مع بزوغ فجر الثاني من اغسطس من كل عام تتجدد الذكرى الحزينة للغزو العراقي الغاشم على الكويت بما تحمله معها من ألم يعتصر القلوب، وكيف كان دور التحالف العربي والعالمي في تحرير الكويت.
«الخليج» استطلعت آراء المختصين حول دور التحالف والدروس المستفادة من الغزو العراقي على الكويت وأوقات التحرير العصيبة وكيف كانت اللحمة الوطنية في ذلك الوقت. وفيما يلي التفاصيل.
بداية قال الخبير العسكري الكويتي صابر السويدان: دور التحالف في تحرير الكويت دور كبير، سواء كان من قبل القوات العربية التي شاركت في التحرير كقوات جمهورية مصر العربية، وسورية ودول الخليج، إضافة إلى الدول العالمية مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، فهذه المشاركات كانت ناجحة جدا، وساهمت في تحرير الكويت لأن هذه القوات استطاعت أن تشكل تحالفا قويا جدا قادرا على إيقاف القوات العراقية، واستطاعت قوات التحالف خلال ساعات قليلة بعد المعركة الجوية التي استمرت لمدة شهر أن تحرر الكويت.
وأضاف: التحالف بحد ذاته كان تحالفا ناجحا ومميزا وبه أسلحة نوعية، وتدريبات عالية الكفاءة أدت في النهاية إلى تحرير الكويت بأقل قدر من الخسائر، وبأسرع وقت ممكن.
ولفت إلى أن التلاحم الوطني من كل أطياف المجتمع الكويتي كان له دور كبير في تحرير الكويت، وهذا التلاحم رأيناه في تلاحم كل جهود أبناء الشعب الكويتي، وكل أطياف المجتمع، وسعوا إلى تقديم كل الخدمات للمواطنين المتواجدين في الكويت، أو القيام بخدمات للتحالف، عن طريق نقل العديد من المعلومات بغض النظر عن مكونات المجتمع.
وأشار إلى أن الكثير من الشباب الكويتي لا يعرف الكثير عن الغزو الغاشم على الكويت، كونهم ولدوا بعد الغزو، لذلك على الدولة أن تعرف الشباب بالغزو العراقي وكيف كان التحرير، وما أقوله للمجتمع وللشباب هو «عليكم عدم نسيان شيء مهم في تاريخ الكويت».
وتابع: نتمنى ألا يتكرر الغزو على الكويت، ونتمنى أن يتعرف الناس على الدروس المستفادة من تلك الأيام ومحاولة تذكر ما قدمه شهداء الكويت من أجل تحرير الكويت وما قدمته حكومة الكويت في تلك الأيام، وما قدمه صاحب السمو أمير البلاد والجيش الكويتي وكل الجهات الأمنية الأخرى، سواء كانت شرطة أو حرسا وطنيا وغيرهما، فيجب ألا ينسى الدور الكبير التي قامت به وحدات مختلفة من قواتنا المسلحة، إضافة إلى الدور الكبير التي قامت به القوات المدنية، والمتطوعين، إضافة إلى الموجودين في الكويت في ذلك الوقت، فالكل أقام منظومة متكاملة استطاعت أن تعطي العالم درسا كبيرا في التلاحم بين المجتمع، وكيفية نقل المعلومات، وكيفية مساعدة الحكومة فكل هذه الأمور يجب ألا تنسى ويجب أن تدرس، وعلى الجميع معرفة ذلك التاريخ وعدم نسيانه لأنه سوف يظل في تاريخ الأمة حدثا تاريخيا كبيرا يجب ألا ينسى.
من ناحيته قال الخبير الاستراتيجي الدكتور فهد الشليمي: في ذكرى الغزو العراقي الغاشم على الكويت الخامسة والعشرين نترحم على شهدائنا الأبرار الذين سقطوا من أجل تحرير الكويت، وفي الحقيقة الغزو العراقي ذكرى مريرة يذكرها الكويتيون في حالة من العجز العربي.
وأضاف: ذكرى الغزو يجب أن تكون هناك دروس مستفادة منها، أهمها أنه مهما كانت قوة الظالم فإن الله سبحانه وتعالى أقوى منه، وفي ذكرى الغزو الكويتي نتذكر شجاعة المقاومة الكويتية، وصبر الكويتيين، ونتذكر الوقفة الصريحة والجادة من دول مجلس التعاون الخليجي، وبشكل خاص المملكة العربية السعودية.
وتابع: لا ننسى دور الدول العربية كذلك في مقدمتها جمهورية مصر العربية، وسورية الذين شاركوا في حرب تحرير الكويت، ونشكر الحلفاء والأصدقاء الذين وقفوا معنا في تطبيق قرار مجلس الأمن المتعلق بتحرير الكويت.
وقال: في تلك الذكرى نجد أن الكويت تعافت سريعا من الناحية الإنشائية أو الشكلية لكن الغزو العراقي الكويتي ترك شرخا كبيرا في صفوف الأمة العربية، ويحتاج إلى وقت طويل لكي يلتئم وهذه الذكرى لها مشاعر حزينة عند الكويتيين، وأنا كنت شاهد عيان على هذا الغزو، فقد اشتبكت بمنطقة المعسكرات في الجيش الكويتي مع القوات الغازية.
وأضاف: الاشتباك في المدن ليس مجديا لذلك اتمنى أن نتعلم من دروس الغزو أولا أن تكون هناك قدرات استطلاع ووسائل إنذار مبكرة لدى الجيش الكويتي، ووجود قوة عسكرية تحفظ وتردع المعتدين ولا يتكرر ما حدث، ووجود تحالف عسكري خليجي والقوة العسكرية المشتركة قد تكون نواة هذا الهدف.
وقال: يجب أن نؤمن تماما أن حكم الديكتاتوريات لا يأتي إلا بالويل والخراب والسبور على الدول، لذلك كان قرار الغزو ليس قرارا عراقيا إنما كان قرارا صداميا، وأعتقد أن أهل الكويت كانوا في تلك الفترة رمزا للتآلف والتوحد، والوحدة الوطنية كانت في أوج توهجها.
وتمنى الشليمي على الكويتيين أن يستفيدوا من عبر الغزو العراقي على الكويت، وأن يعلموا تماما أن خسارة الأوطان من أكبر الخسائر، ولولا لطف الله سبحانه وتعالى لكنا الآن لا نعلم هل نحن في الكويت أم لا.
وأكد أن الجامعة العربية أثبتت فشلها، في ذكرى الغزو العراقي نؤكد أن الجامعة تحتاج إلى تطوير مؤسساتها السياسية، ووجود أنياب لها عبر وجود قوة عسكرية، أو عبر تغيير بعض مواثيق الجامعة العربية بحيث يعتمد على الأغلبية ولا يعتمد على الإجماع، لكي نقول للمعتدي قف.
وأشار إلى أن الغزو العراقي على الكويت أثبت هشاشة النظام العربي فلم يستطع أن يعالج هذه المشكلة وتطورت المشكلة إلى مجلس الأمن، لافتا إلى أن ضريبة الغزو العراقي على الكويت كانت كبيرة على العراق، فقد تم تدمير العراق، وقتل عشرات الآلاف من أبناء العراق في سبيل طموحات ديكتاتور انتهى به الأمر أن يكون مختبئا في حفرة، وألقي القبض عليه من قبل القوات الأميركية، وأتمنى من الكويتيين في هذه الذكرى أن يكونوا بنيانا متراصا وواحدا، وأن نعتمد على قدراتنا الخليجية والعربية، وأن يتم توفير العمق الاستراتيجي مع جمهورية مصر العربية وأن تكون القدرات الذاتية والعربية هي المحك الرئيسي، بدلا من مناورات ومصالح دول مجلس الأمن التي نشاهدها الأن تعبث في العديد من الدول ولا يوجد لعبثها حل وهذا دليل على أننا نحن العرب يجب أن نحل خلافاتنا بأنفسنا وأن نصنع قراراتنا بأنفسنا وإن كانت عبر القوة العسكرية.
من ناحيته أكد مستشار جمعة الصحافيين الكويتية الدكتور عايد المناع ان الغزو العراقي للكويت ذكرى أليمة تعتصر قلب كل عربي وليس كل كويتي فقط كما يظن البعض فما حدث هو عار في حق العروبة ولا يمكن ان نغفر او نسامح تعتدي دولة عربية على شقيقتها وتسلبها ارضها وتقتل ابناءها وتشرد الاطفال وتثكل النساء، لافتا إلى ان الكويت طالما وقفت إلى جانب العراق في اصعب ايام المحن وساندتها ولم تنتظر رد الجميل ليكون مصيرها ما حدث، واضاف: كثيرا ما تواجه الدول بعض الصراعات او الخلافات الا ان احدا لم يتوقع ان يتطور الامر ليصل إلى غزو ترك اثرا في نفوس الكويتيين لن تمحوه الايام والسنون، فضلا عما صنعه من شرخ في جدار العروبة ادى لتدخل القوى الغربية في شؤون العالم العربي باعتبارها وصيا عليهم لحمايتهم من بطش بعضهم ضد بعض.
وبين المناع الدور القوي الذي قام به ابناء الكويت الاوفياء حيث قام موظفو الكويت آن ذلك بتنظيم عصيان مدني عام شمل كل قطاعات الدولة، فضلا عن توزيع الاموال من القادرين على المحتاجين خلال تلك المرحلة العصيبة والالتفاف حول بعضهم البعض تجسيدا لأسمى آيات الانتماء واللحمة الوطنية لمقاومة العدوان الغاشم، والاستماتة في الدفاع عن ارضهم ووطنهم وتراث الاجيال متسلحين بكل سبل المقاومة للمحافظ على عزة وكرامة الكويت.