برغم ان إدارة الفتوى والتشريع انهت الجدل الدائر حول الاتفاقية الأمنية الخليجية بتأكيدها ان نص المادة الأولى من الاتفاقية الأمنية لا يتعارض مع الدستور الكويتي، وتوضيح وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد إن إدارة الفتوى والتشريع تعد عضوا اساسيا في اللجنة المشكلة لدراسة الاتفاقية الامنية وشاركت في صياغتها، الا ان بعض النواب الحاليين والسابقين يصرون على التشكيك في الاتفاقية، ويزعمون انها ضد مصلحة الشعب.
«الخليج» ناقشت مع بعض الخبراء الأمنيين والقانونيين الاتفاقية الأمنية، فأكدوا ان الظروف الاقليمية ومشاركة الكويت في الحملة العسكرية مع شقيقاتها في دول الخليج تفرض توقيع الاتفاقية، ولا توجد رفاهية الوقت لمثل هذا الجدال العقيم.
وقال الخبير الأمني الدكتور فهد الشليمي إن الاتفاقية الأمنية تنص على التكامل والتعاون والتنسيق أثناء الكوارث والاضطرابات الأمنية، وهي اتفاقية مشابهة للاتفاقيات الاقتصادية والقضائية والسياسية بين الدول، مشيرا إلى أن الحكومة الكويتية امتنعت في العام 1994 عن توقيع الاتفاقية لإدراكها بوجود تضارب مع دستور البلاد وهو ما يسجل لها.
وأضاف أن دول مجلس التعاون الخليجي تتفهم هذه الخصوصية التي تتمتع بها الكويت لناحية الدستور والحقوق المدنية الكويتية، حيث تم التعاون المشترك بين دول المجلس لوضع الاتفاقية التي تحمل في كل موادها وفقراتها كلمات ومصطلحات مثل التعاون والتكامل والتنسيق والتشاور بين الدول الخليجية وليس فيها أي شيء يدل على الجبر أو الإلزام.
ودعا إلى أن نكون مع كل جهد خليجي يجعل دول المجلس أكثر تعاونا لحماية الكيان الخليجي والأسرة والفرد الخليجيين، لاسيما أن دولة الكويت حريصة على أن يتم فهم خصوصيتها، وأن دول المجلس الأخرى تتفهم هذه الخصوصية.
وأوضح أن الاتفاقية تتضمن 20 مادة، منها مادة واحدة تم تحريف معناها وتتعلق بالحريات والقبض على الأشخاص، وهذا كلام غير دقيق، إذ إن الكويت لا تسلم مواطنيها بل تعطي كل الضمانات لهم جميعا.
وأشار إلى أن الاتفاقية تتناول جوانب عامة وشاملة، في حين تتولى البروتوكولات الملحقة بالاتفاقية شرحها وتفصيلها بندا بندا ومادة مادة، داعيا مجلس الأمة إلى القراءة المتأنية لهذه الاتفاقية.
وقال إن هناك جرائم تستوجب التنسيق والتعاون والعمل المشترك مثل الجرائم الإلكترونية والقرصنة وغسل الأموال والإرهاب، التي تتكبد بسببها الدول خسائر تقدر بملايين الدولارات، مشيرا إلى أن هناك عشرات الاتفاقيات التي تمت الموافقة عليها في السابق مع دول أخرى تحمل بنودا مشابهة إلى حد كبير للاتفاقية الخليجية والأولى أن يضع الكيان الخليجي اتفاقية لمواجهة الأخطار المقبلة.
ودعا إلى وجود مظلة وهيئة لمثل هذه الاتفاقية تجعل العمل والتدريب يسيران قدما إلى الأمام ودراسة التهديدات تحت مظلة واحدة، وبالتالي يسهل التعامل مع الجريمة التي أصبحت سريعة جدا في أيامنا هذه ومكافحتها يجب أن تكون أسرع.
وحول إفشاء البيانات الشخصية للأفراد، أكد الشليمي أن الحرية الشخصية مكفولة، مبينا أن البيانات وفق الاتفاقية الخليجية لا يتم طلبها إلا عبر أطر رسمية وقانونية بعد تقييم الطلب إن كان مقبولا من عدمه.
وذكر أن ما يقال عن أن الاتفاقية تحد من حرية التعبير غير صحيح أبدا، موضحا أن المادة العاشرة التي تتحدث عن تدخل الدول في حالات الكوارث والاضطرابات الأمنية، فإنما يتم ذلك في حالة الطلب من قبل الدولة ولا يتم استدعاء قوات أمنية من الخارج وقت الاضطرابات الأمنية إلى الداخل إنما في الأمور المتعلقة بالمشكلات والاضطرابات على الحدود فقط وعند الطلب فقط.
من جانبه أكد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية، د. سامي الفرج أن مواد وبنود الاتفاقية تتماشى مع التشريعات الوطنية ولا تتعامل إلا مع ما يعد جريمة، مضيفا أن المشكلة الكبيرة تتعلق بالإرهاب والجريمة وغسل الأموال والجرائم الإلكترونية، لافتا إلى أن هناك أربع فئات مستفيدة من إثارة هذه القضية، مشددة على أن معارضة تلك الاتفاقية معارضة فئوية، تبحث عن مصالحها بعيدا عن المصلحة الوطنية.
وأوضح أن انتقاد الاتفاقية سببه عدم الاختصاص واللبس في فهم بنودها، وإطلاق الأحكام عليها دون معرفة تفاصيلها، مبينا أن موقف الكويت من اتفاقية العام 1994 التي لم توقع عليها يسجل للحكومة لأنها كانت في صيغتها السابقة لا تتماشى مع قوانيننا ودستورنا، مشددا على أن أعرافنا الإسلامية والقبلية تقول بأن لا تسليم للاجئ، فما بالك بالمواطن الكويتي.
ودعا من يعترض على الاتفاقية إلى قراءتها أولا قبل أن يأخذ قرارا فيها بدون علم، والنظر إليها من منظور المصلحة الوطنية، مشيرا إلى أن ظروف ولادة هذه الاتفاقية تختلف عن ظروف ولادة اتفاقية عام 1994، حيث أخرجتها الحكومة الكويتية بتكليف من دول مجلس التعاون، ومن خلال خبراء كويتيين ساهموا في صياغتها بالتوافق مع الدستور وحرية الإنسان.
وأشار إلى أن النبرة المتصاعدة الآن هي «نحن أفضل منهم»، فلماذا نوقع معهم اتفاقية أمنية، فمعايرنا أفضل من معاييرهم؟ لافتا إلى أن بعضا من المعارضة أوجد صيغة تسعى إلى إعاقة الاتفاقية لدى الشارع، بدون إظهار النصوص الفعلية للاتفاقية الجديدة، وهو نوع من أنواع الخداع الذي يمارس على المواطن.
ولفت إلى أن الشارع ليس من اهتماماته قراءة كل الاتفاقيات، إلا أنه يجد معارضة تتحدث عن المصلحة العامة، في حين أنهم يبحثون عن مصالحهم الشخصية، إضافة إلى أنهم يتحدثون عن السيادة، كأنهم يقولون نحن دولة ذات سيادة وأنتم لا.
وأوضح أن منظور السيادة يعني أن تقبل الدولة أن تقيد قوتها بقيود السيادة، والاتفاقية الأمنية تضع الكويت ضمن منظومة أمنية لخمس دول، مشيرا إلى أن تلك المعارضة ادعت نصوصا غير موجودة في الاتفاقية.
وأشار إلى أن الاتفاقية بها نص يشير إلى أنها تطبق وفق النظام القانوني لكل دولة، إضافة إلى أنها تتحدث عن الجرائم والتنظيمات الإجرامية، لافتا إلى أن المعارضة تتحدث عن أن الاتفاقية سوف تمنع المواطن العادي، في حين أن حقيقة الأمر أن الاتفاقية تتحدث عن المجرمين، وبعض الجرائم التي يمكن أن تقع في المستقبل، مثل جرائم حقوق الملكية الفكرية، والقرصنة الإلكترونية التي أشار إليها أحد التقارير بأن العالم العربي يخسر 850 مليون دولار بسبب القرصنة الإلكترونية.
وأوضح أن جريمة «غسل الأموال» من الجرائم العابرة للحدود، ولا يمكن معرفة بدايتها من نهايتها، بدون أن يكون هناك اتفاقية أمنية مثل تلك الاتفاقية، إضافة إلى أن هناك جرائم لم نسمع عنها في السابق، وفي ظل تلك الاتفاقية يمكن أن نتخذ قرارات من شأنها محاربة تلك الجرائم كست دول.
وأشار إلى أن هناك بعض الدول مثل المغرب والأردن تسعى إلى الانضمام إلى تلك الاتفاقية لمحاربة تلك الجرائم المنظمة، مؤكدا على أن هناك جرائم لا يمكن أن يتم محاربتها كدولة واحدة، لذلك الحديث عن تلك الاتفاقية لا بد أن ينطلق من منظور وطني، وليس من منظور الظهور الإعلامي، من خلال الحديث عن الدول الأخرى بشكل به سباب وقذف.
وأوضح أن بعضا من تلك المعارضة تتآمر على بعض الدول الأخرى، من خلال الدفاع المستمر عن تنظيم الإخوان، لذلك لا يريد هؤلاء أن تطولهم قوانين تلك الدول، مشيرا إلى أن الامارات اتخذت قرارات في هذا الصدد من منظور أمنها الوطني.
وأشار إلى أن البعض يسعى إلى منع التوقيع على الاتفاقية، من أجل مصالح شخصية، واناس تخشى القبض عليهم لازدواج الجنسية، بعيدا عن المصلحة الوطنية، لافتا إلى أنه تم التوقيع على اتفاقيات مع العراق وإيران والأردن واليمن وتحمل نصوصا أقوى من تلك النصوص.
وأوضح أن من يدعى المعارضة يحاولون إيجاد رأي عام لإحراز نصر في الشارع من أجل مصالحهم الشخصية.
من ناحيته قال الخبير القانوني الدكتور فايز العزب إن القواعد الملزمة والمنظمة في علاقات الدول بينها وبين بعض، مثلها مثل فكرة الاتحاد الأوربي، فتلجأ إليها الدول لتنظيم أمورها وفقا لسيادة الدولة ودستورها، مشددا على أن تلك الاتفاقيات لا تملك إلغاء نص في الدستور، فهناك قاعدة في الدستور تقول بسموه عن باقي القوانين، لذلك مهما كانت القوانين التي يتم الاتفاق عليها، لا بد أن تتوافق مع الدستور.
وأشار إلى أن بعض هذه التوجهات السياسية لا يؤمن بالديموقراطية، ولا بالدساتير على اعتبارها قوانين بشرية، يجب أن تنسف كونها كافرة، لذلك أرى أن المعارضة الآن تسعى إلى التلاعب سعيا وراء المال السياسي.