لا جدال في أن المجتمع الكويتي يتميز بترابطه وتماسكه، وبنسيجه الواحد، وهو ما مكنه طوال مئات السنين من أن يصمد أمام المحن والفتن، وأن يبقى موحدا، مستعصيا على كل المحاولات الرامية إلى بث الفرقة والخلاف بين أبنائه.
لكن، ومع اتساع نطاق الدولة، وتشعب المصالح وتضاربها أحيانا، فلا بدّ من أن تنشأ خلافات وتظهر تباينات، وتلك طبيعة لا سبيل لإنكارها أو الادعاء بعدم وجودها… وهنا يكون القانون هو الفيصل في حسم تلك الخلافات، وإعطاء كل ذي حق حقه. ومما تعتز به الكويت دائما أنها دولة القانون، غير أن هذا المفهوم يتعرض للاهتزاز، أو ربما لا يروق للبعض، فيتعاملون كأن القانون غير موجود، ويحتكمون إلى أمور أخرى لا علاقة للقانون بها، وهنا تتعرض كل المفاهيم الأخرى التي تقوم على أساسها الدولة للاضطراب والتشويش، خصوصا مفهوم المواطنة الذي أُسست عليه الدولة الحديثة، كما تتأثر سلبا سائر القيم الأخرى المهمة، كالمساواة وتكافؤ الفرص، وينشأ الخلل المجتمعي الذي يشعر فيه الجميع بأنهم «مظلومون» و«ضحايا».
ما العلاج إذن؟
لا شيء سوى القانون وتفعيله، فهو الكفيل ليس فقط بالقضاء على الواسطات والاستثناءات، وإنما أيضا بإيجاد مجتمع صحي قوي ومتماسك وعصي على الاختراق، لا يسمح بالاستثناءات والتجاوزات، ولا يقدم الاعتبارات الفئوية على الاعتبار الأول والأهم والأبقى، وهو المواطنة، ولا يجعل للجميع من هدف أكبر وأعظم قدر مصلحة الكويت.
إننا لا ندعو إلى إعادة اختراع العجلة، بل نطالب بأن نلتزم جميعًا بما التزمت به كل الدول التي سبقتنا في هذا المضمار، والتي ترسخ القانون فيها بصورة تجعل من الالتزام به منهجًا لدى كل مواطنيها، وكان ذلك هو الطريق إلى التقدم والارتقاء، بعد أن أدركت أنه لا بديل للقانون سوى الفوضى والتمزق والضياع، وما ينطبق عليها، ينطبق علينا وعلى كل دول العالم، من دون استثناء واحد.