على الرغم من كل التحديات التي تواجهها مصر في الوقت الحالي، داخليا وخارجيا، فإنها تمضي بخطوات ثابتة نحو تحقيق الاستقرار المنشود، والذي حلم به الشعب المصري بعد سنوات من الاضطراب والفوضى، تداخلت فيها الأمور، وهرب المستثمرون المحليون والأجانب، وتراجعت معدلات السياحة، وأغلقت عشرات المصانع، وانتشرت البطالة، حتى تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم، فنجح في إعادة الدولة إلى سكة الإنجازات، وأعاد إليها الأمن والاستقرار، وبدأ سلسلة من النجاحات الكبيرة المتتالية.
ما فعله الرئيس السيسي أنه استنهض همم المصريين، وتحدث إليهم كأمة قادرة إذا أرادت أن تفعل المستحيل، وأنه لا شيء يقف أمامها، وهي التي بنت في القديم حضارة عظيمة، وعلمت الدنيا كلها مبادئ العلوم المختلفة، من طب وتحنيط وكيمياء وهندسة وعمارة وفلك وغيرها، فاستجاب له المصريون ووضعوا أيديهم في يده، ولبوا على الفور نداءه عندما دعاهم إلى التبرع لإقامة فرع جديد لقناة السويس، وقدموا من مدخراتهم عن طيب خاطر 60 مليار جنيه لهذا المشروع القومي الكبير.
وبالتوازي مع ذلك مضت مصر نحو استكمال خطوات «خارطة الطريق» التي توافقت عليها القوى السياسية في الثالث من يوليو 2013، فبعد وضع الدستور، والاستفتاء عليه قبل تولي السيسي الحكم، جرت الانتخابات الرئاسية، ثم ها هي مصر تستوفي تلك الخطوات بإجراء الانتخابات البرلمانية، التي تمت مرحلتها الأولى وأعلنت نتائجها الشهر الماضي، وتستكمل هذا الشهر بإجرائها في باقي المحافظات، لتكتمل بذلك المؤسسات الدستورية، وتتفرغ مصر – حكومة وشعبا – للاستحقاق الأهم والأكبر، وهو إعادة دوران ماكينة التنمية والاقتصاد والاستثمار، وما يستتبع ذلك من ضرورة التطوير والتحديث في كل المجالات، خصوصا التعليم والصحة والإسكان والطرق وغيرها.
ولدى الرئيس السيسي في هذه المجالات خطط طموحة، عبر عنها في أكثر من مناسبة، لعلها بحاجة إلى أن يعكف عليها الفريق الرئاسي ليخرجها في صورة رؤية متكاملة، وبرنامج عمل شامل يطرح على الشعب المصري، ويناقش في البرلمان، ليكون بدوره الأساس الذي يتوافق حوله الجميع، باعتباره إطارا يحكم عمل كل أجهزة ومؤسسات الدولة خلال الفترة المقبلة، وتتشارك فيها بالطبع مؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، ليصبح الشعب بكل فئاته شريكا في صناعة مستقبله.
ولا شك في أن ما قام به الرئيس عبدالفتاح السيسي أيضا من جولات خارجية خلال الفترة الماضية، قد أسهم بدور كبير في تنشيط وتفعيل علاقات مصر الخارجية بالكثير من دول العالم، وفي مقدمتها بالطبع دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى، وكذلك الدول الأوروبية الفاعلة، فضلا عن تحقيق رؤيته بضرورة الاتجاه شرقا لتعزيز علاقات مصر بدول جنوب شرق آسيا، لكي لا تظل مرتهنة لبعد واحد في العلاقات الدولية، وقد أثمر ذلك بالفعل الكثير من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية التي سيكون لها صداها الكبير وانعكاساتها الإيجابية على الاقتصاد المصري، خلال السنوات المقبلة.
ومن المؤكد أن مصر التي تملك الكثير من الإمكانات والثروات والكنوز، التي يقدرها العالم كله، ويعرف لها قدرها، وأنها على سبيل المثال تحوز نحو ثلثي آثار العالم، كما أنها تتمتع بالعديد من المصايف والمنتجعات السياحية الرائعة والتي يفضلها الكثيرون عن سواها في سائر مدن العالم الأخرى، لقادرة على أن تستعيد دورها الرائد، ومكانتها اللائقة، متخطية كل التحديات التي تواجهها، والتي لم تقهرها في القديم، ولن تستطيع أبدا قهرها، أو وقف مسيرتها الحديثة نحو التقدم والرقي وصناعة مستقبل واعد وزاهر.