فيما اكد عضو اللجنة التشريعية البرلمانية النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران الحرص على التعاون الحكومي ـ النيابي، استدرك بقوله «لكن في المستقبل لا أضمن التعاون إذا استمر أداء بعض الوزراء على هذه الصورة من تجاوز القانون وتمرير المصالح الخاصة وتجاهل ملاحظات ديوان المحاسبة». ورغم ملاحظاته على اداء بعض الوزراء لا يؤيد الجيران تقديم استجوابات، مبينا «باستقراء جميع الاستجوابات في المسيرة البرلمانية فإنه لم تنصلح الأمور بها، اللهم إلا بشكل جزئي وبسيط».
وعلق على اللجوء إلى السندات في مواجهة العجز بقوله: « السندات إحدى الادوات التي تستخدمها دول العالم جميعا في حالة مواجهة عجز المالية العامة، لكن من المفروض ألا تلجأ الحكومة إلى السندات إلا بعد ثلاث وسنوات»، لافتا إلى ان القول بحرمة السندات لن يتسبب في أزمة فقهية «بعدما استقر الرأي الفقهي المعاصر على تحريمها». وحول بدائل تنويع مصادر الدخل في ظل تراجع أسعار النفط، قال الجيران «البدائل والدراسات والأفكار موجودة، ولكنها على الرف فقط وتحتاج إلى توافق إرادتي المجلس والحكومة، ويبدو لي أن إرادة الحكومة ضعيفة واستجابة المجلس خجولة». وأكد انه ليست هناك شبهة دستورية في قانون منع الاختلاط… بل هو جاء متفقا مع الشريعة الاسلامية ومؤكدا للمادة الثانية من الدستور. وجدد رفضه للربيع العربي قائلا: «هذه أعداد المشردين والمهجرين والنازحين في منطقتنا تسجل أعلى نسبة منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن تتابع انهيار الجيوش العربية دليل آخر على حجم المؤامرة في هذا الربيع، ولم يتبق سوى الجيش الصهيوني في المنطقة». جاء ذلك في حوار مع «الخليج» هنا تفاصيله:
< بداية، ما توقعاتك لمستقبل التعاون الحكومي ـ النيابي مع اقتراب انطلاق دور الانعقاد الرابع أواخر شهر اكتوبر؟
ـ التعاون الحكومي ـ النيابي ظهر بوضوح في المجلس المبطل الثاني وفي هذا المجلس، ولكن في المستقبل لا أضمن التعاون إذا استمر أداء بعض الوزراء على هذه الصورة من تجاوز القانون وتمرير المصالح الخاصة والتلاعب بالعقود والمحسوبية في التوظيف وتجاهل ملاحظات ديوان المحاسبة.
< هناك من يطالب بتعديل حكومي موسع قبل بدء دور الانعقاد… ما رأيك؟
ـ أداء الوزراء ليس على درجة واحدة من حيث القدرة على مكافحة الفساد وتطبيق القانون وهذا يخضع لمدى تغلغل المتنفذين في مفاصل الوزارات والهيئات، وعلى هذا يمكن قياس أداء الوزير، فكلما قوي وجود أصحاب المصالح ضعف أداء الوزير والعكس بالعكس، ولكن نأمل أن يكون هناك وزراء أصحاب اختصاص ورجال دولة يحلقون بالوزارة لا أن تحلق هي بهم.
< وكيف ترى تلويح أكثر من نائب قبيل بدء دور الانعقاد الجديد باستجواب عدد من الوزراء منهم وزراء الشؤون والمالية والنفط والتربية والاشغال؟
ـ التلويح بالاستجواب رافق كل مجلس من المجالس بداية من تاريخ 11 يونيو 1963 الذي تقدم به العضو محمد أحمد الرشيد إلى وزير الشؤون الاجتماعية والعمل عبدالله مشاري الروضان بخصوص توزيع 30 قسيمة في منطقة العديلية بمساحة 1000 متر إلى آخر الاستجوابات المقدمة في دور الانعقاد الماضي، وفي تقديري أن الأهم ليس تقديم الاستجواب أو محاوره، ولكن ما الذي تم بعد تقديمه وما إذا انصلحت الأمور به وعادت المياه إلى مجراها الصحيح، وهذا هو الأهم في تقديري، ولكن يؤسفني أن اقول إنه باستقراء جميع الاستجوابات في المسيرة البرلمانية فإنه لم تنصلح الأمور بها، اللهم إلا بشكل جزئي وبسيط، وعموما فإن أكثر من نائب لوح بتقديم استجواب خلال دور الانعقاد المقبل وما يهمنا إصلاح الخلل وليس تقديم الاستجواب فقط.
< ما موقفك من خطة الحكومة بطرح سندات لسد عجز الموازنة؟
ـ إن السندات إحدى الادوات التي تستخدمها دول العالم جميعا في حالة مواجهة عجز المالية العامة، لكن من المفروض ألا تلجأ الحكومة إلى السندات إلا بعد ثلاث وسنوات على الأقل واستمرار انخفاض أسعار النفط حيث ان الاحتياطي العام مملوء بالفوائض، وعلى جانب آخر لا نشاهد أي جهود جدية للحكومة لتنويع مصادر الدخل وهذا هو المفروض بها الآن بدلا من اللجوء إلى المعالجة بالسندات. وهناك ملاحظات رئيسية على السندات كأداة لسداد الدين لأنها ذات فوائد ربوية محرمة وتباع للمؤسسات والبنوك فقط وليس الأفراد، مقترحا إصدار صكوك مرابحة قال إنها متوافرة في الدول الإسلامية ويمكن للبنك المركزي إصدارها بالاستفادة من التجارب الأخرى، وفتح المجال حتى للمواطنين للاستفادة منها.
< وكيف يمكن برأيك سد عجز الموازنة؟
ـ الناتج المحلي يحتاج إلى دعم وتعزيز لمكانته، ومشاريع التنمية العملاقة تحتاج إلى تغطية، ويتطلب الأمر سد العجز في الموازنة، وسيكون دعما للاقتصاد الوطني مشاركة القطاع الخاص في خطط التنمية من خلال تداول الشركات في السندات الحكومية، مردفا أن هناك مجموعة من الإيجابيات للسندات كما أن لها سلبياتها. ومن أهم السلبيات تتمثل في أن العمل على إصدار السندات وتداولها يؤدي إلى تشجيع تداول الديون واعتبارها سلعة تباع وتشترى، وهذا يعني الفصل بين الديون من جهة والنشاط الاقتصادي من جهة أخرى، وتقسيم العجلة الاقتصادية إلى عجلتين منفصلتين تماما كل منهما عن الأخرى، إحداهما للدوران النقدي والأخرى للدوران السلعي، بدلا من أن تجتمعا كل منهما مع الأخرى في عجلة واحدة. وسلوك هذا السبيل فيه مخاطر مرتفعة تتمثل في الميل نحو عدم الاستقرار وزيادة التقلبات الاقتصادية، والدليل على ذلك ما حدث في الولايات المتحدة الأميركية حيث لاتزال تعاني من تداعيات السندات التي خلفت أزمة الرهون العقارية، كما أن الجانب الشرعي يثبت أن السندات أداة تمويلية واستثمارية تمثل قرضا ربويا، يقترض فيها مصدرها من حاملها بفائدة مشروطة مقابل الأجل، وهذا عين الربا الذي حرمته الشريعة الإسلامية والذي يُعد مخالفة للمادة الثانية من الدستور، وفكرة الصكوك الإسلامية كبديل شرعي، فكرة رائدة تم تطبيقها في تركيا والإمارات والبحرين وماليزيا وثبت نجاحها.
< وما هي مزايا الصكوك كبديل للسندات؟
ـ من مزايا الصكوك الاستثمارية كونها استثمارا في أصول عينية ملموسة أو خدمات أو مشروعات، وتتبع قاعدة المشاركة في الربح والخسارة لا الفائدة الربوية، وأن تداولها يعتبر بيعا لأعيان موجودة أو منافع في الذمة لها قيمة مالية محددة وليست كالسندات التي يقوم تداولها على تداول الديون، وان هاتين الصفتين كفيلتان بتحريك الاقتصاد الحقيقي لا اقتصاد الديون الوهمي الذي يأكل الأخضر واليابس وهو السبب في جميع الاهتزازات المالية العالمية. وان الاقتصاديين ليسوا محلا للنظر في الحكم الشرعي الذي يجب ألا يصدر إلا عن حملته.
< هل يمكن القول ان السندات ستعد أزمة فقهية في حال اصرت الحكومة على إصدارها؟
ـ لا يعتقد أن القول بحرمة السندات سيعد أزمة فقهية بعدما استقر الرأي الفقهي المعاصر على تحريمها، والدليل على ذلك قرار لجنة الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي نص على حرمة السندات حتى لو كانت صادرة من الحكومة وعلى ما جاء من قول حاسم من مجمع الفقه الإسلامي الدولي والذي قضى بتحريم قاطع لها وهذا الاستقرار يدل على أن القول بحرمة السندات لا يعتبر أزمة فقهية. وإن عجلة الاقتصاد الكويتي يجب أن تدار بصورة صحيحة تأخذ في الاعتبار الجانب الشرعي وتتجنب الوقوع في المحرمات أو الشبهات إذ إن مراعاة قواعد الشريعة وأصولها كفيلة بزيادة الأموال ونمائها وكفيلة بحفظ أمن البلاد وسعادة البشرية.
< وما الذي يمنع السلطتين من البحث عن بدائل لتنويع مصادر الدخل في ظل تراجع أسعار النفط وزيادة عجز الموازنة؟
ـ البدائل والدراسات والأفكار موجودة ولكنها على الرف فقط وتحتاج إلى توافق إرادتي المجلس والحكومة والذي يبدو لي أن إرادة الحكومة ضعيفة واستجابة المجلس خجولة وهذا خطأ من الجانبين، لأن القرارات الاستراتيجية والمصالح العليا لا يمكن أن تنجح في مثل هذه الظروف، فهناك دول كانت تعاني أكثر من الكويت في مصادر دخلها، ولكنها تجاوزت ذلك بفضل الله ثم بصدق الرغبة في الإصلاح والتطوير وفي تقديري أن المرحلة الماضية شهدت شدا وجذبا ولكن الأمور الآن أهدأ ونأمل أن تتجه إلى صالح التطوير والتجديد.
< كيف تعاملت مع برنامجك لأسلمة القوانين في هذا المجلس فمن الملاحظ انك لم تتبن قوانين تتعلق بالمادة الثانية أو المادة 79 من الدستور؟
ـ بطبيعة الحال لا يمكن للنائب أن يقوم بكل شيء ولكن حسبنا ما قدمناه من قوانين تتعلق بأحكام الشريعة الإسلامية، وخاصة منها ما يتعلق بتعديل قانون الجزاء الذي يتلاءم مع أحكامها.
< هناك من طعن في دستورية قانون منع الاختلاط.. ماذا تتوقع؟
ـ ليس هناك شبهة دستورية في قانون منع الاختلاط بل هو جاء متفق مع الشريعة الاسلامية ومؤكدا للمادة الثانية من الدستور.
< ما رأيك في مشروع البديل الاستراتيجي للرواتب؟
ـ البديل الاستراتيجي قانون وطني من الطراز الأول وليس فيه أي مخالفة دستورية لكنه يحتاج إلى بيئة لتطبيقه وفي تقديري هذه البيئة غير موجودة، وموقف الحكومة في تقديري موقف خجول بالنسبة لهذا الاقتراح المهم، ولعل السبب في ذلك يعود إلى امرين وهما الاول ثقافة المجتمع الكويتي وما ينشأ عليه الاجيال، والثاني ضعف الاجهزة الحكومية عن تطبيق مثل هذا المشروع الطموح وضعف الكوادر الفنية والقيادات وكذلك التشريعات. وللاسف ثقافة المجتمع الكويتي لاتزال لا تقدر قيمة العمل ولا تهتم بالتطوير ولا متابعة التخصصات النادرة والمطلوبة، وهي اشبه ما تكون بثقافة الوجبات السريعة وهي الحصول على الشبع بأسرع وقت بغض النظر عن القيمة الغذائية التي حصلت عليها او الفائدة التي نالت منها وهذا بلا شك كفيل بفشل المشروع بل وقد يترتب عليه اثار عكسية لأنه يسبح عكس التيار عندنا في الكويت.
< لماذا طالبت بتعليق الانتخابات الطلابية؟
ـ انني اعلنت تأييدي لما ذهب إليه وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى بدراسة تعليق الانتخابات الطلابية ومنع الانحدار المتوالي بمنظومة التعليم، بعدما وقع من احداث مؤسفة في الانتخابات الاخيرة بالجامعة، لذلك يجب بالفعل تعليق الانتخابات الطلابية إلى حين الارتقاء بالمستوى التعليمي للطلبة، وهناك معطيات عدة تحتم هذا الاجراء ومنها وجود دخلاء خارج الجامعة لدعم قوائم معينة، والخطاب الطائفي والفئوي، وتأخر جامعة الكويت بالتصنيف العالمي، بالإضافة إلى ضعف مستوى التحصيل والالتزام بأوقات المحاضرات من قبل المسؤولين عن القوائم الطلابية، لذلك من الأفضل تعليق الانتخابات إلى حين تلافي هذه السلبيات ولا مانع من التعليق للصالح العام إن كان سيؤتي بنتائج ايجابية تصب في صالح الصرح الجامعي.
< ماذا تقول لمن يطالب بإجراء حوار وطني لتقوية الجبهة المحلية؟
ـ في تقديري تكرار المطالبة بالحوار الوطني اصبح مجرد استهلاك سياسي من البعض إذ إن جميع التيارات والأحزاب والفئات والجماعات والأفراد قالوا ما في جعبتهم ولم نجد فيه شيئا جديرا يستحق كل هذا الصراخ والمظاهرات، وهذا دليل على أنهم لا يملكون رؤى ولا تدرجا مرحليا ولا محافظة على المكتسبات.
< هل لاتزال عند موقفك الرافض لما يسمى «الربيع العربي»؟
ـ ليس أنا من رفض بمفرده الربيع العربي، فالعالم كله يرى ويسمع يوميا النتائج الكارثية لهذا الربيع بحق الإنسانية في منطقتنا العربية، وهذه أعداد المشردين والمهجرين والنازحين في منطقتنا تسجل أعلى نسبة منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن تتابع انهيار الجيوش العربية دليل آخر على حجم المؤامرة في هذا الربيع ولم يتبق سوى الجيش الصهيوني في المنطقة.