• نوفمبر 22, 2024 - 6:34 صباحًا

إعجاب إقليمي ودولي بسياسة سلطنة عمان المتزنة ونجاحها الديبلوماسي في حل العديد من المعضلات

ليس هناك أعداء دائمون في عالم السياسة، في المقابل ليس بالضرورة أن هناك أصدقاء دائمين، فالتعامل مع السياسة له أدواته وآلياته وفلسفته ومن خلالها يتم التعاطي معها وفقا لطريقة دحرجة البيضة والحجرة، اتباعا لمبدأ لا ضرر ولا ضرار.
يرى العديد من المحللين السياسيين المراقبين لأوضاع المنطقة، إن سلطنة عمان تكاد الدولة العربية الوحيدة التي تجيد التعاطي مع عالم السياسة الخارجية بالأدوات آنفة الذكر، فأجادت طيلة السنوات الماضية من تطبيقها.
وأوضح المحللون السياسيون أن سياسة سلطنة عمان الخارجية كانت ومازالت سياسة واقعية ونموذجية، تتميز بالثبات وعدم التسرع، فالهدوء هو السمة الطاغية على قراراتها في الكثير من القضايا التي تطلبت اتخاذ قرارات جماعية عاجلة بشأنها.
وهو الأمر الذي جعل السلطنة الدولة العربية الوحيدة التي لاتزال صامدة في وجه التيارات التي انتشرت بالعالم العربي والمنطقة، ورفضت الخروج عن الخطوط الرئيسية لسياساتها الخارجية، التي رسمها لها جلالة السلطان قابوس بن سعيد منذ بدايات السبعينيات، والتي تقوم على تطبيق قواعد ومبادئ القانون الدولي وقواعد الديبلوماسية بحذافيرهما.
وتتمتع عمان بوضع سياسي واقتصادي مستقر في العموم، مع ذلك شهدت السلطنة في 2011، احتجاجات محدودة في ولاية صحار ذات طابع إصلاحات اجتماعية وتوفير المزيد من الفرص الوظيفية والمزيد من حرية التعبير وتقليل الرقابة الحكومية على الإعلام، ولم تطالب بإسقاط نظام الحكم، رد السلطان قابوس بن سعيد بإقالة ثلث أعضاء حكومته من مناصبهم.
ويعتقد البعض أن المواقف العمانية عبر التاريخ، بداية برفضها قطع علاقاتها مع مصر عند إعلان الأخيرة معاهدة «كامب ديفيد»، والتي عارضتها معظم الدول العربية وقتها، يشكل سياسة معتدلة تتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي.
ومن يعلم بشخصية جلالة السلطان وفكره وحصيلته المعرفية ويتابع خطاباته ومقولاته لا يرجو تصويتا أو مناورة لكسب رضا ناخب، يجد التناغم التام ما بين تلك الأطروحات والقناعات ونهج السياسة الخارجية العمانية وفق الممكنات المتاحة.
ويرى آخرون أن الموقع الجغرافي لعمان وخصائصها الطوبوغرافيا وإمكاناتها من الموارد الطبيعية، تؤثر جميعا في عملية اختيار التوجهات السياسية أو استراتيجيات السياسة الخارجية لها.
فريدريك توماس، رئيس قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة (أوكوناو) الياباني، كتب مقال في صحيفة نيويورك تايمز عن أسباب التماسك المجتمعي في عمان، ولخص ذلك في عدم وجود التحريض الطائفي.
وقال في مقاله إن خُطب الفقهاء المعدة من الحكومة يوم الجمعة، تحث الناس على الإخلاص في العمل والأمانة وتربية الأبناء على الأخلاق النبيلة، وهو في رأيه أن هذا أحد أسباب تماسك المذاهب مع بعضها، مشيرا إلا أن ذلك مختف تماما من الدول السنية التي زارها..
ولم تؤيد السلطنة الحرب الأخيرة التي شنتها قوات التحالف الغربي على العراق، ولا التحالف العربي على اليمن، وكانت ومازالت من الداعين للحكمة والتعقل، وعدم حسم الأمور ومعالجتها عسكريا من خلال استخدام القوة، باعتبار أن هناك وسائل أخرى سلمية يجب اللجوء إليها أولا، ثم جاءت الوساطة العمانية الناجحة في قضية الملف النووي الإيراني، والتي تمخضت عن توقيع اتفاقية مع الغرب، لتنهي برنامج إيران النووي العسكري.
وتعمل حاليا على تقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء السياسيين اليمنيين، والتي بدت بشائرها تلوح في الأفق حول انتهاء الحرب على اليمن، من خلال اتفاقيات داخل الغرف المغلقة تقضي بتنفيذ الحوثيين قرار الأمم المتحدة 2216 القاضي بانسحاب الحوثيين من المدن والمناطق التي احتلوها في 21 سبتمبر 2014، وذلك ما بدأ يتنفذ من انسحابهم من بعض المدن، وتشير المعلومات بأنهم سيسلمون العاصمة اليمنية للسلطة المحلية خلال أيام. وفيما يلي رصد لأهم مواقف عمان التاريخية.
عام 1977م وقّع الرئيس المصري أنور السادات الصلح مع إسرائيل في (كامب ديفيد)، فاجتمع العرب في بغداد وقرروا نقل جامعة الدول العربية إلى تونس وإعلان قطيعة عامة مع مصر وسحب سفرائهم منها؛ إلا عمان رفضت ذلك واعتبرت أن المعاهدة «حسن نية».
لكن العرب بعد سنوات قليلة من تلك الاتفاقية والقطيعة العربية، طالبوا من عمان أن تتوسط لإجراء مصالحة مع مصر لإعادة السفراء إليها.
وفي عام 1979م قرر العرب غزو أفغانستان، التي كانت تخضع لحكم الجنرال (نجيب الله) الأفغاني، بعد فتاوى الجهاد بطلب من الولايات المتحدة الأميركية، ورفضت عمان، وكانت النتيجة أن الإرهاب تفرخ في العرب وخاصة الدول التي أعلنت الجهاد هناك، وأصبحت أكثر عقدة.
استضافت مسقط المفاوضات التمهيدية لإنهاء الحرب العراقية الإيرانية في عام 1988م، ليسجل التاريخ أن عمان قامت بدور محوري هام لتهدئة الجانبين خلال تلك الحرب، وقد ساعدها على ذلك علاقاتها الجيدة والمتوازنة بطرفي النزاع.
وفي عام 2014 استضافت سلطنة عمان المفاوضات النووية بين إيران ودول (5+1) (أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين)، للدلالة الرمزية والمحورية التي لعبته عمان في دور الوسيط بين إيران والدول الكبرى الست.
فبلدٌ كعمان، يحظى بقبول عربي وعالمي، لم يستغل ذلك وتنشئ قنوات فضائية أو برامج ترويجية لتفرض سياستها على جيرانها أو على شعوب المنطقة، لكنا تعمل بصمت، وهو ما يثير علامات الدهشة والاستفهام.

Read Previous

سمو الشيخ محمد بن زايد: الإمارات لن تتوانى عن نصرة القضايا العربية

Read Next

خادم الحرمين الشريفين يولم لمحمد بن راشد و«أبناء زايد» في المغرب 

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x