• نوفمبر 22, 2024 - 3:22 مساءً

قمة كامب ديفيد تستهدف تعزيز أمن واستقرار دول مجلس التعاون

تشهد الولايات المتحدة غدا ـ وتحديدا في كامب ديفيد ـ قمة استثنائية بكل المقاييس، تجمع بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس الأميركي باراك أوباما، وقد استحقت بالفعل أن توصف بأنها قمة تاريخية، استنادا إلى كونها المرة الأولى التي يلتقي فيها رئيس أميركي بقادة الدول الخليجية معا، فضلا عن أنها تأتي بالطبع في مرحلة من أدق وأخطر المراحل التي تمر بها منطقتنا، والتي تتطلب تشاورا وتنسيقا مع كل الدول الصديقة، خصوصا الولايات المتحدة التي تعد بالتأكيد الحليف الإستراتيجي لدولنا.
ولم يعد خافيا أنه سيطرح على هذه القمة عدد من أهم الملفات وأكثرها دقة وحساسية، وفي مقدمتها بالتأكيد الملف النووي الإيراني، ورغبة دول مجلس التعاون الخليجي في أن تحصل من واشنطن على ضمانات أكيدة، بأن الاتفاق الأخير مع طهران لن يكون على حساب أمن واستقرار دول المجلس، التي لا تمانع في حصول إيران على الطاقة النووية لأغراض سلمية، ولكن في إطار لا يؤجج الصراع في المنطقة، أو يفتح بابا جديدا لسباق التسلح النووي والتقليدي، بما يمثل تهديدا لدولنا وشعوبنا وتعريض الأمن والسلم الدوليين للخطر.
ومن هنا كانت أهمية ما أكده سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، في الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء الذي ترأسه سموه قبل مغادرته إلى واشنطن، حين أوضح للحكومة أن قمة كامب ديفيد تستهدف تعزيز أمن واستقرار دول مجلس التعاون، وترجمة علاقات التعاون الإستراتيجية مع الولايات المتحدة إلى واقع عملي حقيقي.
وفي الإطار نفسه جاءت كلمة سمو الأمير التي ألقاها أمام القمة التشاورية لدول مجلس التعاون الخليجي والتي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، الأسبوع الماضي، حيث طرح سموه العديد من القضايا البالغة الأهمية… وكان لافتا بوجه خاص حديث سموه حول ضرورة توافق دول مجلس التعاون على وضع ورقة موحدة تعبر عن موقفها، خلال القمة التي ستعقد في كامب ديفيد بالولايات المتحدة غدا الأربعاء، ويحضرها قادة «الخليجي» والرئيس الأميركي باراك أوباما. ونعتقد أن هذا الأمر شديد الأهمية بالفعل، لكي تدرك واشنطن أنها أمام موقف خليجي موحد، يمتلك رؤية موحدة أيضا تجاه كل القضايا التي ستطرح على مائدة الحوار، سواء ما تعلق منها بالملف النووي الإيراني، أو بالأزمتين اليمنية والسورية، وغيرها من قضايا المنطقة.
هذا التصور وضع له صاحب السمو إطارا محددا وواضحا، عندما أكد أن «التحديات التي نواجهها اليوم تتطلب جهدا جماعيا وتعاونا مع الأشقاء والأصدقاء، لنتمكن من معالجتها وتحصين دولنا من تبعاتها»، وإشارته إلى أن دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما لعقد قمة في الولايات المتحدة، بينه وبين قادة دول مجلس التعاون، تشكل فرصة للقاء وتبادل وجهات النظر مع حليف استراتيجي ودولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولاعب أساسي في السياسة الدولية، وأحد أكبر الاقتصاديات في العالم.
وتنطلق النظرة السامية إلى قدرة دول مجلس التعاون على الفعل والتأثير في مجريات الأحداث بالمنطقة والعالم، من كون هذا المجلس «تجربة رائدة كانت محط اهتمام الجميع ومثار إكبار واعجاب، اذ استطاع مجلسنا بحنكة قادته لعب دور مؤثر، ليس فقط على مستوى محيطنا الخليجي، وإنما تعداه إلى المستوى الاقليمي والدولي، وبات هذا الصرح يمثل بعدا مؤثرا وفاعلا في مجرى الاحداث الدولية، فقد شاركت دول المجلس، وبفعالية، المجتمع الدولي في تحالفه لمحاربة الارهاب، ومحاولة اعادة الاستقرار إلى العراق، كما لعبت دولنا دورا مؤثرا في محاولة ايجاد حل للكارثة الانسانية التي يشهدها الاشقاء في سورية»… ومن هنا يغدو طبيعيا ومنطقيا أن يكون لمجلس التعاون وزنه الكبير والمؤثر، على صعيد علاقات التعاون والشراكة مع الولايات المتحدة، التي ينبغي أن تدرك بدورها أنها إزاء كيان وحدوي فاعل ومؤثر، وقد أثبت ذلك بالدليل العملي في تعامله مع التحديات التي واجهها أخيرا، خصوصا الأزمة اليمنية التي هددت بأن تعصف بأمن المنطقة واستقرارها.
ولعله من المناسب الآن – كما ذكر سمو الأمير أيضا – أن ينتقل هذا الكيان الخليجي إلى مرحلة الاتحاد، بشرط أن يقوم «على أسس صلبة وخطوات مدروسة»، بحيث يتفادى مآل تجارب وحدوية عديدة شهدتها المنطقة، ولم تستطع الصمود في مواجهة التحديات، فانفرط عقدها سريعا، بل وتركت آثارا سيئة ومؤذية في نفوس الشعوب التي كانت تتشكل منها… ومن حقنا نحن شعوب دول مجلس التعاون أن نحرص على أن يكون اتحادنا المرتقب معبرا عن آمالنا وطموحاتنا، ومحصنا ضد كل ما يمكن أن يشكل تهديدا له أو مساسا به.
لقد شكلت الكلمة السامية في القمة التشاورية إضاءة مهمة وقوية، على كثير من القضايا والتحديات التي تواجهها منطقتنا، ولم يفتها أيضا التأكيد أن دولنا الخليجية تسعى إلى علاقات تعاون وشراكة مع كل دول العالم، خصوصا مع دول الجوار، وأنها لم تشكل يوما، ولن تشكل أبدا تهديدا لأي من جيرانها، وبالقدر نفسه فإنها لا تقبل بأن يهدد أحد مصالحها أو يتدخل في شؤونها، وهي تمد يدها بالسلام للجميع، وتدعوهم إلى أن يكونوا بدورهم صانعي سلام، وحريصين على ضمانة أمن واستقرار المنطقة، وتجنيب شعوبها ويلات الحرب والدمار.
أخيرا، فإن هذه الكلمة السامية قد وجدت صداها الواسع والمؤثر لدى كل الدوائر الخليجية والإقليمية، وفي اعتقادنا أن تأثيرها الكبير سيمتد إلى القمة التي تحتضنها الولايات المتحدة غدا، والتي ينتظر العالم بأسره نتائجها المهمة وانعكاساتها على أوضاع الشرق الأوسط كله.

 

Read Previous

الحريص لـ الخليج : من لا يعترفون بمجلس الأمة لا يؤمنون بالديموقراطية .. يكفينا اعتراف الشعب

Read Next

جمعيات نفع عام انحرفت عن أهدافها وتسعى إلى مصالح شخصية

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x