• نوفمبر 22, 2024 - 1:57 مساءً

العنف قفز إلى 68 في المائة .. والتسامح صفر

حذر تربويون وأكاديميون من تفشي ظاهرة العنف في المجتمع، بعدما قفزت نسبة انتشاره إلى 68 في المائة، وتراجعت معدلات التسامح إلى نحو صفر في المائة، وفق الإحصاءات الرسمية للجرائم والقضايا.
وأكد مدير إدارة رعاية الأحداث السابق الدكتور عبداللطيف السنان أن هناك الكثير من الأسباب وراء انتشار الجريمة بين الشباب، خاصة الأحداث، ومن أهم هذه الأسباب غياب التوعية القانونية، فكثير من الشباب ليس لديه وعي بأن ما يقوم به من فعل يعد جريمة يعاقب عليها القانون، ومن هذه الأفعال قيام بعض الشباب بالتعدي على الغير في مواقع التواصل الاجتماعي، أو التعدي على رموز الدولة، أو إهانة موظف عام، أو غير ذلك من أمور يجهل كثيرون أنها جريمة.
وأضاف: هناك من يستغل الأطفال للقيام ببعض الجرائم مثل جرائم السرقة، لكي يستفيد هؤلاء الناس من تخفيف العقوبة، كون مرتكبها طفلا حديث السن، إضافة إلى أن التنشئة عليها دور كبير في وجود هؤلاء الأطفال الذين يعتبرون في عين القانون مجرمين.
وقال: الأسرة لها دور كبير في وجود هؤلاء الأطفال، فالتنشئة السيئة ينتج عنها مجرمون يوضعون في سجون الأحداث، إضافة إلى أن من الأسباب التي تدفع الأطفال إلى ارتكاب مثل هذ الجرائم الضغط المادي على الأبناء وطموحهم في امتلاك أجهزة هواتف حديثة أو سيارات إلى غير ذلك، فيرتكب جرائم مثل السرقة من أجل السعي وراء الترف المادي السريع.
وأشار إلى أن هناك من الشباب من لا يعرف أن يتحكم في نفسه وقت الغضب، لذلك تجده يرتكب جريمة قد تصل إلى القتل في لحظة غضب، ومن الأسباب أيضا التركيبة السكانية التي دفعت بعض العمال الوافدين إلى الاتجار في المخدرات، أو بيع السديهات الإباحية أو غير ذلك من أمور تفسد الشباب الكويتي.
وبين أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب الشباب مثل هذه الجرائم ضعف الوازع الديني، لذلك لا بد أن تتضافر كل الجهات الحكومية والمؤسسات المدنية في المحافظة على النشء.
وأشار إلى أن من الأسباب الظاهرة أيضا استغلال الطفل في العمل السياسي، من خلال التظاهرات أو التجمهر غير القانوني، أو المساهمة في مسيرات واعتصامات، إلى غير ذلك من أمور جرمها القانون الكويتي، لذلك علينا جميعا أن نتكاتف من أجل المحافظة على النشء، وتوعية الشباب بالقوانين والعقوبات التي قد تقع عليهم عند مخالفتها.
من جانبه قال استاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت الدكتور جميل المري: هناك انفلات وانحراف سلوكي وراء ارتكاب الشباب مثل هذه الجرائم، وهذا الأمر ناتج عن الفراغ الذي يعيشه الشباب، مع امتلاكهم طاقة كامنة وقدرات لا يجد مكان يمكن أن ينفس بها عن نفسه.
وأشار إلى أن أجهزة الهواتف الذكية أصبحت وبالا على الأجيال الشبابية الحالية، وستكون وبالا على الأجيال القادمة، فالأجهزة جعلت الشباب لا يتحرك، يظل مكانه لساعات طويلة من دون حركة، وإذا تحرك الشاب إلى أين يذهب؟ لا يجد أمامه إلا المول أو المجمع.
وأضاف: لا يوجد مكان يمكن أن يذهب إليه ويتريض، حتى أن الأندية الصحية أصبحت هي الأخرى وبالا بما تقدمه للشباب من منشطات وهرمونات لها أثار عكسية عليهم.
وقال: المشكلة التي يعاني منها الشباب الكويتي مشكلة دولة من المفترض أنها دولة مؤسسات متقدمة، وعلى تلك الدولة أن توجد للشباب أماكن يفرغ فيها طاقاته بشكل إيجابي.
ولفت إلى أن كثرة الحوادث والجرائم التي تقع من الشباب في المجمعات قد تدفع المسؤولين عنها إلى منع دخول الشباب إليها، وجعل هذه المجمعات للعوائل، أو يحددون بها أوقاتا للعائلات، وأوقاتا أخرى للشباب، كون الجرائم المختلفة للأحداث تقع في هذه المجمعات التجارية.
وأشار إلى أن ولي الأمر عليه دور كبير في توجيه أبنائه، إلا أنه لا يتحمل المسؤولية، إضافة إلى أن المدرسة لا يوجد بها المعلم المربي، فالمدرس أصبح يعاني من ضيق الوقت فلا يستطيع أن ينهي المنهج المكلف به، إضافة إلى ما يعانيه من أعباء أخرى ومهام داخل المدرسة من المفترض أنه لا علاقة له بها.
ودعا المري وسائل الإعلام المختلفة إلى إيجاد قنوات تخاطب الشباب وتقدم لهم برامج إيجابية توعوية، متسائلا: أين المؤسسات المدنية من مشاكل الشباب المختلفة، وأين جمعيات النفع العام؟
وزاد: مؤسسات المجتمع المدني يتولى أمرها أشخاص غير مؤهلين يقضون وقتا بها دون فائدة، لذلك نقول إن الشباب الكويتي أصبح ضحية لهذا المجتمع، فلديه طاقة، ولديه مواهب وقدرات، لكن لا يجد من يتبنى هذه المواهب أو القدرات، ولا يجد مكانا يمكن أن يفرغ به طاقته.
وتساءل المري: أين النادي العلمي من الشباب الكويتي الموهوب، لماذا لا يفعل هذا النادي من خلال تبني المواهب واكتشافهم وتوجيههم بحسب قدرات كل شخص؟
وأشار إلى أن الطاقة الكامنة لدى الشباب إذا لم يجد أماكن يفرغها فيها سنجده يفرغها في العنف، وبالتالي سوف يضر نفسه ويضر الآخرين، لافتا إلى أن دور وزارة الداخلية إلقاء القبض على المجرمين، بعيدا عن التوعية قبل أن تقع الجريمة، وإن كان يفترض أن يكون لها دور توعوي مهم في هذا الجانب أيضا.
وأكد أهمية الدور الذي تقوم به المدرسة والتي تأتي في المقام الثاني بعد الأسرة، كون الطالب يقضي فيها 8 ساعات يوميا، لذلك على المدرسة أن تقوم بالدور التربوي التعليمي المناط بها.
ودعا المري وزير التربية الحالي إلى تفعيل دور مكاتب الخدمة الاجتماعية لما لهذه المكاتب من أهمية داخل المدارس، لافتا إلى أن مدرسي الخدمة الاجتماعية في المدارس من الكويتيين يعدون على أصابع اليد الواحدة، وذلك لأن هذه المهنة أصبحت طاردة فلا يحصل على كوادر ولا بدلات على الرغم من أهميتها.
وبين أن المدارس في حقبة الستينيات والسبعينيات كانت بها أنشطة مختلفة، فتجد هناك مباريات كرة قدم، وأنشطة فكرية وثقافية وفنية تجعل الطالب محبا للمدرسة، أما اليوم فلا توجد مثل هذه الأنشطة، مشيرا إلى أن المدارس يوجد بها اليوم مشاكل سلوكية وأخلاقية كثيرة جدا، ولكن الكل ساكت عنها.
وتساءل المري: ماذا نتوقع من الطالب إذا تخرج في المدرسة وأصبح موظفا وهو بداخله الكثير من الأمراض النفسية؟ سنجد النتيجة موظفا يسعى إلى تعطيل أعمال الناس، ولديه انحراف مدمر تجاه المجتمع الذي يعيش به، فإلى متى يظل الوضع على ما هو عليه الآن؟
وقال: أنا كمرب اجتماعي لي خبرة في هذا المجال لأكثر من ثلاثين عاما تعاملت فيها مع الأحداث ومع المجرمين في السجون وفي دور الرعاية وقدمت برامج ناجحة، لدي برامج يمكن تطبيقها وتحقق نجاحا كبيرا لخدمة المجتمع الكويتي وخدمة الشباب.
وأشار إلى أن من البرامج الذي قدمها كان يأخذ بعضا من الشباب في المدارس المعرض للانحراف، أو ممن لديهم ميول عدوانية نحو الآخرين إلى سجن الأحداث في زيارة للتعرف على الأسباب التي أدت ببعض الأحداث إلى دخول السجن، وكان الشباب يستمع إلى هؤلاء المسجونين، إضافة إلى أنهم في صباح اليوم الثاني ينقلون ما شاهدوا إلى زملائهم في طابور الصباح، لذلك كانت النتائج إيجابية بشكل كبير، وسلوك الشباب الانحرافي يتغير عندما يرى مصيره إذا استمر في الطريق الذي يسير فيه من خلال النماذج التي كنا نعرضها عليهم.
وبين المري أن العنف الذي انتشر بين الشباب يعود إلى تعاطي البعض منهم مادة الشبو التي تباع بدينارين، فأصبحت أرخص من الحشيش، إضافة إلى أن تأثيرها السلبي على عقول الشباب أصبح أكبر مما تحدثه بعض الأنواع المخدرة، لذلك أصبح العنف سمة هؤلاء الشباب، فبعضهم يرتكب جرائم تصل إلى القتل دون أن يدري ما الذي قام به في لحظة، وعندما يعي ما حدث يجد نفسه متهما بجريمة قتل، أو هتك عرض أو اغتصاب إلى غير ذلك من جرائم أغلبها يقع تحت تأثير المخدرات.
واختتم المري بالتأكيد أن الخير موجود، وأنه لايزال متفائلا بأن هذه المشاكل من السهل أن نوجد لها العلاج الشافي، مشيرا إلى أن الأمر بحاجة إلى قرار فمن لا يقوم بعمله في وزارته أو مؤسسته يخرج ويترك المجال لمن يعمل ليقوم بدوره.
بدورها أرجعت الناشطة الاجتماعية مريم شعيب ارتكاب الشباب والأحداث العديد من الجرائم خاصة العنف إلى العديد من الأسباب أهمها التفكك الأسري الذي تعيشه بعض الأسر، والفقر الذي يعيشه البعض، مشيرة إلى أنه لا يمكن أن نضع علاجا لمشكلة مثل هذه المشكلة دون أن نعرف الأسباب الحقيقية التي أنتجتها.
وأشارت إلى أن العنف انتشر بين الشباب الكويتي خلال الفترة الأخيرة بشكل غير طبيعي، وأصبح الأمر ينذر بالخطر، مؤكدة أن الأسرة هي السبب الرئيسي وراء مثل هذه الجرائم التي ترتكب في الشارع.
ودعت إلى أهمية التركيز على الوعي الديني أو الوعي الثقافي، لافتة إلى أن من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الجرائم « الواسطة» من قبل نواب الأمة للشباب عند ارتكابهم جرائم، فالشاب الذي يعرف أنه سيخرج إن ارتكب جريمة ما، لأن معه النائب فلان، لن يرتدع عن القيام بجريمة أخرى، لذلك أؤكد أن نواب الأمة أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتكاب مثل هذه الجرائم من قبل الشباب.
ولفتت إلى أن هناك فسادا مجتمعيا أحد أسبابه الرئيسية نواب المجلس الذين يبحثون عن الكرسي في المقام الأول، لذلك نجدهم أول من يخالف القانون بإخراج المجرم عند ارتكابه الجريمة بالواسطة، وهذا أمر غير مقبول.

Read Previous

الحصان لـ الخليج: إنفاق 97 في المائة من ميزانية «الأشغال» يؤكد الحرص على إنجاز مشـــاريع التنميـــــة

Read Next

القوائم الطلابية تثمن إقرار 150 دينارًا بدل كمبيوتر: الحاسب مهم لمواكبة التطورات وتنمية المهارات

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x