كشفت تحقيقات الإدارة العامة للمباحث الجنائية عن أن أغلب الجرائم التي شهدتها البلاد أخيرا، خصوصا القتل، ناتجة من عمليات السلب بالقوة التي يمارسها العاطلون وأرباب السوابق ومدمنو المواد المخدرة ضد نوعية معينة من الوافدين، وفي مناطق معينة… لكن، ورغم ذلك، فإن التواجد الأمني بدرجة ضعيفة مقارنة بحجم الجرائم التي تقع في تلك المناطق، وخصوصا جليب الشيوخ.
«الخليج» ناقشت أسباب انتشار تلك الجرائم وكيفية وضع العلاج المناسب لها.
بداية أكدت مصادر أمنية أن أولى الخطوات الجادة التي تهدف إلى الحد من انتشار جرائم السلب بالقوة، التي انتشرت بصورة كبيرة خلال الآونة الأخيرة، هي تشكيل فرقة خاصة من رجال المباحث الجنائية، مهمتها مراقبة المناطق التي تكثر فيها جرائم السلب بالقوة، وضبط المتهمين الذين يوهمون ضحاياهم بأنهم رجال مباحث، وهم في الحقيقة مدمنو مخدرات وعاطلون عن العمل. وأكدت أن مناطق البلاد شهدت خلال الأشهر التسعة الماضية، منذ بداية العام الجاري 2015، وحتى نهاية سبتمبر الماضي، 600 جريمة سلب بالقوة، وأغلب الجرائم نفذت ضد وافدين آسيويين، وبعضها نتج عنه جرائم قتل.
وأوضحت أن إحصائية مركز الدراسات والبحوث للعام الماضي 2014، كشفت عن أن جرائم السلب بالقوة بلغت 700 جريمة، فيما بلغت 1012 جريمة في عام 2013، في حين بلغت 819 جريمة في عام 2012.
بدوره أكد المحامي دويم المويزري أن أحد اسباب انتشار هذه الجرائم في المجتمع انتشار العمالة السائبة في البلاد وقلة المراقبة جعلت هذه الجرائم تنشط، لافتا إلى أن من أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشارها توافر الظروف الخاصة بالسرقة وقلة العقوبات الرادعة.
وأشار إلى أن العقوبات التي أقرها المشرع في هذه الجرائم لا تقل عن 5 سنوات، منوها إلى أن المجرمين مع توافر اللباس العسكري عند بعض الخياطين وفي بعض الأسواق، مثل سوق الجمعة، أصبح من السهل الحصول عليه ومن ثم التحايل به على الضحية.
ولفت إلى أن الإحصاءات تشير إلى أغلب هذه السرقات تقع على بعض الجنسيات بعينها خاصة الجنسية الآسيوية لأنها جنسية لا تجيد في الغالب اللغة العربية.
بدوره قال المحامي مبارك المطوع: من أجل معرفة الأسباب والدوافع وراء انتشار هذه الجرائم في المجتمع لا بد من دراسة الأجواء العامة التي تحيط بنا، فقد تكون وسائل الإعلام المختلفة أو الأحداث العالمية التي تحدث من حولنا، مثل الحروب التي تقع من قبل بعض الدول القوية على بعض الدول الأخرى المستضعفة، وانتشار أخبار عن هذه الحروب.
ولفت إلى أن مثل هذه الحروب إذا كانت تقوم على أسس سليمة من أجل نصره الحق الضائع مثلا أو رفع الظلم عن بلد ما، سنجد أن هناك ارتياحا نفسيا في المجتمع، وشعورا عاما بالهدوء، بخلاف ما إذا كانت تقوم على باطل مثل ما يحدث اليوم من قبل القوات الإسرائيلية على الفلسطينيين، أو من أميركا على بعض الدول الأخرى الأقل قوة، أو ما يحدث في سورية، مشيرا إلى أن مثل هذه الأحداث وتلك الأخبار تشكل جوا عاما من خلال الإعلام أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة الأمر الذي يؤثر بدوره على رجل الشارع البسيط.
وتابع: إذا كان الكبار من هيئة الأمم نزولا إلى أقل الجهات يأكلون أموال الناس ويقتلون ويسلبون فما رد فعل الشخص البسيط؟ سوف يبيح لنفسه القيام بتلك الأفعال الإجرامية، وفي ظل سكوت العالم عن جرائم الاعتداءات العالمية التي تقع على الدول سيفكر الشخص العادي في الاعتداء على الآخرين، خاصة إذا كان المعتدى عليه أقل منه قوة.
وقال: سيستخدم المعتدي عضلاته لسلب الآخر وبكل قوة حتى تخرج الأوضاع عن السيطرة، ومن ثم تتحول جريمة السلب بالقوة إلى اعتداء بالضرب أو القتل، وفي هذه الحالة لن يجدي مع هذا الشخص أي كلام أو موعظة، ففي تلك الحالة المجرم مجرم، حتى ولو لبس لباس النبي، مشيرا إلى أن الذي يسرق ويفلت من العقوبة أكثر بكثير من الذين يلقى القبض عليهم في تلك الجرائم.
وأشار إلى أن مثل هؤلاء المجرمين يفضلون أن يلقى القبض عليهم ومن ثم الدخول إلى السجون لأن حياتهم في السجن أفضل وأقل عذابا من حياتهم خارج السجن، فالسجن بالنسبة لهم أصبح نوعا من التدليل بعيدا عن قسوة الحياة ومشقتها، وبذلك فقد السجن معناه الحقيقي في معاقبة المجرمين، خاصة أن المجرم في هذه الحالة يعيش في الخارج حياة من الفقر والعوز والحاجة أصعب ألف مرة من حياته التي يعيشها في السجن.