مع احتفال أشقائنا في سلطنة عمان، هذه الأيام، بيوم النهضة المباركة، والذي يوافق مناسبة تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم، فإن الذاكرة تعود بي إلى المرة الأولى التي زرت فيها السلطنة، ثم ما تلاها من زيارات متعددة على فترات مختلفة، رأيت فيها كيف حققت هذه الدولة الفتية نهضة يحق لها أن تفاخر بها حقا، وأن تسمي هذا اليوم المجيد بـ «يوم النهضة».
ولعل أكثر ما يميز نهوض السلطنة أنه شمل جميع المجالات، الصناعية والتعدينية والتعليمية والصحية والعمرانية، فقد أقيمت خلال حكم السلطان قابوس مئات المدارس، وعدد من الجامعات، وتم ابتعاث الآلاف من الطلاب العمانيين للدراسة في أرقى جامعات العالم، والعودة إلى وطنهم للمشاركة في بناء نهضته وارتقائه، كما أنشئ كثير من المستشفيات الراقية التي تضاهي نظيرتها في أكثر دول العالم تقدما، فضلا عن عشرات المصانع الكبيرة والصغيرة التي أسهمت بنصيب وافر في الإنتاج والدخل الوطني. ومن المهم أن نشير أيضا إلى أن عُمان تتفرد في منطقتنا بنهضة زراعية تلفت الأنظار، وما يميزها كذلك أن الإنسان العماني يعمل بنفسه في هذا المجال، ولا يستنكف عن أن يكون مزارعا يصلح أرضه ويتعهدها بالرعاية حتى تنتج وتثمر، فهو إنسان جاد يكره الترف الزائد، ويحب أن يأكل من عمل يده ولا يعتمد على غيره.
تزامن مع ذلك كله أن جلالة السلطان قابوس قاد السياسة الخارجية للسلطنة باقتدار كبير، وحافظ على علاقات قوية مع جميع بلدان العالم، واستطاع أن يحقق ذلك التوازن الذي يبحث عنه كثيرون في السياسة الخارجية، إلى حد أن سلطنة عمان أصبحت تقود كثيرا من المصالحات وتقريب الرؤى ووجهات النظر بين العديد من الأطراف في المنطقة، وتمكنت بحكمة قيادتها من أن تتوصل – في حالات كثيرة – إلى معالجات لأزمات سياسية مستعصية.
لقد وضع جلالة السلطان قابوس نصب عينيه دائما أن الإنسان العماني هو أغلى وأثمن ما تملكه السلطنة، وأنه من دون رعايته والاهتمام به، تصبح أي تنمية عديمة القيمة وفاقدة الجدوى، ولذلك فقد ركز جلالته أعظم تركيز على تنمية هذا الإنسان، وتعليمه أفضل تعليم، وتزويده بكل المعارف والتقنيات والعلوم الحديثة، حتى صار المواطن العماني مضرب الأمثال في علمه وثقافته وجديته، وأيضا في انتمائه لوطنه وولائه لقيادته… ولذلك فإنه في وسط الزوابع والأعاصير السياسية التي اجتاحت كثيرا من دول المنطقة، خلال السنوات الماضية، ظلت سلطنة عمان محافظة على أمنها واستقرارها، ومواصلة نهضتها المباركة.
كل عام والسلطنة الشقيقة – قيادة وشعبا – بألف خير.