• يناير 19, 2025 - 12:07 مساءً

القوة الخليجية الغائبة

خالد أحمد الطراح

حقق مجلس التعاون الخليجي في بداياته انطلاقة حماسية نحو تحقيق تكامل سياسي واقتصادي، إلا أن خطواته باتت مثقلة بسياسات متباينة وتحفظات لدى بعض الدول الأعضاء، مما أدى إلى تجميد بعض المشاريع والأهداف الطموحة تارة، وتأجيل البعض الآخر لمزيد من «الدراسة والمراجعة» تارة أخرى. خلال عشرات السنين الماضية، تباطأت خطوات الخليجي وخف بريق العمل السياسي لأسباب معروفة، لعل أبرزها تباين المواقف السياسية بشكل خاص، وشروخ العلاقات بين بعض الدول، ولكن دبت الحركة في عروق الخليجي بفضل وساطات خليجية كان للكويت دور بارز فيها. عاصفة الحزم، التي أطلقتها السعودية بمشاركة خليجية محدودة ومتفاوتة، سبقها موقف سعودي منفرد حازم وشديد تجاه مجلس الأمن الدولي إزاء ما يجري في سورية والمنطقة بشكل عام.
الرياض لم تتوقف عند هذا الحد، بل غيّرت في خطابها تجاه إيران وأميركا أيضا، حتى قبل وأثناء مفاوضات النووي مع إيران، بينما نجد أن موقف «الخليجي» يصدر متأخرا حينا وتغلب عليه، في معظم الأحيان، نبرة المبالغة في الحيادية! الخليجي يفترض بعد هذه المسيرة الطويلة أن يعمل ضمن آلية استباقية كأي تحالف سياسي آخر، ولكن يبدو أن المجلس مازال مقيدا بمواقف بعض الدول الأعضاء، وهنا تتأثر الأمانة العامة للخليجي بالتباين السياسي بين الأعضاء، رغم مما شهده الخليجي من تطور في آلياته، منها تشكيل مجلس استشاري من نخبة من ذوي الخبرة في العمل الديبلوماسي والسياسي ككل، إلا أن «الاستشاري» لم يكن بمنأى عما تتعرض إليه الأمانة العامة للخليجي! اليوم.. «السعودية قوة صاعدة»، كما كتب وتحدث عنها في المراكز البحثية والصحف الأميركية الأكاديمي السعودي نواف عبيد، المحاضر الزائر في جامعة هارفارد. الخطاب الديبلوماسي السعودي، الذي يتسم بالدينامكية والبرغماتية، يفترض أن يدفع إلى تغيير منهجي في عمل الخليجي بشكل يحافظ ويدافع عن مصالح دول الخليج ككل، أو مراجعة دقيقة وإعادة النظر في سياسات وأهداف التحالف الخليجي، فالمخاطر والتحديات الأمنية الإقليمية في سباق محموم مع الزمن، تستدعي قيام قوة خليجية على الساحة الدولية على غرار تحالفات سياسية أخرى بناء على تعاون وتنسيق خليجيين متناغمين واستباقيين.. بعيدا عن المجاملات والمصالح الأحادية!

Read Previous

الفجوة .. وما أدراك ما الفجوة؟!

Read Next

محاولة لفهم منطق «داعش»

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x