اتفق أكاديميون على أن انتشار ظاهرة الغش في الاختبارات ظاهرة تنذر بانهيار العملية التعليمية وتخلق خيلا غير مؤهل علميا، ورأوا ان القضاء على هذه الظاهرة لن يتم بين ليلة وضحاها، لأنها متجذرة وناتجة عن تغير في الأخلاقيات، ونقص القيم.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. شملان العيسى: ليس هنالك سبب واحد لتفشي الغش في الاختبار، فظاهرة الغش نتيجة طبيعة لتردي الاخلاقيات والقيم في المجتمع الكويتي، فالفساد المنتشر في البلد – على جميع المستويات – ما هو الا نتيجة طبيعية لسياسة التساهل والتسيب وعدم تطبيق القانون واللوائح بحزم وقوة، في الجامعة مثلا لدينا تعليمات بمنع دخول الطلبة للاختبارات اذا تغيبوا عن المحاضرات اكثر من 6 ساعات أو محاضرات، ويمنح الطلبة 3 محاضرات أو ساعات للتغيب في حالة المرض، وحاولنا تطبيق هذه التعليمات على الطلبة هذا الفصل ووجدت ان اعدادا كبيرة من الطلبة سيتم منعهم وهنا بدأ صياح وبكاء الطالبات، برغم ان الانذارات توجه لهم كل فترة غياب، وبعد مفاوضات معهم سمحت لهم بأخذ الامتحانات لكن لا مجال لمنحهم 10 درجات للحضور والمناقشة، وجاءت نتيجة الامتحان متدنية لكثرة الغياب وعدم الاكتراث باللوائح الجامعية.
وأوضح العيسى: يمكن معالجة تلك الظاهرة من خلال تطوير ادارة الامتحانات بحيث تصبح جهازا متكاملا متخصصا يشارك في رسم سياسة تقويم الطلبة والتحقيق عن مستويات تحصيلهم والجوانب الاخرى من مسيرتهم التربوية، ويتولى التنسيق بين ما يتضمنه ذلك التقويم من عمليات مختلفة بالتعاون الوثيق بينه وبين الجهات المعنية ببناء المناهج وتطويرها، مبينا أن قضية الغش في الاختبارات قضية مجتمعية، ماذا نتوقع من ابناء مجتمع تتفشى فيه ظاهرة الفساد والكذب والرشوة وانعدام الولاء لهذه الارض الطيبة؟
ومن جانبها قالت أستاذة كلية التربية الاساسية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتورة رباح النجادة: ان ظاهرة الغش بدأت تنتشر بقوة في الثانوية والجامعات والكليات في ظل التكنولوجيا الحديثة، ولن أنكر وجودها، فهي ظاهرة توجد بشكل أكبر بين طلبة السنة التمهيدي والطلبة حديثي التخرج من الثانوية، ومن خلال تجربتي بتدريس الطالبات وخبرتي عن طريق زميلاتي عضوات هيئة التدريس وجدت أنها منتشرة بشكل كبير، ولم تقتصر محاولات الغش على الطلاب فقط، بل شملت الطالبات أيضا، وأصبح أمرا عاديا بينهن.
وأضافت النجادة، انه من طرق محاولات الغش القديمة هي البحث عن الإجابة من خلال نظر الغشاش إلى أوراق زملائه، أما من الطرق الحديثة فهي تبادل الكلام وهم في قاعة الامتحان بكلمات مشفرة متفق عليها، اضافة إلى استخدام الهواتف الذكية، وسماعات الأذن صغيرة الحجم، وهذه الأمور جدا سلبية، لاسيما أن الغش ليس له فائدة علمية ويخلق جيلا فاشلا.
وتستطرد النجادة: من وجهة نظري لا شيء يستدعي من الطالب أن يغش سوى غياب الوازع الديني، فلو تربى الطالب منذ البداية على قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا»، وغرس في داخله ذلك منذ حداثة سنه، فسوف يكون ذلك رادعا نفسيا له يمنعه عن محاولة الغش، والشخص الذي يحاول الغش لا يفكر في المجتمع، وإنما يفكر في نفسه فقط.
واقترحت النجادة بعض الحلول للحد من مثل هذه الحالات، وقالت: لا أعتقد أننا نملك عصا سحرية لحل هذه الظاهرة بين ليلة وضحاها، لأن هذا الموضوع لم يظهر فجأة، بل أخذ سنين حتى لاحظنا تغيرا في الأخلاقيات، وأنا أؤمن بأن تغيير القيم يأخذ جيلا أو جيلين حتى يظهر الجيل الذي يصلح الخطأ الذي وقع فيه أسلافهم.
وتوجهت النجادة مخاطبة الطلبة، وقالت: ما بني على باطل فهو باطل وفي الآخر، أنت تحمل شهادة، ولكن هي شهادة زور، ومن يغش لا يفكر بالمجتمع، وإنما يفكر بنفسه فقط، ومن يغش اليوم في الامتحان، غدا سوف يغش في مجال عمله، فالمعلم سيسمح لطلابه بالغش لأن فاقد الشيء لا يعطيه.