عرف تاريخ العالم كثيرا من التنظيمات الإرهابية التي خرجت على دولها ومجتمعاتها، وشكلت تهديدا خطيرا لأمنها واستقرارها، وأجهضت – على الأقل، لبعض الفترات – أحلامها في التنمية والازدهار الاقتصادي والعلمي والثقافي، ولعلنا نتذكر إلى وقت قريب ما الذي فعله «الجيش الأحمر» باليابان»، و«الألوية الحمراء» بإيطاليا، و«بادر ماينهوف» بألمانيا، وغير ذلك من الجماعات الإرهابية المسلحة في كثير من دول العالم.
لكن السؤال هو: هل استطاعت هذه التنظيمات أن تكسر إرادة دولها وشعوبها، أو أن تخضعها لمطالبها المتعسفة، أو تكرس لثقافة العنف والتوحش والظلامية التي تنتهجها؟
لم يحدث ذلك مطلقا في أي دولة من دول العالم، وعلى امتداد التاريخ الإنساني كله… ببساطة لأنه لا يمكن لأي تنظيم أن يحارب دولة، أو ينتصر عليها، فهذا ضد منطق التاريخ وحركته. ولذلك فإننا مطمئنون تماما إلى أن الإرهاب الذي تعرضته دول الكويت ومصر وتونس، خلال الأيام القليلة الماضية، سيلقى المصير ذاته، وسيواجه الفشل نفسه، ولن يكتب له النجاح على أي صعيد، لأنه ضد فطرة الإنسان الراغبة في الشعور بالأمن والأمان والاستقرار، وضد حتى قيم ومبادئ الإسلام وشريعته السمحة، التي يدعي الإرهابيون أنهم يتحدثون باسمها، وهي منهم براء، فالإسلام هو أعظم شريعة صانت الدماء والحرمات والأعراض، وعلَّمت أتباعها الرحمة حتى بالحيوان الأعجم، وأن «في كل كبد رطبة أجرا»، وأن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، فيما دخل رجل الجنة لأنه سقى كلبا يعاني العطش.
قد يستمر الإرهاب أسابيع أو شهورا أو حتى سنوات، لكن مآله المحتوم هو الزوال، وهو ما لا يدركه أولئك المتورطون فيه، والذين يتعرضون لغسل أدمغتهم، وتشويه عقولهم ونفسياتهم، حتى يتصوروا أن البشر جميعا أعداء لهم، وأنهم في حرب مفتوحة مع الدنيا كلها، ومن ثم فإنهم يرتكبون جرائمهم بدم بارد، ولا تهتز لهم شعرة وهم يجزون الرقاب، أو يفجرون أنفسهم في المساجد والأسواق وسائر التجمعات البشرية، لأن مشاعرهم مقتولة، وعواطفهم خربة، ولم يعد يرويهم إلا الدم المراق.
سيُهزَم الإرهاب لا محالة، ولن يدوم أبدا، خصوصا في دولة كالكويت، امتاز شعبها طوال تاريخه بالوداعة والسلام والمودة، وكراهية العنف وكل ما يؤدي إليه، أو يقرب منه، ولو شبرا واحدا، وأدرك دوما أن التعايش والتآخي وقبول الآخر هي أهم المرتكزات لتأسيس مجتمع سليم وخال من الأحقاد والضغائن، وأن بين أعضائه من القواسم المشتركة ما يمكنهم من التوافق والتواؤم، مهما كانت هناك بعض الاختلافات بينهم في بعض فروع الدين أو الدنيا، فهذا ما جاءهم به ودعاهم إليه الإسلام نفسه، بل ما جعله مبررا لخلقهم «شعوبا وقبائل.. لتعارفوا»، وهو الدرس الذي وعيناه جيدا، ولم يعه، ولن يعيه الإرهابيون ومن سار على دربهم المؤدي دائما إلى المهالك.