من أخطر المشكلات التي تواجه أي مجتمع مشكلة خلط السياسي بالفني أو التقني، وذلك لأن الأهواء والتوجهات السياسية تلعب دورا مؤثرا في مشكلة فنية بالأساس، ومن هنا وجب علينا دق ناقوس الخطر من محاولة بعض النواب والسياسيين الخلط بين أخطاء طبية وارد حدوثها في أي مكان في العالم، وبين محاولة حثيثة لاستغلال خطأ هنا أو تقصير هناك، من أجل تصفية حسابات سياسية أو اتخاذها منصة للهجوم على الوزير المسؤول.
والحقيقة أنه ومنذ أن تسلم الدكتور علي العبيدي وزارة الصحة، وهو يبذل جهودا كبيرة من أجل تطوير الخدمات الصحية والارتقاء بها. وفي اعتقادنا أن جميع المواطنين قد لمسوا مدى التطور والتحسن في هذه الخدمات، فضلا عن جهوده الواضحة أيضا تجاه توسيع نطاق المستشفيات القائمة، وزيادة عدد أجنحتها وأسرتها، وتزويدها باحتياجاتها من الأطقم الطبية والتمريضية، وكذلك التوجه لإقامة مستشفيات جديدة تضارع أحدث المستشفيات وأشهرها في الدول المتقدمة، إضافة إلى استقدام أمهر الاستشاريين والجراحين لإجراء عمليات جراحية معقدة في الكويت. ليس معنى ذلك بالطبع أن الخدمات الصحية لدينا بلا مشكلات، لكن علينا أن نلاحظ أمرين: أولهما أن نتعامل مع تلك المشكلات بموضوعية، دون تهويل أو تهوين. والأمر الثاني أن ندرك أنه ليست هناك في الدنيا كلها خدمات صحية أو غير صحية دون مشكلات وأوجه قصور، لكن المهم أن تجري معالجتها وتفاديها، وهذا ما يفعله دائما الدكتور العبيدي الذي لم يحاول يوما التغطية على أي خطأ أو قصور.
وربما كان المثال الأبرز لذلك هو بعض الأخطاء الطبية التي ثارت حولها ضجة كبيرة خلال الفترة الأخيرة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الأخطاء الطبية التي لا يدافع عنها أو يبررها أحد، موجودة في كل دول العالم، ونسبتها في الكويت أقل حتى من كثير من الدول المتقدمة جدا… ومع ذلك فإن الوزير العبيدي لم يتسامح إزاء أي خطأ طبي، واتخذ قرارات فورية بتشكيل لجان طبية لكل خطأ منها على حدة، تضم أعضاء من خارج المستشفى الذي وقعت فيه الحالة، وأعلن التزامه التام بما تنتهي إليه تلك اللجان من توصيات وقرارات.
لا أحد فوق المحاسبة والمساءلة، لكن على أن يتم ذلك في إطار من الموضوعية والصدق، الذي لا يظلم أحدا، ولا يغمط حق العاملين المخلصين، ويجحد جهودهم وإخلاصهم وتفانيهم من أجل خدمة وطنهم ومواطنيهم. علينا أن نتحد جميعا لابعاد الطب عن السياسة، فالطب مهنة إنسانية لا دخل لها بالسياسة.