لم تكن الذكرى الـ 25 للغزو العراقي للكويت التي صادفت أمس الأول الأحد عادية، فقد اجتمع لها من الأسباب ما جعلها حدثا مهما يستحق الوقوف عنده، والتأمل طويلا في عِبره ودروسه.
ففضلا على أننا إزاء مرور ربع قرن من الزمان على جريمة الغزو، فإن مناسبتها تأتي هذا العام في أعقاب مرور شهر واحد على جريمة كبرى ارتجت لها الكويت كلها، وتمثلت في تفجير مسجد الامام الصادق أوائل شهر رمضان الماضي، والذي أدى إلى سقوط 26 شهيدا، وإصابة نحو 227 مواطنا في أثناء أدائهم صلاة الجمعة. وعلى الرغم من أنه كان مستهدفا بهذا الحادث الإجرامي شق الصف الوطني، فقد ازداد هذا الصف تلاحما وتماسكا، خصوصا بعد أن فوجئ الجميع بصاحب السمو الأمير يسبق كل المسؤولين في الذهاب إلى مسجد الصادق، وإصراره على دخوله، غير عابئ بالمخاطر التي حذر قادة الأمن من احتمالات وقوعها، وتأثره بما رآه، إلى حد أن دمعت عيناه، ورد على رجال الأمن بكلمة «هذولا عيالي»، والتي صارت «أيقونة» للوحدة الوطنية، ورفض أي محاولات للفتنة وإثارة الأحقاد والضغائن بين أبناء المجتمع الواحد.
تأتي هذه الذكرى أيضا في ظل نجاحات كبيرة حققتها وزارة الداخلية تباعا، بدءا من كشف خيوط جريمة تفجير مسجد الإمام الصادق، وليس انتهاء بضبط خلية لتنظيم «داعش» الإرهابي، وتقديم أفرادها للمحاكمة أمام القضاء الكويتي. كما تأتي في ظل أجواء إقليمية مشحونة تستدعي منا ضرورة الحفاظ على المكتسبات الكبيرة التي تحققت خلال الفترة الأخيرة، ومن ثم استعادة ما نسميه «روح التحرير» التي استنهضت همم الكويتيين عقب الغزو، وقادتهم إلى حشد العالم كله خلفهم، حتى تحرر الوطن الغالي من براثن المحتل الغاصب.
ومهما يكن من تزاحم الأفكار والأحداث في هذه الذكرى، فإن ذلك لا ينسينا أبدا مواقف الدول الشقيقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وجمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والدول الصديقة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية بقيادة الرئيس الأسبق جورج بوش، والتي قادت التحالف الدولي، والمملكة المتحدة بقيادة رئيسة وزرائها آنذاك مارجريت تاتشر، التي لم تكتف بإدانة الغزو الغاشم، وإنما مدت يدها إلينا بالدعم والمساندة، حتى تشكل أكبر ائتلاف عسكري في التاريخ الحديث، ساهم في دحر العدوان وطرد الاحتلال، وعودة الكويت إلى أهلها الصابرين الصامدين، المعتصمين دوما بوحدتهم وتكاتفهم وإخائهم الذي تجسد عمليا في كل مواقف الشدة، ومواطن التحدي.