دعا عدد من الخبراء إلى النأي بمشاريع الـ B.O.T عن المحسوبية والواسطة، مطالبين بضرورة بحث السبل والوسائل الممكنة لإنجاح تلك المشاريع باعتبارها جزءا من المشاريع التنموية.
وأشار هؤلاء الخبراء إلى ان التعديلات التي حدثت منذ فترة على قوانين الـ B.O.T جيدة، كما ان من شأنها اعطاء جرعة تحفيزية للفرص الاستثمارية المناسبة للمستثمرين المحليين والاجانب، وستعمل على تنشيط وتفعيل الاستثمار في جميع القطاعات، لاسيما قطاع التنمية العقارية وبناء المشاريع والبنية التحتية والاستثمار البشري، ناهيك عن القطاع المالي… وفيما يلي تفاصيل التحقيق:
بداية قال رئيس مركز الدراسات القانونية والاقتصادية لدار العيادة للاستشارات والمحاماة، المحامي مشاري العيادة: ان اتباع المرونة فى صياغة شروط مشاريع الـ B.O.T يسهم في تهيئة بيئة الاعمال المحلية، لافتا إلى ان الخلفية التشريعية المتينة لها تحرك الاستثمارات الراكدة.
وأوضح العيادة تعليقا على ما ورد من التعديلات الاخيرة لقانون الـ B.O.T ان التعديلات من شأنها ان تكسر الجمود في المشاريع المطروحة للتنفيذ، وكانت تتنظر قانونا لتحريكها، كما انها أزالت التعقيدات المتعلقة بالتمويل والنظم المالية وضمان المشاريع إلى غيرها من التعقيدات التي تعوق حركة النمو ومنها تنفيذ مشاريع التنمية، لافتا إلى ان المدة الزمنية المحددة للمشاريع بـ 25 عاما تطورت مع القانون الجديد إلى 50 عاما وحسب الاتفاق ونوعية المنتج والخدمة التي يقدمها.
وبين العيادة ان الحكومة قادرة على احداث تغيير كبير في الكويت يتزامن مع ما تم من تعديل لواد الـ B.O.T، مؤكدا ان مشاريع الـ B.O.T توفر على الحكومة مبالغ طائلة، وتفتح الباب امام الشركات الكويتية للاستثمار في الكويت، بدلا من الهروب إلى دول المنطقة للاستثمار فيها بعد ان ضاقت عليهم نافذة المشاريع الاستثمارية المجدية محليا.
وألمح العيادة إلى ضرورة تطبيق مبدأ الشفافية والحيادية من قبل الحكومة حتى لا تتعرض لاتهامات بوصفها تنفيع بعض الشركات، بسبب الضغط النيابي المستمر في السابق، لافتا إلى ان تحقيق العدالة في التعامل وعدم التفرقة بين الشركات ووجود رؤية علمية واضحة اضافة إلى وضع آلية جديدة لنظام المبادرات وتعزيز الشفافية وتكافؤ الفرص هو الامر الذي يشرع باب التنافس الشريف جيدا بين الشركات ويسهم في تنفيذ كثير من مشاريع التنمية الحضارية المؤجلة.
وشدد العيادة على ان الكويت تحتاج إلى جهة مجددة لتولي مسؤولية هذه المشاريع بدلا من تعدد الجهات التي تتعامل معها الشركات المطورة، مبينا ان «الروتين الحكومي والدورة المستندية بالكويت تمثل عائقا كبيرا امام المطورين، وبالتالي فإن انشاء هيئة او جهة مسؤولة عن هذا القطاع سيخفف من تلك الدورة ويسهم في تسريع تنفيذ المشاريع الكبرى»، وبجانب الـ B.O.T تسير خطط التنمية في موكبها وانجازاتها مع ضرورة تهيئة المناخ لرأس المال الاجنبي.
من جانبه، قال نائب رئيس مجلس ادارة مجموعة عربي القابضة حامد البسام ان مدة الـ25 عاما السابقة التي اقرت كفترة للانتفاع من المشاريع وفقا لقانون الـ B.O.T تعد غير مناسبة لشركات القطاع الخاص المنتفعة، لاسيما ان فترة التجهيز للمشاريع والتحضير لافتتاحه تستغرق سنوات عدة، ما سيقلص بالتالي من مدة الانتفاع، مشيرا إلى ان مدة الـ50 عاما جاءت وفقا للتعديلات الجديدة على قانون الـ B.O.T التي تعد إلى حد ما مناسبة، الا انها قد تفتح مجالات للتلاعبات اذا لم يتم تقنين المشاريع ومتابعتها، واقترح البسام مدة 50 عاما كفترة مناسبة للانتفاع من المشاريع.
في السياق ذاته، قال ان للقطاع الخاص الحق في ادارة مشاريع الـ B.O.T من القطاع الحكومي الذي يخلو تماما من مبدأ العقاب والثواب ويكتظ بالمحسوبيات والواسطة التي من شأنها الاضرار بمصالح المشاريع التنموية الكبرى، لافتا إلى ان استغلال المال العام امر لا يمكن تقبله بأي شكل من الاشكال.
وحث المسؤولين في الدولة على الاستفادة من تجارب الدول المجاورة المتطورة التي استطاعت في مدة قياسية استقطاب الشركات الاجنبية، ودفعها إلى المشاركة في مشاريع التنمية بالتعاون مع الشركات المحلية الجادة.
وأضاف: يجب على الدولة تطبيق مبدأ المساواة والعدالة بين الشركات وقبل ان تشرع في منح اي مشروع تنموي لشركة من الشركات ان تشكل لجنة مكونة من اصحاب الخبرة والدراية، وان تتم محاسبة المتجاوزين عقب انتهاء المشروع وليس اثناءه حتى لا تتم عرقلة سير الخطة الموضوعة.
واشار البسام إلى انه لن يتم تفعيل اي قانون ولن يتم تمرير اي تعديلات الا في وجود القرار الذي يعد كلمة السر لأي مشروع تتطلع الدولة إلى تنفيذه.
ومن جهته اكد رئيس شركة قياس للتقييم العقاري عبدالعزيز الشداد ان قانون تنظيم عمليات البناء والتشغيل والتحويل الـ B.O.T اصبح رهن الحكومة لتبدأ خطواتها العملية للتنفيذ، مشيرا إلى انه يجب ان تتخذ وزارة المالية الخطوات الاجرائية اللازمة لدخول القانون مرحلة التنفيذ، وهناك اعتمادات للمشاريع تندرج تحت اداء وزارة الاشغال والبلدية وغيرها من الوزارات المعنية التي يجب ان تكرس جهودها لجعل الكويت مركزا ماليا تجاريا، لافتا إلى ان هناك فرصة لنحو ستة اشهر كحد اقصى لتشكيل الجهاز الفني واعداد اللائحة التنفيذية للقانون.
وقال الشداد انه يجب على الحكومة في هذه المرحلة، بعد اقرار القانون، ان يكون لديها خارطة طريقة واضحة للقطاع الخاص يمكن ان يسترشد بها في المرحلة المقبلة ليتمكن من اداء دوره وتهيئة نفسه نحو ما يتمكن من انجازه على صعيد المشاريع.
وأضاف أن الحكومة كذلك مطالبة بتحديد مشروعات الـ B.O.T الحالية وتاريخ انتهاء فترة تشغيلها ومن ثم الآلية التي ستطرح بها من جديد للادارة من قبل القطاع الخاص، كما حدد القانون، لاسيما ما هو مدرج من مشاريع واراض لهذا الشأن وان تنشر ويعلن عنها للجميع وعلى كل شركة اختيار ما يتناسب معها من دون تحفظ او تكتم عليها من اجل تنفيع فئة دون غيرها.
من جهته اكد الخبير العقاري المعتمد في وزارة التجارة والصناعة فهد الهارون ان المشكلة الرئيسية في الكويت تكمن في عدم استقرار القوانين بجميع قطاعاتها على حال واحدة، ففي كل فترة نجد ان هناك تغييرا في القوانين الخاصة بالمشاريع سواء الـ B.O.T او اي مشاريع اقتصادية اخرى لذلك تجد ان الثقة منعدمة بالعمل في الاقتصاد الكويتي، وبالتالي لا بد ان تتأثر عمليات انجاز المشاريع التنموية ويتأخر اطلاقها لأن هناك العديد من المستثمرين، سواء من المواطنين او الاجانب، لا يحبون العمل او الاستثمار في سوق الكويت لأن القوانين في البلد غير ثابتة ولا تفيد اي مستثمر على المدى الطويل.
واشار الهارون إلى انه يجب على الحكومة ومجلس الامة ان يعملوا على توحيد القوانين الاقتصادية وعدم العمل على تغييرها باستمرار، لأن هذا الامر يؤدي لا محالة إلى هجر السوق الكويتي والعمل في الاسواق الخليجية التي تدعم الاستثمارات التنموية وتحفز مستثمري دول الخليج والاجانب، ومن يستطيع ان يقدم رؤية استثمارية وتطوير للأراضي الصحراوية هناك فسيحصل على دعم استثماري كبير من قبل الدولة وتقدم لهم جميع التسهيلات اللوجستية والبنكية والانتهاء بأسرع وقت من المعاملات.
وبين الهارون ان هناك خوفا لدى المستثمرين في مشاريع الـ B.O.T من تقلب مزاج مسؤولي الدولة، ومن المحتمل ان تخرج اي تعديلات على اي قوانين في اسرع وقت وبلا مقدمات لذلك تعرض العديد من التجار في الكويت لخسائر فادحة تجاوزت آلاف الدنانير بسبب ايقاف الاستثمار في رخص المقاهي والمطاعم في المنطقة الحرة، بعدما قام هؤلاء بالاستثمار في هذه المقاهي بعد سنوات من ترخيصها.
من ناحيته، قال رئيس اتحاد العقاريين الخبير العقاري توفيق الجراح ان التعديلات الجديدة لقانون الـ B.O.T جيدة وفعالة وستنصب قريبا في صالح السوق، حيث انها جمعت ما بين حماية المال العام والخاص ما سيحقق المنفعة للجميع، مشيرا إلى ان التعديلات منحت حوافز للمبادرات وعالجت موضوع البنية التحتية كما انهت ستعالج موضوع الاخفاقات التي كانت قابعة في السوق خلال الفترة المنصرمة، اضافة إلى الميزة التي اضافتها عن طريق الغاء كفالة الاراضي، ودعا الجراح إلى الاسراع في اصدار اللائحة التنفيذية للقانون الجديد لافتا إلى ان القانون بحاجة إلى رؤية حكومية واضحة وقرار حاسم وجهاز تنفيذي قوي.
قال العضو المنتدب لشركة أفنان الدولية القابضة مبارك جاسم الجاسم إن قانون الـ B.O.T في الدول المتقدمة يخدم المستثمرين ويمنح الوقت الكافي لتعويض الكلفة وهامش الربح للمشاريع، اما قانون الـ B.O.T السابق في الكويت فكان مجحفا لنسب الاستفادة لقصر المدة الزمنية وبعض بنود المشروع، والتمويل والرسوم إلى غيرها، فكانت غير متوازنة مع وضع السوق المحلي والكلفة وعائد الاستثمار، معربا عن امله ان يكون القانون الجديد قد استخلص من القوانين العالمية ليساهم في تنمية البيئة الاقتصادية المحلية.
وأضاف الجاسم ان تطوير قانون الـ B.O.T خطوة ايجابية الا انه ينبغي استكمال منظومة الاصلاح الاقتصادي لتفعيل القانون، وهناك دور كبير يقع على الحكومة يتضمن فتح الافاق لعرض أجندة متنوعة من المشاريع وطرحها على القطاع الخاص بما يعيد الثقة للسوق ويحقق الرغبة في تحويل الكويت مركزا ماليا وتجاريا اقليميا.
لافتا إلى ضرورة تعديل المزيد من التشريعات المماثلة لتكتمل سلسلة التشريعات الاقتصادية الهادفة والرامية إلى تحسين بيئة الاعمال بما يحقق الطفرة الاقتصادية والتنموية للبلاد، مؤكدا ان هناك مقومات كبيرة يمكن للسوق ان يستفيد منها وعلى رأسها المشاريع الخدمية والصناعية المنتجة والقطاع الترفيهي والسياحي وجميعها مقومات ايجابية للسوق تحمل في طياتها الكثير من الفرص لكن الحكومة عليها ان تقر طرح حقيبة من المشاريع بقصد افادة القطاع الخاص وليس الضغط عليه كما هو حاصل.