عشنا في الكويت والسعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي قرونا طويلة، لا نعرف شيئا من مظاهر الفرقة أو الفتنة، بل لا يكاد المواطن منا يعرف مذهب جاره، ولا يحفل أصلا بأن يعرف، بل يعد ذلك نوعا من الفضول الذي لا مبرر له، فالكل ينتمون إلى الإسلام الذي يظلنا ويجمعنا كلنا تحت رايته، وتجمعنا قيمه الرفيعة ومبادئه السمحة التي تعلمنا التسامح والتعايش، ليس فقط مع أمثالنا من المسلمين، بل أيضا مع المختلفين معنا في الدين والعقيدة، وأن الإخاء مطلوب ومرغوب بين كل بني البشر.
من هنا كانت صدمة كل أبناء دول الخليج لدى سماعهم أنباء التفجيرات التي وقعت في مسجدين بالقطيف والدمام بالمملكة العربية السعودية، فتلك هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف دور للعبادة بهذا الشكل الوحشي والإجرامي، والذي لا يقيم وزنا للدماء والأرواح، ولا يعبأ بمخالفة تعاليم القرآن الكريم الذي قرر أنه «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا»، وكذلك الهدي النبوي الذي علمنا أن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة.
وعلى الرغم من فداحة ما حدث، ووقعه الأليم على نفوسنا جميعا، فإن مما يعزي النفس أن نرى أشقاءنا في المملكة يصطفون جميعا في مواجهة هذا الإرهاب البشع، ولا يكتفون بإدانته وشجبه، بل يؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن «كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة، وسينال عقابه الذي يستحقه»، وهو ما قطع الطريق على كل البغاة ودعاة الفتنة الساعين إلى شق صفوف الأمة، وتمزيق نسيجها الواحد، وبث الفرقة والخلاف بين أبنائها.
لقد ظلت دولنا الخليجية بمنأى عن الصراعات السياسية والحزبية، وفي الوقت الذي التهمت فيه نار الفتن السياسية دولا وشعوبا من حولنا، وأشاعت فيها الخراب والدمار، فقد استطاعت دولنا أن تحافظ على أمنها واستقرارها… وعلينا أن نعي جيدا أننا محسودون على هذه النعمة الغالية، نعمة الأمن والأمان والاستقرار، وأن هناك من يسعى إلى تعكير صفونا وإدخال دولنا الآمنة إلى دائرة العنف والإرهاب، ويستدرجها إلى فخ الاحتراب الأهلي، كما حدث في دول كثيرة، لكن كيده سيرد إلى نحره، فشعوب دول مجلس التعاون وقادتها لن يسمحوا بذلك، وستبقى وحدتهم حصنا حصينا يقيهم من كل ما يدبر لهم، وسيضربون بيد من حديد على أيدي كل بغاة الفتنة، الكارهين للإنسانية، والمشوهين للإسلام العظيم وقيمه الخالدة.