بات الإرهاب هو أكبر آفة يمكن أن تواجهها أي دولة أو مجموعة دول في عصرنا الحديث، بل إنه أخطر آفة تتهدد أمن واستقرار العالم كله في الوقت الحالي، خصوصا بعد أن أصبح لبعض التنظيمات الإرهابية تمددات إقليمية ودولية، وصار بينها من الترابط والتعاون والتنسيق، ما يجعلها تشكل كيانات «أخطبوطية»، لا تستطيع دولة واحدة مواجهتها بمفردها.
ولذلك فإننا نرى الآن تفجيرا انتحاريا إرهابيا يقع في الكويت مثلا، كما حدث في تفجير مسجد الإمام الصادق، وبعده بأيام نسمع بتفجير مماثل في أحد مساجد السعودية، وفي التوقيت نفسه تقع عمليات إرهابية في مصر وتونس والعراق ودول عربية أخرى، بما يعني أن بين تلك الشبكات الإرهابية من التواصل و«التعاون على الإثم والعدوان» ما يجعل الفعل الواحد يتردد صداه في أكثر من ركن من أرض العرب.
وعلى الرغم من ذلك فإن دروس التاريخ علمتنا أن الإرهاب لا يمكن أن ينتصر على الشعوب أو يكسر إرادتها، أو يقضي على رغبتها في الحياة وإعمار الكون، امتثالا للرسالة السماوية التي وُجد الإنسان من أجلها، وهي إعمار الأرض، وملئها بالخير والعمل الصالح، وكل ما ينفع الناس… أليس هذا بالضبط هو المقصود من استخلاف الله للإنسان في أرضه، فهل تستطيع قوى الشر أن تصرفه عن مهمته، أو تحرفه عن رسالته؟!
ربما استطاعت هذه القوى الشريرة أن تعطل مسيرة الخير حينا من الزمن، أو تقلق راحة الإنسان وتزعزع أمنه واستقراره فترة ما، لكن سواء طالت هذه الفترة أو قصرت فإنها إلى زوال، ليعاود التاريخ دورانه، وتستعيد الأرض دورتها الطبيعية الآمنة المسالمة، ويستأنف البشر عمرانهم وحضارتهم وتطورهم وارتقاءهم.
نعم قد يسقط شهداء في المواجهة مع قوى الشر تلك، وقد تتصدع مبانٍ، أو تتضرر منشآت، لكن كل ذلك لا يفت في عضد الأمم والشعوب التي تصر على مواصلة كفاحها من أجل استئصال الشر من جذوره، وتوفير التربة الصالحة لاستنبات الخير والأمل وحب الحياة.