فيما أكد أكاديميون وقانونيون أن وزارة الداخلية تبذل جهودا طيبة لتوعية رواد الطريق مروريا، اكدوا ان حجم الحوادث ونزف الارواح على الطرق يستدعيان إحداث نقلة نوعية في عملية التوعية بتضافر الجهود بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
وقالت المحامية والقانونية مي الغانم: ان الظاهرة خطيرة جدا وقد انتشرت بشكل كبير ومخيف، فعلى الرغم من ضخامة الجهود المبذولة في مجال التوعية المرورية، فإن نسبة المخالفات والحوادث والوفيات الناجمة عن حوادث السير تكاد تقول بفشلها كلها تقريبا في العالم بأسره، حيث لاتزال نسبة الوفيات في هذا المجال تثير الخوف والحزن، مؤكدة أن السلامة المرورية تتطلب تضافر عوامل ومؤثرات عديدة تشمل القوانين وتطبيقها وحال المركبات والطرقات وما إلى ذلك.
وقالت الغانم: ان الوعي المروري لا يمكن أن يتحقق الا بتطبيق النظام والقوانين بكل حزم وعدالة على الجميع، وقبل ذلك تهيئة مجتمعية للتغيير، وتجاوز المخالفات، إضافة إلى حفز الذات على الانضباط، إلى جانب تهيئة فنية للطريق من لوحات مرورية كافية توضع من خلالها الشروط والقوانين بشكل مستمر، ومن لا يطبق القانون تتم محاسبته.
وتابعت الغانم: إن الانشغال بأجهزة الاتصال المختلفة واستخدام الهاتف النقال اثناء القيادة أمر جد سلبي، وقد نتج عن هذا الاستخدام العديد من الحوادث التي لا تعد ولا تحصى، لذلك يجب أن يستخدم اثناء القيادة سماعة التلفون الخاصة للرد على الاتصالات الضرورية، وليس استخدام الرسائل وغيرها، مشيرة إلى ان مشكلة قصور الوعي المروري لدى غالبية السائقين تعد من المشاكل التي تتسبب في كثير من الخسائر المادية والبشرية، ما ضاعف من أعداد الحوادث المرورية.
من جهتها قالت الأكاديمية غنيمة الحيدر إن استعمال النقال في اثناء القيادة غير مقبول قانونا ومنطقيا، فقد اتضح ان هناك الكثير من الافراد، وخاصة فئة الشباب، يستخدمونه لإرسال رسائل الواتس أب وتويتر وغيرها من الامور التي تجعل السائق يلهو عن الطريق ما يتسبب في حوادث مرورية قد تؤدي إلى الموت، كما أن المصيبة الكبرى أنه عند وقوع الحادث يتضرر السائق لكدمات وكسور وتصل بعض الحالات إلى الموت، وهذا الامر بسبب عدم الالتزام بربط حزام الأمان، لذلك بات من الضروري التقيد بالقوانين وتطبيقها على الجميع.
وشددت الحيدر على السائقين ضرورة تجنب استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة التي تعتبر خطرا حقيقيا، بل ومباشرا لحدوث الكثير من الحوادث باستخدام الهاتف، وتكون عواقبه وخيمة، مؤكدة ان الاعلام يلعب دورا في التوعية والتقليل من نسب الحوادث المرورية في أوساط المجتمع، إضافة إلى دور وزارة التربية والتعليم بالتوعية المستمرة في المدارس والجامعات، وكذلك يلعب رجال الدين دورا مهما في التوعية المباشرة.
وأضافت الحيدر: أصبحت الحوادث المرورية هاجسا مؤلما يؤرق الجميع، فمن خلال متابعتي الصحف اليومية والاعلام المرئي بشكل مستمر فقد أكدت الإحصاءات المرورية والدراسات العلمية أن الحوادث المرورية في الكويت أصبحت معدلاتها مرتفعة، وتنعكس الآثار والأضرار والخسائر المترتبة عليها، سواء في الأرواح أو الممتلكات بصورة سلبية على الفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني بشكل عام.
وقالت الحيدر: من اجل احداث توعية حقيقية بات ضروريا ادراج قانون المرور ضمن مناهج التعليم في مختلف المراحل الدراسية ومناقشة احكامه، وأن تلقى البرامج التوعوية الخاصة بالمرور حيزا في البرامج التلفزيونية والتغطيات الصحافية بشكل مكثف؛ لأن القانون يخاطب السلوك العام، ولا يقتصر على فئة دون غيرها، لأن ذلك في الأول والاخير يتم ويلامس حياة وأمن المواطنين.
بدوره قال أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. جميل المري: ان وزارة الداخلية عليها إعداد دراسات علمية بشأن القضايا المرورية المنوعة التي تخص حزام الامان وآلية استخدام الهاتف النقال اثناء القيادة؛ لإيجاد طريقة سليمة للقضاء على الظواهر السلبية المذكورة، مؤكدا ان استخدام الهاتف بطريقة خاطئة وعدم الالتزام بحزام الامان لهما نتائج كارثية تصل إلى ازهاق الارواح، إضافة إلى مخالفات مرورية جسيمة.
وأضاف المري: انه بات من الضروري على الداخلية تشكيل لجان استشارية من مختلف التخصصات الاكاديمية عن طريق المؤسسات العلمية كعلم النفس والاجتماع والإعلام لدراسة ظواهر انتشار المخالفات المرورية بشكل مستمر، وكذلك لمعرفة السبب الرئيس الذي دفع إلى ارتكاب المخالفات التي يتسبب فيها الشباب والسائق عن طريق الاستخدام الخاطئ، لاسيما أن العديد من المخالفات تدخل بعيدا عن السلوك المروري من خلال عدم الالتزام باللوائح والقوانين المرورية، فأصبح من الضروري التركيز على الشباب في سن المراهقة، خاصة أن عددا كبيرا منهم يقلدون زملاءهم في استخدام المركبة بطريقة خاطئة، كالسرعة واستخدام الهاتف النقال بطرق ضيقة.
وتابع المري: ينبغي على الشباب المتسببين في الحوادث مراجعة انفسهم من خلال الحوادث التي تسببوا فيها والدخول إلى المستشفيات للاطلاع على الحالات المصابة التي جاءت نتيجة استخدام المركبة بطريقة خاطئة، مضيفا أنه يجب ان تكون هناك حملات ارشادية متكاملة لوضع الدراسات ومعالجة المخالفات المرورية، فالنصائح وحدها لا تكفي وحتى إن وجدت النصائح يجب ان تكون عن طريق مواجهة الشباب بصور الحوادث التي تسببوا فيها حتى يتعظوا.
وشدد المري على ضرورة اتخاذ أساليب متطورة في التكنولوجيا لنشر الوعي واللوائح المرورية، فالداخلية إذا ارادت نشر الارشادات فعليها ان تتجه إلى الاعلام الحكومي كالتلفزيون وغيره، والسؤال: من يشاهد التلفزيون الحكومي في وقتنا الحالي؟ مؤكدا ضرورة وجوب حملة توعوية للتعرف على آلية المخالفات المرورية والمبالغ المالية، حتى يتعرف المواطن والوافد على المبلغ الذي سيتم دفعه نتيجة للمخالفة المرورية، مؤكدا ان هذا الأمر سيجعل الفرد يفكر قبل أن يتجه للمخالفة أو يعملها، كما ان ذلك سيساهم في تقليل المخالفات المرورية.