لا جدال في أن سلطنة عمان تشكل نموذجا متفردا، سواء على المستوى الخليجي أو العربي، أو حتى على صعيد الدول النامية بشكل عام، وهي نموذج جدير بالتأمل والدراسة في ميدان العمل السياسي والديبلوماسي، ونحسب أن جهودها واضحة ومثمرة أيضا تجاه معالجة أكثر من أزمة من أزمات المنطقة، وكذلك في ميدان الاقتصاد والتنمية والاستثمار، وهي تحقق أيضا نجاحات كبيرة جدا في مجال السياحة، ونحسب أنه ليس هناك خليجي واحد لم يزر السلطنة، أو على الأقل يحلم بزيارتها.
على هذا النحو تسعى سلطنة عمان إلى أن تقدم نفسها نموذجا متفردا كذلك في الممارسة الديموقراطية، فهي لم تحاول أن تقتبس نموذجا معينا للديموقراطية، سعت بعض دول المنطقة إلى أن تقفز إليه طفرة، فاحترقت بناره، وانطبق عليها القول المعبر الوارد في الحديث النبوي الشريف، أنها «لا أرضا قطعت، ولا ظهرا أبقت»، فتلك الدول لا هي حققت الديموقراطية، ولا هي حافظت على أمنها واستقرارها.
تفادت السلطنة كل تلك المحاذير والمخاطر، وراحت تحقق باقتدار، وبحكمة قائدها جلالة السلطان قابوس بن سعيد، نموذجها الرائع والهادئ لترسيخ الديموقراطية. وعندما يتوجه الناخبون العمانيون في الخامس والعشرين من الشهر الجاري إلى صناديق الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس الشورى، فإنهم يضعون في أذهانهم هذا الميراث العميق والثري من الحكمة والرؤية الصائبة والطموح المتعقل، لتطوير دولتهم والنهوض بها، كما يضعون نصب أعينهم أيضا ما دعا إليه مرارا جلالة السلطان قابوس، بضرورة أن يضطلع مجلس عُمان بشكل عام، ومجلس الشورى خاصة، بمهام ومسؤوليات أكبر وأشمل في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما نوقن بأن أبناء السلطنة – ناخبين ومرشحين – قادرون على إنجازه، عبر هذا الاستحقاق الديموقراطي المهم، لتظل السلطنة محتفظة بتفردها، ولتقدم درسا مهما للمنطقة وللعالم كله، بأن الديموقراطية لا تتعارض مع الاستقرار، بل إنهما صنوان متلازمان، لا غنى لأحدهما عن الآخر، وهو درس جدير بأن تعيه وتستلهمه كل دول المنطقة، عسى أن يسهم يوما في تكريس أمنها واستقرارها، وإنهاء الصراعات التي أدمت شعوبها سنوات طويلة.
مبروك للسلطنة الشقيقة عرسها الديموقراطي المرتقب، وإلى مزيد من النجاح والتوفيق في كل ميدان، بإذن الله.