أعدادا كبيرة من تلك العمالة عبارة عن عمالة هامشية جاءت عن طريق تجار الإقامات، وهذا ما يدعو إلى الانتباه وضرورة حل هذا الأمر ومعالجته، فهناك كثير من المشكلات الأمنية التي قد تنشأ عن هذا الواقع، وعملية التساهل لا شك أنها تؤدي إلى تفشي هذه الظاهرة.
وأضافت القحطاني: إن وجود هذه الأعداد من العمالة الهامشية لا شك في أنه سبب رئيسي في تدني مستوى الخدمات التي تقدم للمواطنين، فتجد أن هناك ضغطا كبيرا على المستشفيات والمدارس والمؤسسات الحكومية المختلفة، وكذلك الازدحامات المرورية، الأمر الآخر أن زيادة نسبة العمالة الهامشية تجعل من الصعب على الجهات الأمنية السيطرة عليها، خاصة أن تلك العمالة عندما لا تجد عملا تلجأ إلى ارتكاب الجرائم، فقبل أسبوع سمعنا عن أن هناك بنغاليا تم ضبطه بمصنع خمور، وآخر يدخل الكويت بحبوب مخدرة، وثالث يقوم بالسرقة، فلذا على الدولة أن تضع معالجتها التي تكمن في إبقاء من يقدم خدمة حقيقية للدولة ومن ذوي المؤهلات العليا والشهادات، أما مسألة استقدام الآلاف من الأشخاص بهدف التربح والحصول على الأموال فهذا ما يسمى في القانون الدولي الاتجار بالبشر، ويعد مخالفة واضحة يعاقب عليها القانون.
وأوضحت القحطاني أن تجار الإقامات يعتبرون بالفعل سببا رئيسيا في انتشار تلك العمالة السائبة، فيذهبون إلى بلدانهم عن طريق مناديب ويقومون بجلب تلك العمالة على شركات وهمية، والدليل على ذلك أن أكثر من يقومون بارتكاب الجرائم بعد الكشف عن إقامتهم يتبين أنهم جاءوا على شركات وهمية.