رحب عدد من أعضاء مجلس الأمة بما أعلنه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح عن انه سيتم إصدار سندات بالدينار قبل نهاية العام الحالي، لتمويل العجز في الميزانية الناجم عن هبوط أسعار النفط، وأكد الصالح أن الكويت لديها تشريع متعلق بإصدار السندات والصكوك، ولا حاجة لإصدار قوانين جديدة تتعلق بهذا الشأن، موضحا أن بنك الكويت المركزي لديه مساحة كافية لإصدار السندات والصكوك.
وكان الصالح قد أوضح أن الانخفاض الحاد والمفاجئ إلى حد كبير في أسعار النفط العالمية منذ يونيو من العام الماضي جاء ليسلط الضوء مرة أخرى على إحدى أبرز معضلات الموازنة العامة للكويت؛ فالأرقام اظهرت عجزا في الموازنة قدره 2.31 مليار دينار (7.6 مليار دولار) في السنة المالية الماضية المنتهية 31 مارس 2015، وهو أول عجز منذ 1999/ 2000.
وفضَّل رئيس اللجنة المالية البرلمانية فيصل الشايع اللجوء إلى السندات لسد العجز في الميزانية، مبينا أن العجز في الميزانية كان متوقعا، وسبق أن تعرضت له الكويت في عام ١٩٩٩ عندما وصل سعر برميل النفط إلى ٩ دولارات ووقتذاك اضطرت الحكومة إلى تكييش بعض الاستثمارات لسد العجز في الميزانية ونحن الآن نعيش المشكلة نفسها.
وقال الشايع: إنه قبل سنوات كان سعر البرميل ١١٠ دولارات، وكانت ميزانيتنا ٢٨ مليار دينار، ومع ذلك كان لدينا فائض، والآن سعر البرميل بحدود ٤٠ دينارا وميزانية الدولة بلغت ١٩ مليارا، فحتما يكون هناك عجز وتفاديه يحتاج إلى وصول سعر البرميل إلى ٧٠ دولارا. وتابع: وعموما تغطية العجز يكون عن طريق خيارين، إما اصدار سندات وإما الاقتراض والحصول على مبالغ مالية لسد العجز أو بيع استثمارات من الاحتياطي العام والحكومة حددت الطريقة المثلى لسد العجز، وعليها ان تحدد التكلفة على الدولة في حال الاقتراض كخطوة ثانية، كما أعلن الوزير الصالح، خصوصا أن هناك لجنة حكومية برئاسة وزير المالية شكلت لاختيار الخيار الأمثل لسد العجز.
بدوره أكد رئيس لجنة الأولويات البرلمانية الدكتور يوسف الزلزلة أن سندات الخزينة أحد الحلول لتغطية عجز الميزانية ويجب استخدامها إذا استمرت حال أسعار البترول بهذا الانخفاض الذي وحسب ما يبدو مستمرا بذلك، ما يجعل ألا مفر من استخدام سندات الخزينة والصكوك الإسلامية التي يجب تعديل القانون ليمكن منها.
وقال الزلزلة لـ «الخليج»: إن كان هناك قصور تشريعي يتعلق باستخدام السندات فإن على الحكومة التقدم بقانون لمعالجة الأمر، وإقرار القانون فور بدء دور الانعقاد المقبل.
في المقابل، قال النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران: إن السندات إحدى الادوات التي تستخدمها دول العالم جميعا في حالة مواجهة عجز المالية العامة، مستدركا أنه من المفروض ألا تلجأ الحكومة إلى السندات إلا بعد ثلاث سنوات على الأقل واستمرار انخفاض أسعار النفط، حيث ان الاحتياطي العام مملوء بالفوائض، مضيفا أنه على جانب آخر لا نشاهد أي جهود جدية للحكومة لتنويع مصادر الدخل، وهذا هو المفروض بها الآن بدلا من اللجوء إلى المعالجة بالسندات.
ولفت الجيران إلى وجود ملاحظات رئيسية على السندات كأداة لسداد الدين، لأنها ذات فوائد ربوية محرمة وتباع للمؤسسات والبنوك فقط، وليس الأفراد، مقترحا إصدار صكوك مرابحة قال إنها متوافرة في الدول الإسلامية، ويمكن للبنك المركزي إصدارها بالاستفادة من التجارب الأخرى، وفتح المجال حتى للمواطنين للاستفادة منها.
وذكر الجيران أن الناتج المحلي يحتاج إلى دعم وتعزيز لمكانته، وأن مشاريع التنمية العملاقة تحتاج إلى تغطية، ويتطلب الأمر سد العجز في الموازنة، مشيرا إلى أنه سيكون دعما للاقتصاد الوطني مشاركة القطاع الخاص في خطط التنمية من خلال تداول الشركات في السندات الحكومية، مردفا أن هناك مجموعة من الإيجابيات للسندات كما أن لها سلبياتها.
وأشار إلى أن أهم السلبيات تتمثل في أن العمل على إصدار السندات وتداولها يؤدي إلى تشجيع تداول الديون واعتبارها سلعة تباع وتشترى، وهذا يعني الفصل بين الديون من جهة، والنشاط الاقتصادي من جهة أخرى، وتقسيم العجلة الاقتصادية إلى عجلتين منفصلتين تماما كل منهما عن الأخرى، إحداهما للدوران النقدي والأخرى للدوران السلعي، بدلا من أن يجتمعا كل منهما مع الأخرى في عجلة واحدة.
وأضاف أن سلوك هذا السبيل فيه مخاطر مرتفعة تتمثل في الميل نحو عدم الاستقرار وزيادة التقلبات الاقتصادية، ودلل على ذلك بما حدث في الولايات المتحدة الأميركية، حيث لاتزال تعاني من تداعيات السندات التي خلفت أزمة الرهون العقارية، كما أن الجانب الشرعي يثبت أن السندات أداة تمويلية واستثمارية تمثل قرضا ربويا، يقترض فيها مصدرها من حاملها بفائدة مشروطة مقابل الأجل، وهذا عين الربا الذي حرمته الشريعة الإسلامية والذي يُعد مخالفة للمادة الثانية من الدستور، مضيفا أن فكرة الصكوك الإسلامية كبديل شرعي، فكرة رائدة تم تطبيقها في تركيا والإمارات والبحرين وماليزيا وثبت نجاحها.
وقال الجيران: إن من مزايا الصكوك الاستثمارية كونها استثمارا في أصول عينية ملموسة أو خدمات أو مشروعات، وتتبع قاعدة المشاركة في الربح والخسارة لا الفائدة الربوية، وأن تداولها يعتبر بيعا لأعيان موجودة أو منافع في الذمة لها قيمة مالية محددة، وليست كالسندات التي يقوم تداولها على تداول الديون، مضيفا أن هاتين الصفتين كفيلتان بتحريك الاقتصاد الحقيقي لا اقتصاد الديون الوهمي الذي يأكل الأخضر واليابس، وهو السبب في جميع الاهتزازات المالية العالمية.